كيف ننقذ السلام مع البحرين؟
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- تُعتبر زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي [إيلي كوهين] إلى مملكة البحرين هذا الأسبوع، الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي على هذا المستوى منذ 9 أشهر. والبحرين التي تحكمها عائلة مالكة سنيّة، وأغلبية السكان من الشيعة، تعيش عاصفة اجتماعية في أعقاب إضراب مئات الأسرى عن الطعام. وقد كان التعامل مع إسرائيل خلال الزيارة إيجابياً، لكن في الوقت نفسه، يتضح أن هناك تحديات ومصاعب يمكنها أن تجعل العلاقات تتدهور، إن لم نتغلب عليها.
- خلال زيارتي إلى البحرين قبل نحو شهرين، استقبلنا ممثلون للنظام بدفء وودّ. وعلى الرغم من ذلك، فإنه عندما ذهبت إلى العاصمة لزيارة المسجد الكبير - الفاتح، نصحني صديق بحريني بوضع قبعة فوق القلنسوة، بهدف تحاشي حادثة غير لائقة، وهو ما يشير إلى التخوف من مجموعات لا تزال تعارض التطبيع هناك.
- ويظهر من استطلاع للرأي العام أجراه معهد واشنطن أن ما يقارب الـ38% من البحرينيين أبدوا دعمهم للعلاقات التجارية مع إسرائيل، وفقط 23% اعتقدوا أن لـ"اتفاقيات أبراهام" تأثيراً إيجابياً في المنطقة.
- معطيات التجارة والسياحة المنخفضة أيضاً تشير إلى التحديات أمام تعميق العلاقات. فخلال الأشهر الـ7 الأولى من سنة 2023، لم يتعدّ التبادل التجاري بين إسرائيل والبحرين الـ8.3 مليون دولار فقط. صحيح أن الحديث يدور عن ارتفاع، مقارنةً بسنة 2022، إلاّ إن الأرقام لا تزال هامشية. وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وصل إلى البلد أقل من 1000 مواطني بحريني. هذا في الوقت الذي افتتحت شركة طيران البحرين 5 رحلات أسبوعية بين المنامة وتل أبيب. وسفارة البحرين في إسرائيل بصورة خاصة تعمل على بناء العلاقات، ومؤخراً، تم تفعيل التعاون بين المؤسسات الطبية.
- إن البحرين دولة صغيرة، لكنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلينا. انضمامها إلى "اتفاقيات أبراهام" حوّل الاتفاق مع الإمارات العربية المتحدة من حدث عيني إلى اتجاه إقليمي. وكدولة ذات أغلبية شيعية، وإرث في التسامح الديني، وجالية يهودية رسمية، يمكن للبحرين أن تكون جسراً للحوار بين الأديان.
- للبحرين علاقات خاصة مع السعودية التي يربطها بها جسر طوله 25 كلم. وتشكل مركزاً إقليمياً اقتصادياً، كما أن موقعها الجغرافي والمشاريع التطويرية الطموحة فيها، يوفّران الكثير من الفرص للشركات الإسرائيلية.
- إن أحد التحديات المركزية هو السماح للتجارة والمؤسسات البحرينية المعنية بالعمل مع إسرائيليين، لكنها تتخوف من الضغوط والمقاطعة. وعلى وزير الخارجية الطلب من القيادة العليا في البحرين منح دعمها العلني والفعال لمن يريد بناء علاقات مع إسرائيل، كي يتخطى حاجز الخوف. التوقيع المرتقب لاتفاق التجارة الحرة، سيساعد على الدفع بالعلاقات الاقتصادية قدماً، إلّا أنه سيكون من الصعب على الشركات الإسرائيلية إيجاد شركاء محليين، من دون إشارات إيجابية وواضحة من الأعلى.
- إن تعزيز السلام الدافئ بين الدول يستوجب زيارات متبادلة أكثر. كي يُسمح للبحرينيين بإرسال وفود أكثر إلى إسرائيل، يجب الوصول إلى تنسيق عالٍ بين الحكومتين بشأن هوية هذه الوفود ومضمونها، حتى تلك التي تصل إلى إسرائيل عبر منظمات مدنية. يجب أيضاً ضمان عدم تكرار التجارب السلبية التي عاشها الزوار من دول "اتفاقيات أبراهام" في المطار. وبعد تفعيل خط طيران شركة "طيران الخليج" البحرينية إلى تل أبيب، يريد البحرينيون أيضاً أن تفتتح الشركات الإسرائيلية خطوط طيران مباشرة بين الدولتين.
- لدى البحرين اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة، وكما أشرت سابقاً، فإنها تنوي توقيع اتفاق مشابه مع إسرائيل. يجب البحث في بناء علاقات ثلاثية بين البحرين وإسرائيل والولايات المتحدة في مجالات التجارة والصناعة والتكنولوجيا والاستدامة.
- إذا لم ننجح في التغلب على هذه العوائق في العلاقات مع البحرين، فيمكن أن نجد أنفسنا، بعد عدة أعوام، في وضعية سلام بارد، على غرار السلام القائم بين إسرائيل ومصر والأردن، أو سلام اقتصادي بالأساس، وكذلك السلام القائم بين إسرائيل وتركيا. إن زيارة وزير الخارجية هي فرصة مهمة جداً لإعادة العلاقات إلى السلام الدافئ، المتنوع والخصب.