سلاح البحر الإسرائيلي وحده لا يستطيع مواجهة تهديد الحوثيين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إذا كان لدى أحد في الحكومة الإسرائيلية، ومن الجمهور، شك في تبعية إسرائيل شبه المطلقة للولايات المتحدة، فإن استفزازات الحوثيين، الذين يصعّدون ساحة البحر الأحمر في كل يوم يمر، تؤكد هذا الأمر أكثر من الحرب في غزة، ومن المواجهة مع حزب الله في لبنان.
  • هذا الأسبوع، أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن 4 سفن بحرية من طراز ساعر 6، بُنيت في مرفأ سفن "تيسنكورب" في ألمانيا، دخلت في الخدمة العملانية. واحدة منها تبحر في خليج إيلات، وإلى الجنوب منه.
  • لكن على الرغم من تباهي المستوى السياسي والعسكري بأن سلاح البحر، بغواصاته وسفنه الحربية، يعرف كيف يواجه هذه الاستفزازات، من الواضح لأي شخص عاقل في المؤسسة الأمنية أن قدرة إسرائيل على الرد محدودة جداً.
  • تُشَن هجمات الحوثيين، وهم فصيل شيعي زيدي، بأوامر من إيران، وتنفَّذ من الجو والبحر، وهي موجهة ضد إسرائيل بصورة أساسية، لكن ليس فقط ضدها.
  • منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أطلق الحوثيون 75 مسيّرة وصاروخ كروز وصواريخ عادية. المسافة بين اليمن وإيلات هي تقريباً 2000 كلم، وهو ما يعني أن تحليق الصواريخ والمسيّرات يستغرق بضع ساعات. بينما تعبر صواريخ كروز المسافة خلال نصف ساعة. لم تقع أي إصابات أو أضرار في إيلات، أو في المناطق القريبة منها. صاروخ واحد أصاب مبنى يقطنه طاقم صحي مصري في طابا، الأمر الذي أدى إلى إصابة خمسة أشخاص بجروح.
  • اعترضت إسرائيل عشرة صواريخ. اثنان بواسطة طائرات سلاح الجو، والبقية بواسطة بطاريات القبة الحديدية. استخدام صاروخ حيتس منح الصناعة الجوية فرصة لإثبات قدراتها، ويمكن أن يُستخدم كمقدمة لتسويقه في دول أُخرى.
  • عدد من المسيّرات والصواريخ سقط في البحر، بعيداً عن إيلات، وجرت سائر الاعتراضات على مسافة بعيدة عن إسرائيل، من خلال منظومات دفاع جوية من سفن أميركية وسعودية. ويمكن الافتراض أن هذه الدول الثلاث تنسّق جيداً فيما بينها في هذا الشأن.
  • مصدر أمني مدني قال لي إن إطلاق الصواريخ والمسيّرات يثير "القلق"، لكنه اعترف بأنه مقارنةً بالهجمات والتعرض للسفن قبالة الشواطىء اليمنية وفي مضيق باب المندب، فإن هذه أكثر إثارةً للقلق، وتهدد أمن الملاحة وتزويد إسرائيل بالبضائع. وحتى الآن، أصيبت سبع سفن بصواريخ الحوثيين، أو على يد قوة مقربة منهم، وطُلب منها أن تعود أدراجها. آخر سفينة كانت سفينة الشحن النرويجية المحملة بمواد كيميائية، وكانت في طريقها إلى قناة السويس، ومن هناك إلى ميناء أشدود.
  • حتى الآن، المقصود ليس سفناً إسرائيلية، وهي عموماً تشغّل بواسطة شركات مسجلة في سنغافورة وبريطانيا ودول أُخرى، وترفع أعلاماً أجنبية، وطواقمها ليست من الإسرائيليين، وهي تشحن البضائع إلى شتى أنحاء العالم، وتعمل حتى في إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، انخفض في السنوات الأخيرة عدد البحارة الإسرائيليين بصورة كبيرة، وبحسب دائرة السفن وسلطات المرافىء في وزارة المواصلات، يعمل اليوم 100 ضابط وبحار. لكن جزءاً من هذه السفن يملكها، جزئياً، رجال أعمال إسرائيليون، بينهم عيدان وإيال عوفر ورامي أوغنار وشركة تسيم التي تباع أسهمها في بورصة نيويورك. ومن السهل العثور في السجلات الدولية على مالكي هذه السفن والشركات، وإلى أين تنقل بضائعها، وهذا كافٍ بالنسبة إلى الحوثيين.
