يجب طرد بائع الأحلام
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • يمكننا الحديث عن صورة انتصار منذ الآن. لأننا لن نشهد نصراً أكبر من ذلك في غزة. حتى لو قتلنا عدة آلاف من الغزيين، ودمرنا مئات الأنفاق، وقدمنا رأس السنوار على طبق من فضة، فإن الواقع الناشىء في غزة هو "كأس النصر" الذي سنظل في مواجهته. يمكننا الاستمرار في التخبط بشأن كيفية تحديد وضع "حماس"، "مسحوقة"، "منهكة"، أو "مهزومة"، لكن التهديد الكبير الذي سيحل محل "حماس" موجود الآن. يوجد في غزة مليونا شخص مستعدون أكثر للانفجار، لأن ليس لديهم ما يخسرونه، ولأنه من الصعب هزيمة السكان في غزة أكثر مما فعلناه. ليس في استطاعة أي منطقة أمنية، أو قوة دولية، أو مسيح، منعهم من التحول إلى أرض خصبة للتهديد الذي سيتطور تجاهنا، إذا لم يُعالَج فوراً.
  • لكن إسرائيل الغارقة بصورة عميقة في أنفاق "حماس"، لا توجد لديها خطة، أو مخطط، للتعامل مع غزة فوق الأرض. لقد قال بنيامين نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي سيبقى في القطاع المدة التي يحتاج إليها، ورفض بشدة إمكان أن تدير السلطة الفلسطينية القطاع. وبحسب كلامه، "السلطة أيضاً تريد تدميرنا مثل حماس". ولا تستطيع إسرائيل الاعتماد على قوة دولية تقوم بعملها. وهو على حق، فلبنان أثبت عدم نجاعة مثل هذه القوة.
  • بالنسبة إلى نتنياهو، الحل هو في إقامة منطقة أمنية في عمق غزة، والمعنى الحقيقي لهذا هو تحويل القطاع كله إلى منطقة أمنية، وبقاء الجيش الإسرائيلي هناك أعواماً. وهذا ما يجب أن يحدث في لبنان. من أجل إبعاد حزب الله عن الحدود إلى ما وراء نهر الليطاني وإبقائه هناك، يتعين على إسرائيل احتلال "الحزام الأمني" التاريخي مجدداً، والاحتفاظ به لوقت طويل. ووفقاً لاستراتيجية "الأحزمة الأمنية"، ستسيطر إسرائيل بصورة مباشرة على أكثر من 6 ملايين شخص، يعيشون في ثلاث مناطق مشتعلة، الضفة الغربية، والجنوب اللبناني، وغزة، والتي ستستوعب بداخلها أغلبية قوات الجيش الإسرائيلي، وتستنزف ميزانيات الدولة. ليس هناك، ولا يمكن أن يكون هناك أي ترجمة فعلية لوعود الحكومة الكاذبة بـ"الأمن المتكامل".
  • لكن لا يمكن الاستمرار في بيع الأوهام لسكان "غلاف غزة" والحدود الشمالية. هم يدركون أن عليهم اتخاذ قرار العودة إلى منازلهم وحقولهم ومدارسهم، والبدء بإعادة إعمار الدمار، ومواصلة العيش في ظل تهديد دائم، مثلما عاشوا أعواماً طويلة، أو مغادرة أماكن سكنهم والانتقال إلى العيش في عمق إسرائيل، أو في الخارج. افتراضهم العقلاني أن هذه الحكومة، التي فقدت شرعيتها والمكونة من قطع غيار لا يمكن الجمع بينها، لن تفي بوعودها.
  • المخرج الوحيد هو أن يحل محل كابينيت الحرب كابينيت سياسي - اقتصادي حقيقي، يضع خريطة طريق تشكل قاعدة لعودة الحياة الطبيعية، مع الإدراك أن جزءاً من التهديدات سيبقى موجوداً.
  • هذا الإدراك يحتّم علينا الاعتراف بأن السلطة الفلسطينية، في وضعها الحالي، هي المرتكز الضروري لإدارة حياة المواطنين، ليس فقط في الضفة، بل في غزة أيضاً، بينما يواصل الجيش العمل على إحباط تجدُّد العمليات العسكرية لـ"حماس"، مثلما يفعل في الضفة.
  • تهدئة الميدان في هاتين المنطقتين يمكن أن تنعكس على الساحة الشمالية التي اشتعلت بسبب الأحداث في غزة. وهذه الجبهة لن تختفي، لأنه حتى لو جرى إبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني، فستظل صواريخه البعيدة المدى تشكل تهديداً. لكن على الأقل، في المدى المباشر، من المحتمل أن تهدئةً للميدان في غزة، مع مساعدة إنسانية واسعة النطاق، ستعيد أيضاً لبنان إلى معادلة الردع المتبادل، وإلى الهدوء النسبي الذي ساد هذه المنطقة منذ حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]
  • المشكلة أن أي حل عقلاني مشروط بالطرد الفوري لبائع الأحلام الذي يدير الدولة عبر كرة بلورية.
 

المزيد ضمن العدد