خطورة الواقع الغامض في قطاع غزة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • يعلن رؤساء الحكم والجيش في إسرائيل أنه من المتوقع الانتقال قريباً إلى المرحلة ج من الحرب في غزة. بعد السيطرة على شمال القطاع والعمليات المركّزة في خانيونس، يجري التخطيط لمرحلة سيتغير فيها نمط القتال، إذ ستخفّ قوته، وستحلّ محل المناورة البرية عمليات مركّزة، في الأساس توغلات برية وهجمات جوية، من المفترض أن تستغرق وقتاً طويلاً وتؤدي إلى انهيار حُكم "حماس".
  • لكن الوصف الوارد أعلاه غامض وشديد التعقيد، وهو أمر غير مقبول في الخطاب الشرق الأوسطي الذي يعتمد على وقائع أحادية البعد. يمكن أن تتحول المرحلة الثالثة إلى حرب استنزاف متواصلة، وخصوصاً إذا لم تنجح إسرائيل في ضرب قيادة "حماس"، أو في تحقيق انهيار الحركة التي أثبتت، بعد 86 يوماً من القتال، قدرتها على خوض مواجهة ضارية حتى لو دفع الفلسطينيون ثمناً دموياً باهظاً.
  • بالنسبة إلى "حماس"، المرحلة الثالثة يمكن أن تشكل فرصة. فهي ستسمح لها بالادعاء أنها لم تتنازل، حتى لو تحولت إلى كيان مهزوم يسيطر على جيب صغير. وفي نظرها، إن هذا الأمر يمكن أن يقدم صورة انتصار، على الرغم من القتل والدمار غير المسبوقَين اللذين لحقا بالقطاع، وحقيقة أن نصف القطاع يحتله الجيش الإسرائيلي، لكن حقيقة أنها صمدت وتواصل القتال داخل غزة وخارجها، تحقق مبدأ الصمود.
  • فضلاً عن ذلك، هذا الوضع الغامض يمكن أن يستمر وقتاً طويلاً، ويجعل من الصعب على إسرائيل ترسيخ واقع مختلف في غزة. استمرار القتال في القطاع لن يسمح بإقامة نموذج إيجابي في الشمال، يكون مختلفاً عن الجنوب. وستسعى "حماس" لتقويض أي محاولة لإقامة آليات سيطرة مدنية مستقرة في القطاع، كما أن الجمهور الفلسطيني سيتجنب التعاون معها ما دام القتال مستمراً في القطاع (حتى في الجزء الشمالي، ستحاول "حماس" مواصلة تحرّكها)، وسيمتنع المستثمرون الأجانب من تقديم مشاريع لمنطقة تعاني عدم استقرار دائم.
  • الواقع الغامض يمكن أن يُنظر إليه على أنه مشكلة في الإقليم، سواء من أعداء إسرائيل، أو من أصدقائها الذين سيفسّرون الوضع المعقد بأنه عقبة في وجه أهدافها الاستراتيجية، ومن ناحية ثانية، نجاح "حماس" في تحقيق "عقيدة المقاومة"، أي كسر الجهد الإسرائيلي من خلال إظهار نفَس طويل وقدرة قتالية لا نهاية لها؛ طبعاً، كل هذا سيجعل من الصعب على إسرائيل ترميم صورة الردع، ويمكن أن تزيد في التوترات على الجبهات الأُخرى، وخصوصاً في الشمال.
  • يتعين على إسرائيل إعادة النظر في المرحلة الثالثة. والسبيل الوحيد لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في الحرب، وعلى رأسها القضاء على القدرة العسكرية والسلطوية لـ"حماس"، هو السيطرة على القطاع كله، على الرغم من الوقت والثمن اللذين يتطلبهما تحقيق مثل هذا السيناريو. لكن هذا الأمر سيجعل إسرائيل تتأكد من أنها دمرت كل البنى التحتية العسكرية للحركة، وضربت قيادتها بشدة، وأن نظاماً آخر سيقوم في منطقة الحدود بين غزة ومصر. وبعدها فقط، يمكن محاولة تأسيس نظام آخر في غزة.
  • ضمن هذا الإطار، من المهم جداً أن تُجري إسرائيل حواراً عميقاً مع الولايات المتحدة، حليفتها الاستراتيجية القوية، التي تدفع من أجل الانتقال بسرعة إلى المرحلة الثالثة، في ضوء المخاوف من تراكُم الضرر الذي يلحق بالجمهور الغزّي. وفي هذا الإطار، من المهم أن نشرح لواشنطن التحديات التي تنطوي عليها هذه المرحلة، وفي طليعتها عدم وجود حسم عسكري واضح. وبالإضافة إلى الضرر الذي يمكن أن يلحق بإسرائيل، فإن هذا سينعكس سلبياً على الولايات المتحدة أيضاً، في ضوء ما سيُعتبر إخفاقاً جديداً لحليفتها في مواجهتها مع معسكر المقاومة بقيادة إيران، ونوعاً من استمرار التجربة المُرة للولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.
  • لقد أثبتت نظرية السابع من أكتوبر الحاجة إلى الامتناع من الدخول في أوضاع تنطوي على تناقضات وعدم وضوح. إن الدخول في مرحلة هجينة يمكن أن ينتهي في نهاية المطاف، وبعد إحباط كبير، إلى الوضع الذي تحاول إسرائيل الحؤول دون حدوثه في هذه المرحلة، أي السيطرة على القطاع كله.