كان في الإمكان تحريرهم قبل شهر، لكن الجمهور لم يكن مستعداً لسماع ذلك
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تنفُّس الصعداء الجماعي الذي شعرنا به مع وصول الدفعة الأولى من المخطوفين، زاد في الإدراك أن الشكوك في زمن الحرب إزاء موضوع حساس، مثل المفاوضات لإعادة المخطوفين، هي أمر حيوي، وربما صحي، فكم بالأحرى عندما يتعلق الأمر ببنيامين نتنياهو.  في المؤتمر الصحافي الثلاثي الذي عُقد يوم الأربعاء، أكد نتنياهو ووزير الدفاع غالانت أن الضغط العسكري حسّن شروط الصفقة، ولذلك، هي تُنفّذ في التوقيت الصحيح. أي أن إسرائيل حققت أفضل الممكن، من دون زيادة في معاناة المخطوفين، ومن دون تعريضهم للخطر.
  • لكن قبل شهر، ذكرت "الوول ستريت جورنال" في تقرير لها، أن إسرائيل رفضت صفقة مشابهة جداً لتحرير هذا العدد من المخطوفين، في مقابل الوقود والمساعدة الإنسانية. لكن إسرائيل، يومها، أصرت على أن إدخال الوقود إلى القطاع، لن يكون إلا في مقابل إطلاق كل المخطوفين. في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، نشرت "الغارديان" أن "نتنياهو رفض وقف إطلاق النار، في مقابل إطلاق مخطوفين"، وذلك بعد وقت قليل على هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقبل الدخول البري. وقالت هذه المصادر إن نتنياهو عارض، حينها، أي اقتراح لوقف إطلاق النار، بينما كانت "حماس" مستعدة، وفقاً لكلامهم في مفاوضات جرت قبل الدخول البري - لإطلاق سراح عدد أكبر كثيراً من المخطوفين. وشملت الصفقة الأساسية نساءً وأطفالاً ومسنين، وضعهم الصحي صعب. لكن إسرائيل رفضت الاقتراح بسبب بدء المناورة البرية.
  • يتضح اليوم أن مسؤولي المؤسسة الأمنية ومجلس الحرب غيروا رأيهم، والصفقة التي تحققت الآن ليست مختلفة كثيراً عن تلك التي رفضتها إسرائيل قبل شهر. ونحن مضطرون إلى أن نسأل: هل من سبب منطقي لإبقاء الأطفال شهراً كاملاً في الأنفاق؟ وخلال هذه الفترة، 3 مخطوفين توفوا، أو قتلوا، وخطر تدهور وضعهم الصحي والنفسي كبير، وقبل كل شيء، مدة شهر هي وقت طويل جداً للبقاء في الأسر، وبالنسبة إلى الأطفال الصغار، يبدو لا نهاية له.
  • حتى لو كان نتنياهو مسؤولاً عمّا حدث في يوم السبت الملعون، وعن الأحداث بحد ذاتها، وعن الطريقة التي تعمل الحكومة وفقها منذ ذلك الحين، لكن لا يمكن اتهامه وحده بهذا الرفض الإجرامي، بل يشاركه في ذلك غالانت وبني غانتس، ليس فقط لكونهما شريكين في اتخاذ القرارات، بل أيضاً لموافقتهما على هذا المنطق في التوجه. كما أن أغلبية الجمهور أيضاً شريكة في ذلك. إن الفارق بين الصفقة التي وُضعت حيز التنفيذ، وبين الصفقة التي رُفضت قبل شهر، هو نضج الجمهور الإسرائيلي. كان يجب التوصل إلى توازُن مناسب بين حاجة الجمهور الإسرائيلي إلى رؤية غزة مدمرة، والتأكد من أن أهلها يعانون جرّاء العطش والجوع (وهم على حافة كارثة إنسانية)، والاقتراب من رؤية القضاء على "حماس"، وأيضاً يؤلمني القول، الوصول إلى هذا العدد من القتلى الفلسطينيين، وبين مشاعر الغضب والإحباط الكبيرَين وسط عائلات المخطوفين، وبالتالي زيادة التأييد لنضالهم.
  • بمعنى آخر، إن التوقيت الصحيح الذي تحدث عنه المسؤولون الثلاثة في مؤتمرهم الصحافي، والذي سمح بخروج الصفقة إلى حيز التنفيذ كان بفضلنا نحن.  فجأة، صار في الإمكان الحديث، كما قال نتنياهو، عن السيف المصلت على رقاب المخطوفين، وأن مرور الزمن يزيد في الخطر على سلامتهم. ومن المهم أن ندرك أنه لا يزال هناك عدد كبير من المخطوفين، وأن المفاوضات بشأن الرجال والجنود والجنديات لم تبدأ بعد. فإذا كان إطلاق النساء والأطفال أدى إلى اندلاع هذا الجدل القوي، فيمكننا أن نقدّر ما الذي كان سيجري عندما يحين دور بقية المخطوفين.
  • إن جوهر الحديث عن تسوية مع "حماس" يؤذي الكرامة الشخصية لأنصار اليمين في الأساس. هم يجدون صعوبة في فهم أننا في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، هُزمنا، وأن يحيى السنوار هو الذي يفرض الشروط. حتى نتنياهو وغالانت يريدان تطهير نفسيهما من خلال التصريحات الهجومية والحديث عن "نصر عسكري". لكن يتعين على الجمهور أن يدرك بسرعة أننا لن نخرج منتصرين من هذه الكارثة. السبيل الوحيد أمامنا هو استعادة جميع المخطوفين، حتى آخر واحد بينهم. وهذا لن يكون انتصاراً، لكنه سيريح النفوس قليلاً.