الجيش والمحللون ينقصهم بعض التواضع
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- المعلومات التي أحصل عليها من الضباط والجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة منذ بدء الحرب، يمكن استنتاج التالي منها: الناطق الرسمي بلسان الجيش والمحللون العسكريون في القنوات الإعلامية يطرحون صورة كاذبة بشأن قتل الآلاف من "حماس" والقتال، وجهاً لوجه، بينهم وبين قواتنا. عدد قتلى "حماس" بنيران قواتنا على الأرض أقل بكثير. الحرب، في أغلبيتها، لا تجري، وجهاً لوجه، كما يقول الناطق باسم الجيش والمحللون، وأغلبية القتلى والمصابين من قواتنا أصيبوا، إما بعبوات ناسفة، وإما بصواريخ مضادة للدروع، تطلقها "حماس".
- يقوم "مخرّبو حماس" بالخروج من الأنفاق، عبر الفتحات، يزرعون عبوات، ويطلقون صواريخ مضادة للدروع على مركباتنا، ويختفون مرة أُخرى في الأنفاق. لا يبدو أنه يوجد حل سريع، حتى الآن، لقتال الجيش ضد "حماس" التي تختبئ، في أغلبيتها، في الأنفاق.
- يبدو أن الناطق الرسمي بلسان الجيش والمستوى العسكري يطمحان إلى تصوير الحرب كنصر كبير، قبل أن تتضح الصورة. ولذلك، هم يُدخلون الإعلام المجنّد من القنوات الكبيرة إلى غزة، بهدف التقاط "صوَر نصر". هذه هي الحرب الأكثر تصويراً في تاريخ إسرائيل، إن لم يكن في العالم برمته. إن خلق صورة نصر قبل الاقتراب من الهدف المأمول، يمكن أن يُلحق ضرراً كبيراً، إن لم يتم تحقيق أهداف الحرب كاملة - تفكيك قدرات "حماس" وتحرير الرهائن. لذا، من الأفضل أن نتواضع قليلاً.
- يذكّرني هذا بما رواه لنا المراسلون والمحللون أنفسهم في القنوات الإعلامية الكبرى، وإلى جانبهم جميع الجنرالات السابقين، قبل الضربة التي تلقيناها في "غلاف غزة"، بأن جيشنا هو الجيش الأقوى في الشرق الأوسط، وأن أعداءنا، جميعهم، مرتدعون. للأسف، المراسلون أنفسهم، والمحللون والجنرالات السابقون، يستمرون في خلق وهم من النمط نفسه، كأنهم لم يتعلموا شيئاً.
- تفكيك أنفاق "حماس" سيحتاج إلى أعوام طويلة، ويكلف شعب إسرائيل كثيراً من القتلى. حتى إن الجيش يعترف اليوم بأن المقصود مئات الكيلومترات من الأنفاق المتفرعة والعميقة، حيث شُيّد بعضها على نمط طبقات مع كثير من مراكز القتال. لقد قامت "حماس" ببناء هذه الأنفاق على مدار عشرات السنوات، وبمرافقة مستشارين من الطراز الأول. وهي مترابطة بطول القطاع وعرضه، كما أنها تتصل بسيناء من تحت رفح.
- طوال أعوام، سادت رؤية أن "حماس" مرتدعة، فقاموا بإلغاء جميع الخطط والوسائل لشن حرب على قطاع غزة، وعلى الأنفاق. لذلك، لم يجلس خبراؤنا للبحث والتخطيط ووضع أدوات ملائمة للقتال تحت الأرض. ولذلك أيضاً، نحاول اليوم التوصل إلى حلول، لكنها ليست كافية، وليست رداً ملائماً.
- كثيرون من الضباط الذين يقاتلون في قطاع غزة، يقولون لي إنه سيكون من الصعب جداً، إن لم يكن غير ممكن أصلاً، منع "حماس" من إعادة ترميم نفسها بعد الهدم الكبير الذي قام به الجيش. الخبرة تشير إلى أن هناك حاجة إلى الإبقاء على قوات كبيرة في غزة أعواماً طويلة، تقوم خلالها بمحاربة "حماس" التي ستخرج من الأنفاق، وتُطلق صاروخاً مضاداً للدروع، وتزرع العبوات، وهو ما سيؤدي إلى أعداد كبيرة من القتلى في أوساط الجيش. لذلك، من المهم الخروج من الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية، والعمل بطريقة دقيقة، تتضمن عمليات وقصفاً صاروخياً، استناداً إلى معلومات استخباراتية.
- هل يستطيع المستويان السياسي والأمني التعامل مع حدث كهذا؟ هل لديهما القدرة على إيجاد حلول مبتكرة مختلفة، بحيث لا نخرج ونحن نهلل لأنفسنا كأننا أكبر المنتصرين، لكن أيضاً ليس كخاسرين كبار؟