الحريديم يشاركون في الحكم من أجل أهدافهم الفئوية والباقي كله غير مهم
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • قبل بضعة أيام، نُشرت عدة مقالات في الصحف التابعة للحريديم من أصول ليتوانية وحسيدية وسفاردية، تتحفظ عن الإصلاحات القضائية. للحظة، لمع بريق أمل في عيون بعض معارضي الإصلاحات. لكن قراءة معمقة للمقالات تثير الإحباط بشأن التغييرات القضائية، وهي محبطة أكثر بكثير إزاء كل ما يتعلق بإمكانية مشاركة الحريديم في تحمُّل العبء [المقصود المشاركة في الخدمة العسكرية الإلزامية] في يوم من الأيام.
  • خلال العقود الماضية، تعامل الحريديم مع المنظومة القضائية كعدو. وهو ما تم التعبير عنه بحدة عبر انعدام ثقة الحريديم بالمحكمة العليا. فبحسب مؤشر الديمقراطية لسنة 2022، إن 6% فقط من الحريديم يثقون بها. السبب هو قيام المحكمة العليا بإلغاء قانون عدم تجنيد الحريديم، وأيضاً عدة قرارات لها علاقة بقضايا الدين والدولة. لذلك، عندما تم تأليف الحكومة وطالب ليفين وروتمان بالدفع بالإصلاحات القضائية في المنظومة القضائية وجدا أن الحريديم شركاء متحمسون.
  • لكن حدث أمر ما غير متوقع - الاحتجاجات التي تركزت في بدايتها ضد الانقلاب القضائي، وبعد عدة أسابيع، تحول الاحتجاج إلى صحوة . الأغلبية الإسرائيلية التي تخدم - تدفع ضرائب - وتشارك في تحمُّل العبء، فهمت أن  المسألة ليست الصيغة الدقيقة لفقرة التغلب، بل كيف ستبدو إسرائيل.  الأغلبية الإسرائيلية استيقظت من سباتها الشتوي، وفهمت أنه لن يتبقى لها دولة بعد قليل.
  • هذا التحول غير المتوقع وضع الحريديم وسلوكهم في مركز الاهتمام. اكتشف الإسرائيليون مرة أُخرى أن الحريديم لا ينوون الخدمة في الجيش، وبالإضافة إلى ذلك، يحصلون على ميزانيات ضخمة تسمح لهم بالحفاظ على نمط حياتهم. الحريديم فهموا هذا متأخراً، ويحاولون تقليل الأضرار.
  • من بين جميع المقالات، فإن الأكثر إثارةً هو المقال الذي نُشر في صحيفة "يتد نئمان" التابعة للحريديم الليتوانيين؛ وكان عنوانه "من أجل يفني وحكمائها"، وهو يلخص بجمل قصيرة الرؤية الأساسية للحريديم. قراءة هذا المقال من الذين يحلمون في يوم من الأيام بمشاركة الحريديم في العبء الإسرائيلي، مثيرة للإحباط. الجملة المفتاحية التي تلخص علاقة الحريديم بالدولة اليهودية تقول إن "لا حل أمامنا إلاّ أن نتصرف في إسرائيل كما تصرّفنا في المنفى، وكما تصرّفنا في أيام المنفى بين الشعوب."
  • المقال يفصّل إلى أي حد لا يوجد لدى الحريديم اهتمام بأجهزة الدولة. في رأيهم، لا قيمة للديمقراطية. حتى أن المنظومة القضائية غريبة على الحريديم. عدم الثقة بها ليس ناجماً فقط عن عدائها للحريديم، بل لأنها لا تعمل وفقاً لقوانين التوراة. كل أحكام المحكمة العليا ليست شرعية، ونحن الحريديم، لا دخل لنا، إذا عملت بالطريقة هذه أو تلك.
  • وماذا يريد الحريديم فعلاً؟ إنها "يافني وحكماؤها": قبل خراب الهيكل بلحظة، هرب الحاخام يوحنان بن زكاي من القدس المحاصرة، ومثل أمام القائد العسكري الروماني أسبسيانوس الذي حاصر المدينة. وفي الوقت الذي كان من الواضح له أن خراب القدس قريب، طلب منه أن يترك نواة من الحاخامين الذين ساهموا في ظهور التوراة الشفهية.
  • لدى العودة إلى ذلك الحدث التاريخي، يقول الحريديم، عملياً، المقولة الأكثر إحباطاً: مصلحتنا، نحن الحريديم، واحدة ومركزية - وجود الجماعة وتلاميذ التوراة. البقية غير مهمة. لا الدولة، ولا أجهزتها، ولا قوانينها. ليس لدينا مسؤولية حيال الدولة. وليس لدينا التزامات إزاء المواطنين الآخرين. في نظرنا، هم أغيار - يهود، وبينهم نحن في المنفى.
  • الزيادة في حجم السكان الحريديم في المجتمع الإسرائيلي لا تدفع بالحريديم إلى تغيير رؤيتهم الأساسية. مَن يقرأ هذه الأمور يفهم أن الفئة التي ستشكل ثلث الإسرائيليين بعد وقت ليس بالطويل، لا تريد تحمُّل أي مسؤولية عن المجتمع والدولة. إنها شريكة في الحكم من أجل خدمة مصالحها الفئوية، ومن جانبها، فإن المنفى هنا أو هناك سيان. المهم أن تستمر الجماعة الحريدية في الازدهار.