بعد الحرب سنضطر إلى الحديث عن دولتين لشعب واحد في إسرائيل
تاريخ المقال
المواضيع
فصول من كتاب دليل اسرائيل
مهند مصطفى
أسامة حلبي, موسى أبو رمضان
أنطوان شلحت
المصدر
- تناضل دولة إسرائيل في هذه الساعات من أجل تحقيق 3 أهداف حاسمة تهزها بشدة، وتُدهورها إلى مستوى لم تعرفه من ذي قبل: القضاء على حُكم "حماس" في قطاع غزة؛ تحرير المخطوفين من أسر "حماس"؛ إعادة الأمن والهدوء إلى سكان الشمال.
- المقصود واقع لم تعرف الدولة مثيلاً له منذ قيامها. خلال الـ76 عاماً الماضية من وجودها، شهدت دولة إسرائيل حروباً وأزمات واضطرابات كثيرة وصعبة. لكن من حُسن حظنا أنه كان لدينا حكومات، حينها، بعضها جيد، وبعضها الآخر أقل جودةً، عرفت كيف تقود الدولة نحو واقع أفضل بكثير.
- المشكلة أن دولة إسرائيل تحكمها، الآن، حكومة فاشلة، تفتقر إلى القدرات التي تخوّلها قيادة الدولة في الوضع الراهن. حكومة لا تتمتع بالأغلبية وسط الشعب الذي يريد القسم الأكبر منه استبدالها في أقرب وقت. حكومة، رئيسها وحزبه الحاكم واقعان بين براثن شركائهم من المتطرفين الذين يُحكمون الخناق على أعناقهم ويوجّهونهم وفق عقيدتهم المتطرفة، والتي من شأنها تقويض الدولة بسبب التصرف غير المسؤول والواهم.
- والمؤلم في هذا الواقع الصعب أنه أينما نظرت، لا تجد مخرجاً محتملاً منه، أو حلاً. انتخابات خلال الحرب، بينما جنودنا في جبهتَي الجنوب والشمال، غير مطروحة. تأليف حكومة طوارىء وطنية براغماتية وناجعة بمشاركة حزبَي "يوجد مستقبل" و"إسرائيل بيتنا"، بمبادرة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، هو حلم بعيد عن الواقع، لأنه من الواضح أن نتنياهو يفضل وضع مستقبله السياسي قبل مستقبل الدولة، وهو غير مستعد للانفصال عن شركائه المتطرفين الذين يشكلون، بالنسبة إليه، خشبة الخلاص.
- من جهة أُخرى، مَن يبحث عن مظاهر مسؤولية وطنية ومدنية والولاء للدولة لدى أعضاء الكنيست من الليكود، من الصعب عليه إيجاد شخص صادق بينهم، يقول "كفى، إن هذا التصرف مسيء للدولة".
- في هذه الأثناء، يمكننا أن نلمس كيف أن شعور "معاً ننتصر" [شعار الحرب] بدأ يتبدد. في الأيام الأولى من الحرب، شعرنا به، وخلق لدينا انطباعاً بأن أحداث السنة الماضية، مثل محاولات الدفع قدماً بالانقلاب القضائي والتظاهرات ضده، أصبحت وراءنا. لكن يتضح أن الاستقطاب داخل الشعب لا يزال على حاله، لا بل ازداد حدةً. انتشار المؤامرات والأكاذيب بشأن نية الشاباك إطاحة نتنياهو، والحديث عن الاتصال الهاتفي بين زوج شيكما برسلر وبين السنوار، عشية الحرب، إلى جانب التهجم على رئيس الأركان، وعلى قائد المنطقة الوسطى وغيرها، يثبت أن الوحدة والهدوء والطمأنينة لن تسود هنا، حتى بعد انتهاء هذه الحرب وتحقيق الأهداف.
- إذا تحدثنا ذات مرة عن دولتين لشعبين كحلّ للمشكلة الفلسطينية، يبدو أننا بعد هذه الحرب، سنضطر إلى الحديث بجدية عن دولتين لشعب واحد، شعب منقسم ومستقطَب وواقع في الفخ...
- كلّ مَن يحاول البحث عن جذور الظاهرة، وعن حلّ للمشكلة الصعبة التي تدهورت إليها الدولة، والتي تُدمر كل ما بُني فيها بالدم والجهد والدموع على مر السنين، سيصل إلى خلاصة واحدة، وهي أن الوضع الناشىء والفخ الذي علقنا فيه من صُنع شخص واحد، هو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. لقد تولى منصبه أعواماً طويلة، وفي معظم الأحيان، كان يغضّ الطرف، ويقدم وعوداً لا مجال لتحقيقها، ويهمل مجالات كثيرة إهمالاً إجرامياً. لقد كان الهمّ الأساسي لنتنياهو المحافظة على بقائه وتمجيد اسمه، وهو لم يعترف قط بالأخطاء والتقصير، ويعرف كيف يجد مَن يُلقي عليهم التهمة عندما يكون الوضع صعباً ومؤلماً.
- رئيس حكومة تحالُف من أجل المحافظة على بقائه السياسي مع الفصائل المتطرفة من الشعب، والموجودة على هامش المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى سيطرتها على جدول أعمال الدولة الإسرائيلية. وبسببها، تحولت إسرائيل إلى دولة متطرفة ودينية.
- إن الجزء الأكبر من مؤيدي وأنصار نتنياهو يوافق على هذه الحقائق. جميع الذين أيّدوه طوال أعوام، وانتخبوه، ومثلهم شعب إسرائيل كله، يقفون اليوم، خائفين، في مواجهة هذا الانهيار الرهيب.