هذا أكبر اختبار لنتنياهو... يجب أن يكون الجواب بنعم
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في اللحظة الأكثر تراجعاً في مسيرته السياسية، يقف نتنياهو أمام فرصة حياته. ليس هو الذي خلقها، بل هبطت عليه كنعمة من سماء واشنطن والرياض، ويعود إليه تحقيقها، أو إفشالها. إذا اختار الاحتمال الأول، فسيصحّح جزءاً من السجل التاريخي الذي يريد أن يتركه وراءه، والذي جرى تعطيله في السنوات الأخيرة. حينها، سيشمل إرث نتنياهو مساهمة مهمة لبلده. أمر يمكن أن يكفّر عن أخطائه وخطاياه، وربما أمام نتنياهو فرصة أخيرة للقيام بتصحيح جزئي. ويمكن الافتراض أنه يعرف ذلك، لكن من المؤكد أن نتنياهو 2023، شمشون الذي خسر جزءاً من أدواته، لا يزال قادراً على القيام بما هو مطلوب منه الآن كرئيس حكومة إسرائيلي.
  • الصفقة مع السعودية صفقة مشبوهة مع نظام مشبوه. دوافعها معقدة، والشركاء فيها مشكوك في أمرهم، وأفقها غامض؛ وأكثر من ذلك، هي طريق تلتف على فلسطين، مثل سابقاتها اتفاقات أبراهام. إذا جرى توقيعها، فسيُرمى الفلسطينيون مجدداً على قارعة الطريق، ينزفون، ويُترَكون لمواجهة مصيرهم، معزولين عاجزين. الأبارتهايد سينتصر عليهم. لكن الأبارتهايد انتصر عليهم منذ وقت طويل، مع الصفقة السعودية، ومن دونها.
  • الأبارتهايد سينتصر في جميع الأحوال، لأن إسرائيل تريده أن ينتصر. حتى السلطة الفلسطينية، على ما يبدو، تدرك أن لا جدوى من معارضة الصفقة، ومن الأفضل الحصول من خلالها على أكبر قدر ممكن من الفتات. لكن الامتناع من القيام بالصفقة بسبب الحرص على الفلسطينيين يُعَدّ مبالغة: فوضعهم ميؤوس منه، مع الصفقة، أو من دونها، وليس بسببها ينتصر الأبارتهايد.
  • يجب على نتنياهو تحقيق الصفقة بأي ثمن؛ نعم، بأي ثمن إذا كان يريد أن يترك وراءه إرثاً. إسرائيل تعرف دائماً كيف تقول لا عندما يتعلق الأمر باحتمالات تسوية سياسية، تماماً مثلما تعرف دائماً كيف تقول نعم عندما يتعلق الأمر باستخدام القوة العسكرية. إسرائيل اليمينية ستقول لا بسبب "تنازلات للفلسطينيين"، وإسرائيل اليسار - الوسط سبق أن قالت لا، بسبب النووي،  وعارضها يائير لبيد. وهذا يثبت أن معارضة التسويات السياسية في إسرائيل هي من اليمين، ومن اليسار أيضاً.
  • لن يكون هناك تنازلات جوهرية للفلسطينيين، ولن تحدث. قلق الحاكم السعودي على أشقائه الذين يعيشون تحت الاحتلال ينبع من القلب، لكنه يتحدث فقط عن "تحسين حياتهم"؛ باختصار، لا شيء. يريد بلده الحصول على النووي من أي مصدر في العالم، من باكستان، وحتى من روسيا، ومن الأفضل أن يكون من أميركا. لا حاجة إلى التذكير بأول دولة أدخلت النووي إلى المنطقة، وهي لا يمكن أن تكون الأخيرة، ولا تستطيع أن تعِظ الآخرين بعدم الحصول عليه. وحده نزع السلاح يمكنه تنظيف المنطقة من النووي، ومن التطلعات إلى الحصول عليه.
  • في المقابل، الاتفاق مع السعودية الذي يمكن أن ينعكس على دول عربية وإسلامية أُخرى، سيشجع على قبول إسرائيل لدى جيرانها. قبل 21 عاماً، قالت إسرائيل لا للمبادرة السعودية للسلام التي كانت شاملة وعادلة أكثر بكثير من الحالية. الآن، تقترح السعودية تطبيعاً بثمن زهيد، ولا يمكن رفضه.
  • هذا أكبر اختبار لنتنياهو. دوافعه ليست ذات صلة تماماً، مثل دوافع بن سلمان. الاختبار الوحيد هو اختبار النتيجة. وفي هذا الاختبار، يجب على إسرائيل أن تقول نعم لأي تسوية سياسية. التاريخ علّمنا أن له الأفضلية على البدائل الحربية. وهذا أيضاً اختبار للمعارضة. يجب عدم الاستهانة بالنضال ضد الانقلاب الدستوري، أو انتقاد نتنياهو لأنه أمضى إجازة في جدة. من الممكن الصراخ في كابلان [ساحة الاحتجاجات] وتعداد كل نواقص الحل، والنضال من أجل لجنة تعيين القضاة، والعودة إلى وصف نتنياهو بأنه "كذاب ابن كذاب" ولكن، يجب تأييد نتنياهو إذا قام بأي نوع من السلام.
  • كتبت في ملحق "هآرتس" أول أمس: "هذا هو زمن الحرب، حتى لو لم تكن حربي، يجب أن نتخذ موقفاً منها." وعندما يحين وقت السلام، حتى لو لم يكن سلامي، يجب أن تتخذ موقفاً، معه أو ضده، حتى لو كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.