ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن جندياً إسرائيلياً قُتل، وأصيب 9 جنود آخرين بجروح في اشتباكات عنيفة مع مسلحين فلسطينيين وقعت في مخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين، بالقرب من طولكرم في الضفة الغربية أول أمس (الخميس).
وأضاف البيان أن ما تسبّب بمقتل الجندي وإصابة الجنود الآخرين هو إلقاء عبوة ناسفة على قوة من الجيش الإسرائيلي قامت باقتحام المخيم من أجل اعتقال مطلوبين، وذلك في إطار حملات اعتقال واسعة يقوم بها الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الإسرائيلية منذ الهجوم المفاجئ الذي شنّته حركة "حماس" في مستوطنات "غلاف غزة" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الحالي. وأشار البيان إلى اعتقال ما لا يقل عن 10 مطلوبين من المخيم في ختام العملية.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن إسرائيل قامت خلال عملية الاقتحام هذه بشنّ غارة على مخيم اللاجئين بواسطة طائرة مسيّرة، وهو ما أسفر عن مقتل 12 فلسطينياً. وأضافت أن 3 فلسطينيين آخرين قُتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي في اشتباكات وقعت في ذلك اليوم في أماكن أُخرى في الضفة الغربية.
ووفقاً لبيان الناطق العسكري الإسرائيلي، اشتبكت قوة من الجيش الإسرائيلي مع مسلحين فلسطينيين في المخيم، ودمرت عدة عبوات ناسفة كانت مُعدّة للاستخدام ضد الجيش. وقال البيان إنه تم شنّ غارة الطائرة المسيّرة، بعد اكتشاف وجود خلية مسلحة بالقرب من القوة الإسرائيلية.
وشهد يوم أول أمس أيضاً قيام الجيش الإسرائيلي بهدم منزل أحمد ياسين غيدان في قرية قبية في وسط الضفة الغربية، وهو المشتبه فيه بأنه عضو في حركة "حماس"، وبقتل جندي إسرائيلي بعد إطلاق النار عليه بالقرب من مستوطنة "أدوميم" يوم 6 تموز/يوليو الماضي، قبل أن يُقتل برصاص قوات الجيش.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى إن مناطق الضفة الغربية شهدت في الأيام الأخيرة تصعيداً في الاشتباكات بين قوات الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين، وكذلك العديد من محاولات تنفيذ هجمات فلسطينية. وبحسب هذه المصادر نفسها، على الرغم من أن الاهتمام ما زال منصبّاً، إلى حد كبير، على منطقة الحدود مع قطاع غزة ولبنان، فإن التوترات تصاعدت في الضفة الغربية إلى حد كبير، منذ زحف الآلاف من مسلحي حركة "حماس" من غزة إلى جنوب إسرائيل، في يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، وقتل نحو 1400 إسرائيلي، وقيام إسرائيل بشنّ حرب على القطاع. ودعت "حماس" الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الانتفاض ضد إسرائيل.
وشهدت ليلة الثلاثاء الماضية اضطرابات واسعة في الضفة الغربية ترافقت مع غضب الفلسطينيين في أعقاب انفجار مميت في مستشفى المعمداني الأهلي في غزة، والذي حمّلت "حماس" إسرائيل المسؤولية عنه، فخرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع في جميع أنحاء الضفة الغربية للاحتجاج على الانفجار. وأطلقت قوات أجهزة الأمن الفلسطينية في رام الله الغاز المسيل للدموع على متظاهرين طالبوا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالتنحي عن منصبه لعدم دعمه الكافي لحركة "حماس". وأظهرت مقاطع فيديو بعض المتظاهرين، وهم يهتفون "الشعب يريد إسقاط الرئيس".
في سياق متصل، أعلن الجيش الإسرائيلي أول أمس أن قواته اعتقلت 524 مطلوباً فلسطينياً في أنحاء الضفة الغربية، بينهم أكثر من 330 ينتمون إلى "حماس"، منذ بدء الحرب في قطاع غزة. وفي الأسبوع الماضي، قالت هيئات أممية إن الأسبوع الأول من القتال في غزة كان الأسبوع الأكثر دمويةً للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ سنة 2005، حين قُتل 55 فلسطينياً في مواجهات مع القوات الإسرائيلية، وفي مداهمات اعتقال وهجمات نفّذها مستوطنون يهود.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن ما لا يقل عن 81 فلسطينياً من الضفة الغربية قُتلوا على أيدي قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
كما أشارت مصادر فلسطينية إلى أنه منذ ذلك اليوم، شدّدت القوات الإسرائيلية قبضتها على الضفة الغربية، وأغلقت المعابر المؤدية إلى المنطقة والحواجز بين المدن، وادّعت أن هذه الإجراءات تهدف إلى منع وقوع هجمات. في المقابل، يؤكد الفلسطينيون أن هذه الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية لم تؤدّ إلّا إلى زيادة عدم وضوح الخط الفاصل بين قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين الذين يقومون بأعمال عنف في المدن والبلدات الفلسطينية.
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أعلن، ردّاً على هجوم "حماس"، أن وزارته ستقوم بتوزيع 10.000 قطعة سلاح، فضلاً عن معدات قتالية وسترات واقية وخوذات، على مَن وصفهم بأنهم مدنيون إسرائيليون، مع التركيز بصورة خاصة على سكان المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين، اتُّهم المستوطنون بإطلاق النار على فلسطينيين، وهو ما أدى إلى سقوط قتلى في عدة حالات.
وفي الشهر الماضي، قالت منظمات تابعة للأمم المتحدة، تعمل في الضفة الغربية، إن 1100 فلسطيني نزحوا بسبب عنف المستوطنين في العام الفائت، وأضافت أنه خلال الأيام القليلة الماضية فقط، تم تهجير 200 إلى 300 فلسطيني على أيدي مستوطنين مسلحين. وبحسب ما أكدت، تأتي هجمات المستوطنين، في معظمها، من بؤر استيطانية تم إنشاؤها من دون تصريح من الحكومة، لكنها محمية من الجيش الإسرائيلي.