  • لا يخفي الحوثيون نياتهم، وهم يعلنون على رؤوس الأشهاد، بواسطة الناطقين بلسانهم، أو في حساباتهم الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي. وأحياناً، يعلنون أن عملياتهم العسكرية هي ردّ على العدوان الإسرائيلي على غزة، وأحياناً أُخرى، يقولون إنه ما دامت إسرائيل تمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، فإنهم سيمنعون وصول البضائع إلى المرافىء الإسرائيلية. لكن وراء هذا كله، هناك نية خفية لإيران، وهي إلحاق الضرر الجسيم بالاقتصاد الإسرائيلي.
  • هذه الحوادث تهدد التجارة البحرية الإسرائيلية وسلاسل التوريد إليها. إذ يصل إلى إسرائيل 99 % من البضائع عن طريق البحر، وعلى الأقل، ثلثها مجبر على عبور مناطق قريبة من إيران واليمن.
  • في أيار/مايو 1967، أغلق الرئيس المصري جمال عبد الناصر مضائق تيران، بدعم من الاتحاد السوفياتي، وشلّ حركة السفن المتوجهة إلى إيلات. حاولت حكومة ليفي أشكول إزالة التهديد المصري بالتوجه إلى الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس ليندون جونسون. وكانت الفكرة إقامة قوة مهمات بحرية دولية تخرق الحصار المصري. لكن هذه القوة لم تُشكَّل، وإسرائيل وجهت ضربة استباقية بسبب تجميع الجيش المصري في سيناء، التي كانت إلى ذلك الحين منزوعة السلاح، وأيضاً بسبب الحصار البحري.
  • لقد أجرى مجلس الأمن القومي في إسرائيل ومجلس الحرب عدة نقاشات في مسألة كيفية الرد الإسرائيلي، وطُرحت أفكار مختلفة. لكن من خلال أحاديث أجريتها مع مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية، يبدو أن الرأي السائد هو في معالجة التهديد بوسائل دولية.
  • وفعلاً، توجهت إسرائيل إلى الإدارة الأميركية، وطلبت منها تفعيل CMF (القوة البحرية المشتركة) التي تعمل منذ عقدين في مناطق المحيط الهندي وخليج عُمان وشواطىء اليمن والصومال. قيادة القوة موجودة في البحرين، وقائدها اليوم أدميرال أميركي ونائبه بريطاني، وهي مؤلفة من ثلاث دول، ومهمتها الأساسية محاربة "الإرهاب، وتهريب المخدرات، والتصدي لعمليات القرصنة، وحماية الأمن، وتشجيع التعاون الإقليمي". لقد نجحت هذه القوة في مهماتها، وأوقفت بصورة كاملة، تقريباً، ظاهرة القراصنة الصوماليين الذين سيطروا على سفن وطلبوا فدية.
  • الآن، ستحاول الولايات المتحدة ودول أُخرى الاستمرار في مهمة هذه القوة ضد "الإرهاب" البحري، أو اعتبار الحوثيين قراصنة. حالياً، تقوم سفن حربية أميركية وفرنسية بالدفاع عن السفن التجارية التي تتعرض للهجوم. ويدركون في الغرب، وخصوصاً في الولايات المتحدة، أن التهديد الحوثي للملاحة، لا يهدد فقط إسرائيل، بل اقتصاد العالم، ويشوش النظام العالمي. ومن الواضح أن سلاح البحر الإسرائيلي وحده لن ينجح في الصراع ضد الحصار البحري الإيراني - الحوثي.
 

المزيد ضمن العدد