عدم الحسم: استراتيجيا السقوط لنتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • في الأمس، نشر الصحافي يهونتان ليس في "هآرتس" وثيقة تلخص عقيدة بنيامين نتنياهو الاستراتيجية ("في الإمكان إنهاء معركة من دون حسم قاطع" "هآرتس"، 24/8). تشكل الوثيقة دليلاً آخر يكشف شخصيته التي نعرفها. من يحكمون على سلوكه في المعارك العسكرية، وفي طليعتهم أعداء إسرائيل، وصلوا إلى هذه الخلاصة منذ وقت طويل؛ ما دام نتنياهو في رأس هرم صنّاع القرارات، فلن تخوض إسرائيل معركة حاسمة، حتى لو قصف حزب الله بمئات الصواريخ رئاسة الأركان ومطار بن غوريون، وأطلقت "حماس" رشقات صاروخية على ديمونا وحتسريم [قاعدة جوية في بئر السبع].
  • لقد تحدى هؤلاء الأعداء الأمن في إسرائيل مراراً وتكراراً، وأنتجوا سلاحاً أصاب وسط البلد، وجعلوا حياة المواطنين في إسرائيل، لا سيما في الجنوب، غير محتملة، ولقد تجلى عجز هذا الشخص عن اتخاذ قرارات حاسمة أيضاً في مجال السياسة الداخلية، فهو دائم التردد حتى اللحظة ما بعد الأخيرة.
  • لقد انتظر سقوط الصواريخ على القدس ("في حارس الأسوار") وعلى مطار بن غوريون وبئر السبع. هذا الرجل لا يرغب في المبادرة إلى توجيه ضربة استباقية (فقد محا المصطلح من الوثيقة) ضد حزب الله حتى لو كانت هناك معلومات موثوقة بأن حزب الله يخطط لتدمير مركز قيادة الأركان (ومعها وسط تل أبيب)، والمطار الدولي الوحيد لإسرائيل. حتى لو وجهّ ضربة ثانية، فإنه لن يجعل لبنان دولة مدمرة كما حذّر يوآف غالانت. العالم لن يقبل (وكذلك المعارضة في الداخل) وسيدّعون أن حزب الله ليس لبنان، وما ذنب السكان المسالمين وحكومتهم المعتدلة.
  • رئيس الحكومة، الرجل المثقف الذي تعلّم النظريات العسكرية التقليدية، كتب أنه يتعين على الجيش "أن يقضي على قوة العدو بصورة قاطعة وبسرعة، من أجل إخراج الجبهة الداخلية من مدى الصواريخ... إخضاع العدو يجري عندما نحرمه القدرة على مواصلة القتال... وبذلك نُبعد الحرب المقبلة." إنها حرفياً سرقة أدبية عما كتبه يتسحاق بريك. ويمكن أن نتعلم كيفية تطبيق هذه العقيدة من كل جولة معركة خاضها نتنياهو.
  • على سبيل المثال، إن قرار خوض عملية "الجرف الصامد" [2014] اتخذه فقط بعد أن أطلقت "حماس" نحو ألف صاروخ على الجنوب، وبعد أن بلغ صراخ الناس عنان السماء. خلال المعركة التي استمرت 51 يوماً (وهي الأطول منذ حرب 1948)، كان الزعيم الذي "حُرم الرغبةَ في مواصلة القتال" نتنياهو، وليس يحيى السنوار. تحت قيادته، كانت إسرائيل (متعبة متذمرة ومحبطة) تستنجد مرة تلو الأُخرى بوقف القتال، في حين خرجت "حماس" المتمردة عبر السردية التي قدّمتها لنفسها وللعالم كمنتصرة. ولذلك، فإن ما جرى لم يبعد "الحرب المقبلة"، بل قرّبها.
  • عقيدة "عدم الحسم" تميز زعامة نتنياهو، والأصح القول افتقاره إلى الزعامة، على صعيد الأمن الداخلي، والدليل على ذلك عجزه عن مواجهة فيروس الجريمة في الشارع العربي. فقط الآن، وبعد أن أصبح السيف على رقبته، طالب بمشاركة الشاباك. حتى في الضفة الغربية، يتردد قبل أن يتخذ قراراً بعملية "تحرم العدو قدرتَه على مواصلة القتال.