تقرير: الجيش الإسرائيلي والنيابة العامة يتخوفان من اتهام محكمة العدل الدولية في لاهاي إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 يتخوف الجيش الإسرائيلي والنيابة العامة من اتهام محكمة العدل الدولية إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية في غزة. وذلك بعد الشكوى التي  وجّهتها دولة جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل في لاهاي في نهاية الأسبوع. وعلمت الصحيفة بأن قاضياً كبيراً يهتم بالقضية، وحذّر كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، مؤخراً، وبينهم رئيس الأركان هرتسي هليفي، من خطر حقيقي من إصدار المحكمة أمراً يأمر إسرائيل بوقف فوري للنار في القطاع، وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل مضطرة إلى الانصياع لقرارات المحكمة. لقد بدأ الجيش والنيابة العامة بالإعداد لمواجهة شكاوى من هذا النوع، ومن المفترض أن يجري نقاش في هذا الشأن في وزارة الخارجية اليوم الإثنين. وبحسب خبراء في القانون الدولي، فإن هذا الإجراء قد يؤدي إلى اتهام إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية، الأمر الذي سيؤدي إلى عزلتها السياسية ومقاطعتها، أو فرض عقوبات عليها، أو على الشركات الإسرائيلية.

وبخلاف محكمة الجنايات الدولية في لاهاي التي تعالج إجراءات ضد أفراد، فإن محكمة العدل الدولية تهتم بالنزاعات القانونية بين الدول. وإسرائيل تعترف بصلاحية المحكمة الدولية التي تُجري تحقيقاً في تهمة ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وتشمل الحرب الدائرة حالياً. في المقابل، وقّعت إسرائيل وثيقة ضد الإبادة الجماعية التي بموجبها، تستمد محكمة العدل العليا صلاحيتها، من أجل النظر في الشكوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل. وبموجب قوانين المحكمة، من حق أي دولة موقّعة للمعاهدة التقدم بشكوى ضد دولة أُخرى، حتى لو لم تكن هي نفسها المتضررة.

وادّعت جنوب أفريقيا في الدعوى المقدمة إلى المحكمة، أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية من "خلال الاستخدام العشوائي للقوة وترحيل السكان بالقوة"، وادّعت أن من بين العمليات الإسرائيلية التي يجري الحديث عنها، هناك "جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب". وطلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية مناقشة الوضع في الأيام القادمة وإصدار أمر موقت ضد إسرائيل، يدعوها إلى وقف النار في القطاع. وبحسب الشكوى، هذه الخطوة ضرورية من أجل الدفاع عن الفلسطينيين من مغبة التعرض لضرر إضافي لا يمكن إصلاحه". كما طلبت من المحكمة إجبار إسرائيل على السماح للفلسطينيين، الذين اقتُلعوا من منازلهم في القطاع، بالعودة إليها؛ ووقف حرمانهم من الغذاء والمياه، ومن المساعدة الإنسانية؛ والتأكد من أن الإسرائيليين لا يحرّضون على الإبادة الجماعية ومعاقبة كلّ مَن يفعل ذلك؛ والسماح بإجراء تحقيق مستقل في كل ما فعلته.

إسرائيل ردّت على الشكوى، متهمةً جنوب أفريقيا "بالافتراء عليها، وأن الشكوى تفتقر إلى أي أساس واقعي وقانوني، وتشكل استغلالاً رخيصاً للمحكمة". وجاء في بيان وزارة الخارجية: "تتعاون جنوب أفريقيا مع منظمة ’إرهابية’ تدعو إلى تدمير دولة إسرائيل، وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وحاولت القيام بجريمة إبادة جماعية في 7 أكتوبر، وهي مسؤولة عن معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، وتستخدمهم كدروع بشرية، وتسرق المساعدات الإنسانية". أمّا بخصوص الادعاءات بشأن المساس بالمدنيين، فأوضحت الوزارة أن "إسرائيل تلتزم القانون الدولي، وتعمل بموجبه، وتوجّه جهودها العسكرية ضد ’حماس’ والمنظمات ’الإرهابية’ المتعاونة معها فقط". وتابعت: "لقد أوضحت إسرائيل لسكان غزة أنهم ليسوا أعداءً لها، وهي تبذل جهودها لتقليل إصابة غير الضالعين في القتال، وسمحت بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة".

يوجد اليوم في محكمة العدل الدولية 15 قاضياً من دول مختلفة. وتترأس القضاة جوان دونهيو من الولايات المتحدة، وإلى جانبها 3 من الرؤساء السابقين للمحكمة، بينهم مندوبو سلوفاكيا وفرنسا والصومال، ونائب دونهيو هو قاضٍ من روسيا. وبحسب إسرائيل، فإن قرارات المحكمة تمثل، في أحيان كثيرة، المواقف السياسية للدول التي ينتمي اليها هؤلاء القضاة.

 يوضح البروفيسور إلياف ليفليخ، الخبير في القانون الدولي في جامعة تل أبيب، أن جنوب أفريقيا تطلب من المحكمة خطوة موقتة على شكل الطلب من إسرائيل وقف القتال، بصورته الحالية، والوقوف ضد التصريحات التي تحرّض على الإبادة الجماعية. وتدّعي جنوب أفريقيا أن إسرائيل لا تقوم بأمرين: لا تمنع التصريحات التي تدعو إلى الإبادة الجماعية، وتقوم بأفعال تشكل إبادة جماعية. وهذه اتهامات صعبة للغاية، ويجب الرد على الاتهامات بجدية.

في رأي د. شيلي أفيف يني، الخبيرة في القانون الدولي في جامعة حيفا، يجب عدم الاستخفاف بالشكوى المقدمة من جنوب أفريقيا، لأن لمحكمة العدل الدولية وزناً كبيراً في صوغ  القانون الدولي، وقراراتها تؤثر في تصورات المجتمع الدولي.