العلاقات بين إسرائيل ومصر تصل إلى نقطة حرجة
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • مرّت العلاقات الإسرائيلية - المصرية بعدد غير قليل من الاضطرابات منذ توقيع معاهدة السلام في سنة 1979، ومنها حروب لبنان، وصعود الإخوان المسلمين إلى السلطة في أعقاب الربيع العربي في سنة 2011، والحملات العسكرية التي نفّذها الجيش الإسرائيلي في غزة، وغيرها. إلا إن الحرب الحالية الجارية بين إسرائيل و"حماس"، تمثل اختباراً جديداً للعلاقات بين إسرائيل ومصر، ذلك بأنها تنطوي على احتمالات لتدهور العلاقات بين البلدين.
  • بصورة عامة، توجد مصلحة واضحة تربط مصر بإسرائيل: تحطيم القدرات العسكرية لكلٍّ من حركتيْ "حماس" والجهاد الإسلامي؛ وإن كان في الإمكان، إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.  هذا الهدف، يلاقي دعماً من عدد غير قليل من الدول السّنية في الإقليم، حتى في أيام الهدوء. لقد قام نظام السيسي، كما هو معروف، بتهشيم حركة الإخوان المسلمين - التي انبثقت حركة "حماس" منها - إذ قام بإخراج حركة الإخوان عن القانون. ولم يكن وليد صدفة عدم تدخُّل مصر في حملة "الجرف الصامد" سنة 2014، كما عملت مصر أيضاً على إغلاق أنفاق التهريب الخاصة بـ"حماس"، على الرغم من أنها لم تنفذ ذلك بصورة محكمة، على ما يبدو.
  • وعلى الرغم مما تقدم، فإن الحرب الحالية تضع مصر أمام ثلاثة تحديات، لم تواجه بعضها على الأقل قبل هذا التاريخ، وبكل تأكيد، لم تواجهها بهذه الحدة. يتمثل التحدي الأول في الخشية من أن الآلاف من الفلسطينيين، وربما أكثر (من أصل 2.2 مليون نسمة)، سيرغبون في الفرار من القطاع في اتجاه سيناء، من خلال معبر رفح. وعلى الرغم من أن المعبر مغلق الآن، فإنه سيكون من الصعب على مصر منع مرور الآلاف إذا قاموا بالفرار في اتجاه المعبر، وذلك نتيجة الأزمة الإنسانية في غزة. يتذكر المصريون جيداً كيف أن آلاف الفلسطينيين قطعوا، وسط الذعر، الطريق نحو سيناء سنة 2008، بعد فترة قصيرة من استيلاء "حماس" على غزة، والنقص في المياه والوقود الذي ساد آنذاك. إن التصريحات غير الرسمية الصادرة عن إسرائيل، والتي تدعو الفلسطينيين إلى الهروب إلى سيناء، قوبلت بقلق وغضب في مصر، وهو ما أدى إلى صدور نفي رسمي لهذه التصريحات عدة مرات من إسرائيل. لقد أوضح السيسي وحكومته بأنهم لن يسمحوا بالمساس بالأمن القومي المصري، أو بالحدود السيادية لمصر، على الرغم من أن الأمر، ومن دون شك، يقضّ مضاجعهم. وتفيد مصادر مصرية بوجود خوف من أن يتم طرح أفكار في الغرب بشأن توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء. وفي هذه الأثناء، رفض المصريون طلبات أميركية باستيعاب الفلسطينيين الآتين من قطاع غزة.
  • يتمثل التحدي الثاني في مكانة ودور مصر في الأزمة الراهنة. تنظر مصر إلى نفسها، بصورة تقليدية، بصفتها الجهة التي يليق بها القيام بدور الوساطة بين إسرائيل و"حماس"، بسبب القرب الجغرافي والدور التاريخي المصري في المسألة الفلسطينية. إن مصر، برئاسة حسني مبارك سنة 2009، وفي عهد محمد مرسي سنة 2012، وخلال ولاية السيسي في سنة 2014، قامت بدور مهم في الوساطة والتوصل إلى وقف إطلاق النار في حملات "الرصاص المصبوب"، و"عمود السحاب"، و"الجرف الصامد"، لكنها اضطرت إلى أن تقبل، على مضض، شروع قطر في أداء دور نشط في الوساطة منذ سنة 2014، وخصوصاً في مجال تدفّق الأموال إلى حركة "حماس" من خلال إسرائيل. والآن، تجد مصر نفسها مجدداً أمام إمكانية تدخُّل دول أُخرى، كقطر وتركيا، وربما دول خليجية أُخرى، في الدور التاريخي المصري، وهكذا تتلقى صورة مصر القيادية، الآخذة في التضاؤل في العالم العربي، ضربة أُخرى.

الضغط الشعبي داخل مصر سيزداد

  • يتمثل التحدي الثالث في حاجة النظام إلى تهدئة الرأي الشعبي المساند للفلسطينيين، حتى لو لم تكن تلك المساندة موجهة إلى حركة "حماس" بصورة محددة. وهكذا، ومع تفاقُم الأزمة الإنسانية في غزة، سيتواصل ارتفاع الأصوات داخل مصر (وداخل العالم العربي عموماً)، الداعية إلى التدخل، وربما تعليق العلاقات مع إسرائيل، لا بل قطعها.
  • إن تدهور العلاقات بين البلدين، يمكن أن يتطور في اتجاهات عدة، وتدريجياً: أولاً، صدور تصريحات غير مسؤولة من الجانب الإسرائيلي، على غرار نصيحة وزير التربية الإسرائيلي يوآب كيش بالخروج من غزة إلى مصر. وثانياً، نشر معلومات غير واضحة المصادر، على غرار الخبر الذي يقول إن مصر حذرت إسرائيل من هجمة "حماس"، وهو خبر تم نفيه في هذه الأثناء من جانب جهات رسمية في مصر. وثالثاً، تفضيل وسيط عربي آخر على الوساطة المصرية؛ وفي النهاية، وهو الأهم، التدهور في الحالة الإنسانية في غزة، وهو ما سيؤدي إلى ضغط من الأسفل على النظام، لاتخاذ خطوات ضد إسرائيل.

يجب أن يتم التنسيق مع السيسي

  • تمثل العلاقات مع مصر حجر الزاوية في علاقات "إسرائيل" بالإقليم الشرق الأوسطي، ولذا، فإن خطواتها يجب أن تكون بالتنسيق الهادئ مع مصر، بواسطة جميع منظومات الارتباط التي تم ترسيخها في الماضي. إن تدهور العلاقات ما بين إسرائيل ومصر قد يضرّ أيضاً بعلاقات إسرائيل بدول عربية معتدلة أُخرى، ويخلق عائقاً كبيراً بشأن حيّز العمل المتاح لإسرائيل في غزة.