على خلفية الدفعة الأولى من صفقة المخطوفين، إسرائيل تخطط للمعركة المقبلة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • ... في الشرق الأوسط، لا توجد تواريخ مقدسة، ولا ساعات. يجب ألّا ننسى مَن هو الشريك في الصفقة، إنه يحيى السنوار الذي من الصعب الاعتماد على وعوده. من الواضح تماماً أن لديه هدفين من المفاوضات: إطالة أمد وقف إطلاق النار، على أمل عدم تجدُّد القتال، والتسبب بالأذى النفسي للجمهور الإسرائيلي
  • في الأمس، عقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بني غانتس مؤتمراً صحافياً، شرح فيه الاعتبارات التي أدت إلى تأييد الصفقة التي من المفترض، في إطارها، استعادة 50 مخطوفاً من النساء والأولاد. لقد استغل نتنياهو وغالانت المناسبة من أجل إطلاق التهديدات ضد كبار مسؤولي "حماس". من الواضح للجمهور الإسرائيلي أن اغتيال هؤلاء المسؤولين في القطاع، أو خارجه، هو هدف ثانوي للمعركة، وأن تحقيقه قد يستغرق أعواماً، بعد انتهاء الحرب الحالية.
  • لقد سبق أن قال نتنياهو في الماضي إن هذه المهمة أُوكلت إلى الموساد. لكن هل كان هذا الوقت مناسباً لمثل هذا الكلام، بينما قطر، التي تستضيف عدداً من كبار قادة "حماس"، هي الوسيطة المركزية في الصفقة. ويثير توقيت هذا الكلام تساؤلات في وقت وجود رئيس الموساد ديفيد برنيع ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين نيتسان ألون في الدوحة، من أجل تنفيذ الصفقة.
  • في الأمس، نشرت الواشنطن بوست تحقيقاً، جاء فيه أن الإدارة الأميركية تأمل أن يؤدي وقف إطلاق النار المتعلق بالصفقة (مدته 4 أيام قابلة للتمديد إلى يوم إضافي في مقابل كل عشرة مخطوفين إضافيين تُطلقهم "حماس")، بالتدريج، إلى طريق للخروج من الحرب. ديفيد أغناتيوس، المحلل الأمني في الصحيفة، كتب أن المشاركين في الصفقة يعرفون صيغة المفاوضات "الأكثر في مقابل الأكثر".
  • مصدر رفيع المستوى قال لأغناتيوس إنه لا توجد حدود زمنية لوقف إطلاق النار، إذا استمرت "حماس" في إطلاق كل المخطوفين، وبينهم الجنود. وقال المصدر إن "حماس" نفسها تحتفظ بـ50 امرأة وطفلاً، ويمكن أن يُضاف إلى هذا العدد 20 آخرين. هو لم يتحدث عن مصير 30 مخطوفاً آخرين موجودين في القائمة، الذين طلبت إسرائيل إطلاق سراحهم أولاً، والموجودين لدى الجهاد الإسلامي وتنظيمات صغيرة و"عصابات إجرامية".
  • المجلس الحربي ورؤساء المؤسسة الأمنية غيّروا آراءهم بشأن صفقة جزئية في بداية الأسبوع الحالي. فجر يوم الأربعاء، صوّتت الحكومة مع الموافقة على الصفقة. ويعود التغيُّر إلى موقف الجمهور الإسرائيلي الذي يبدو أن صرخة عائلات المخطوفين أثارت تعاطفاً كبيراً في أوساطه، ومن دون التخفيف قليلاً من معاناة هذه العائلات، سيكون من الصعب تجنيد التأييد للخطوة العسكرية.
  • لكن من المنتظر الآن مرحلة حساسة. فرضية العمل أنه إذا خرجت الصفقة إلى حيز التنفيذ، وجرت استعادة 50 مخطوفاً، فمن المنتظر حدوث نوع من الارتياح الجماعي مع عودة قسم من النساء والأطفال. لكن ثمة شك في أن هذا ما سيجري، فعلى الأرجح، ستفرّق "حماس" بين العائلات، وسيبقى الآباء في الأسر، بالإضافة إلى أشخاص قُتلوا في إسرائيل، وخُطفت جثثهم، أو أشخاص ماتوا في الأسر.
  • بالإضافة إلى ذلك، لا أحد يعرف أوضاع المخطوفين في ظل الفوضى التي تسود غزة، وكيف يجري التعامل معهم. ومن المحتمل، بعد اتضاح الصورة، أن يكون موقف الجمهور الإسرائيلي أكثر صلابةً في مطالبته بحرب لا هوادة فيها ضد "حماس".
  • يتقاطع هذا مع تصريحات الثلاثي نتنياهو - غالانت وغانتس، والكلام الذي يقوله رئيس الأركان هرتسي هليفي. ففي حديث له مع قادة الألوية في الفرقة 36 في داخل قطاع غزة، أعلن هليفي: "سنواصل حتى النصر، وسنمضي قدماً، ونتقدم نحو مناطق أُخرى". وقبل سريان وقف إطلاق النار، واصل الجيش الإسرائيلي تحرُّكه في شمال غزة، وفي مخيم اللاجئين جباليا، وحيّ الزيتون في شرقي مدينة غزة. ولم تدخل القوات بعد إلى حيّ الشجاعية، المعقل المركزي الأخير لـ"حماس" في المنطقة. لقد أعاد الجيش هذا الصباح نشر قواته في شمال القطاع، كي يسمح لها بالدفاع عن نفسها بصورة جيدة خلال وقف إطلاق النار. قسم من جنود الوحدات، سُمح له بالراحة في الجزء الإسرائيلي من السياج...
  • توقُّف القتال، سيسمح للجيش الإسرائيلي بتحضير خطوته الهجومية الجديدة في جنوب القطاع. حتى الآن، هناك إجماع في القيادتين السياسية والأمنية على عملية برية كبيرة هناك (بالاستناد إلى التقارير، فإن كبار قادة "حماس" موجودون في منطقة خانيونس). مثل هذه العملية يمكن أن يستغرق شهوراً، وهي تواجه صعوبتين. الصعوبة الأولى، هناك تتركز كل القدرات العسكرية لـ"حماس"، والتي لم تتضرر. وثانياً، توجد في الجنوب كثافة سكانية كبيرة، نحو مليوني نسمة، بعد تقديرات بشأن بقاء أقل من 80 ألف فلسطيني في شمال القطاع. يتحدث الجيش عن دفعهم إلى منطقة آمنة في داخل الجزء الجنوبي، لكن ليس واضحاً ما إذا كان هذا ممكناً.
  • هناك سيناريو آخر، هو أن تعرب الولايات المتحدة عن تأييدها للرد الإسرائيلي، وتتعامل مع وقف إطلاق النار كأمر موقت، يمكن أن يعود الجيش إلى العمل بعده. لكن إدارة بايدن تتحفظ عن سير العملية العسكرية في جنوب القطاع - ولا تزال مصدومة من رفض نتنياهو الشديد مناقشة سيناريوهات اليوم التالي. بمرور الوقت، من المحتمل أن تكون النتيجة زيادة الضغط على إسرائيل لمنعها من القيام بعملية واسعة النطاق في جنوب القطاع. وما يراه الأميركيون مختلف تماماً عن الخطة التي يعدّها الجيش الإسرائيلي. فالأميركيون ينتظرون خفض عديد القوات الإسرائيلية في شمال القطاع، وإنشاء منطقة أمنية عازلة، يُمنع فيها إطلاق النار على طول الحدود، منعاً باتاً، وربما توغلات محدودة للجيش في شمال القطاع فقط.