السقف الخفي لإيران - هل باتت طهران أخيراً تخشى إسرائيل؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

__

  • شكّل تصوُر "التنظيمات بالوكالة"، الذي كان قاسم سليماني مسؤولاً عنه حتى اغتياله سنة 2020، "حلاً سحرياً" بالنسبة إلى إيران لمواجهة المشكلات والتحديات الأمنية التي تعترضها في الشرق الأوسط، وقد نجحت، من دون الاضطرار إلى المخاطرة بحدوث أي تهديد مباشر لحدودها، في تحقيق كثير من المصالح (ردع إسرائيل، وإنقاذ الأسد، وتعزيز موطئ قدمها في اليمن، والعراق، ولبنان، وغيرها)، ومن دون أن تقوم بتشغيل قواتها العسكرية بصورة مباشرة. وقد خدم الأمر، بصورة جيدة، مصالح إيران التي تخشى تقليدياً التهديد المباشر لحدودها، وبصورة أساسية، مواجهة الولايات المتحدة مباشرة، وتعمل بحذر شديد، بصورة عامة، حينما تقوم بتشغيل قواتها العسكرية.
  • إلاّ إن سلسلة الأحداث الجارية منذ اندلاع حرب "السيوف الحديدية" قوضت هذا المفهوم الإيراني، وجعلت قدرة إيران على استخدام هذا التكتيك من أجل تعزيز مكانتها الأمنية والعسكرية في الإقليم أمراً مشكوكاً فيه كثيراً. ومن المقبول اعتقاد أن تجنُب إيران استخدامها القوة المباشرة ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة يقلل إمكانات وقوع مواجهة بينها وبين الدولتين، لكن الأمر أيضاً يقلل قدرة إيران على التحكم بوتيرة التطورات والأحداث المتعددة.
  • وعلى الرغم من العلاقات الإيرانية الجيدة بالتنظيمات الوكيلة، والمساعدات الواسعة التي تقدّمها إلى هذه التنظيمات، فإن آخر التقارير يُظهر أن إيران تلاقي مصاعب كبيرة في تحكُمها بتصرفات الوكلاء، وخصوصاً الحوثيين والميليشيات الشيعية في العراق، ودفْعها إلى العمل ضد الوجود الأميركي في الشرق الأوسط.
  • إن مواصلة إيران تقديم الدعم العسكري والأمني والاستخباري إلى التنظيمات الوكيلة بات يعرّض طهران للخطر الشديد، لأن تصاعُد المواجهة بين التنظيمات والولايات المتحدة يصعّد أيضاً من حدة خطر المواجهة المباشرة بين واشنطن وطهران. وعلى الرغم من أن الطرفين لا يرغبان في الاشتباك بصورة مباشرة، فإنهما سيلاقيان مصاعب في تلافي اشتباك كهذا لفترة طويلة، بسبب معرفة الولايات المتحدة مسؤولية إيران عن تشغيل هذه التنظيمات.
  • ويضاف إلى ذلك أن فشل إيران في فرض وقف إطلاق نار على إسرائيل، على الرغم من جميع الجهود التي بذلتها، إلى جانب الفشل الإيراني في الرد، بصورة لائقة، على اغتيال عناصرها في سورية، يشير إلى وجود "سقف خفي" لا يمكن لإيران تجاوزه، لكي تتمكن من تحقيق مصالحها من دون أن تقوم هي بالتدخل المباشر.
  • وتفيد تقارير متعددة أن إيران اضطرت إلى إجلاء بعض ضباطها من سورية، ومواصلة الضغط على وكلائها، بهدف الامتناع من تصعيد خطِر، من شأنه أن يضعها في مواجهة مباشرة وغير مرغوب فيها مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة. وفي المقابل، فقد استخدمت إيران عملية إطلاقها الصواريخ مؤخراً نحو كل من سورية والعراق وباكستان، كوسيلة لإظهار قوتها العسكرية المباشرة (لا قوة وكلائها)، لكن من الصعب أن يمثّل هذا الاستعراض الإيراني، بصورة عميقة، قدرتها على التأثير في الأحداث في الشرق الأوسط، من دون حدوث تدخل عسكري مباشر.
  • وفي ظل انعدام رغبة إيران في استخدام قوتها بصورة مباشرة، باتت طهران تكتشف أن قدرتها على تحقيق أهدافها الأمنية في الشرق الأوسط شديدة المحدودية، ناهيك بكون إيران ربما تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة بسبب دفع طهران لوكلائها نحو مواجهة كهذه، وبسبب استقلالية هؤلاء الوكلاء في عملية اتخاذ القرارات، وهي استقلالية تعززت، بصورة كبيرة، بعد اغتيال سليماني. والخلاصة هي أن طهران كلما دفعت ثمن تشغيل وكلائها، تزعزعت ثقة قادتها بقدرة إيران على المحافظة على نمط العمل عبر الوكلاء.