بن غفير هو ولي العهد الذي يتركه نتنياهو خلفه
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • هناك شخصان في إسرائيل يتخذان القرارات، بنيامين نتنياهو وإيتمار بن غفير، وطموحهما السياسي هو المحرك للطائرة التي تقلع. والذي يعمل بأقصى سرعة على مدار 7 أيام في الأسبوع و24 ساعة في اليوم.
  • بقية أعضاء الائتلاف هم مجرد جامعي أصوات، وضمنهم بتسلئيل سموتريتش الذي يُعد مزيجاً ما بين المخلص والمراهق؛ وأرييه درعي، الذي يُعتبر كأفعى من دون عمود فقري؛ وموشيه غافني على شاكلة لجنة المالية وامتيازاتها؛ وإسحاق غولدكنوبف، وهو بطل البلد في المصارعة من الوزن الثقيل. الفرق بين نتنياهو وبن غفير هو أن الأول يدهس كل ما في طريقه من أجل البقاء، أمّا الثاني، فيدهس كل ما في طريقه إلى القمة. بن غفير مراهق ومستفز، يشعل كل جبهة - ومن بعده الطوفان. في نظره، كل ما يحدث هو أمطار البركة - حتى لو كان ذلك فيضانات من الدم، لن ينجو منها أحد سواه.
  • نتنياهو، بعكسه، هو كلاعب سكاكين، يلعب من خلف الكواليس، ويقوم بتفعيل مركّبات رش السموم لتشويه الآخرين، والتقسيم فيما بينهم، وضرب الأخ بأخيه، من دون إيلاء أهمية للعرق، أو الحزب، أو الفئة الاجتماعية. وهنا يلتقيان: كلاهما يحب الفوضى الحالية، ومن الواضح أنه في المدى البعيد، سينتصر بن غفير على الكبير: نتنياهو يهرب من كل معركة إلى المؤامرات والتأجيل- والآخر يتلهف لكل معركة، بغضّ النظر عن مكانها وتوقيتها.
  • في سنة 2021، بحث نتنياهو عن أي مساعدة لتشكيل ائتلاف، ودفع بالتحالف بين حزبَي "الصهيونية الدينية" و"قوة يهودية". في نظره، بن غفير هو المشجع المتلهف للإعلام، والذي سيبعد الإعلام عن انهيار نتنياهو على الصعيدين السياسي والقضائي- من دون أن يكون محسوباً على حزب "الليكود". وقال حينها "سيكون عضو كنيست، ولن يكون لديه منصب مؤثر"، وكانت رسالة موجهة إلى أصدقائنا في العالم، بدءاً بالولايات المتحدة، ووصولاً إلى السعودية. وفعلاً، في انتخابات 2021، دخل بن غفير إلى الكنيست - لكن نتنياهو لم ينجح في تشكيل ائتلاف.
  • بعد ذلك بعام واحد، ارتبط كل شيء بلعنة الـ64، وفي تلك اللحظة، بدأ بن غفير سباقه نحو قيادة اليمين على الطريق إلى رئاسة الحكومة. إنه يعتمد على القاعدة الشعبية ذات الأصول الشرقية لنتنياهو في "الليكود" وحزب "شاس". صحيح أنه يوجد لنتنياهو ورثة آخرون - يوسي كوهين ورون ديرمر مثلاً - لكنهم يعرفون أن من سيحصل على دعمه، سيكون الرجل الأخير الذي سيبتزه بعنف قبل ذهابه إلى السجن، أو الأعمال، أو رئاسة الدولة.

مَن سيوقفه؟

  • بعد ذهاب نتنياهو، لن يخافه أحد، ومن المؤكد أن بن غفير لن يحسب له حساباً. النواب، مثل دافيد أمسالم، لن يختاروا قائداً من أصول غربية كنتنياهو، أو يسرائيل كاتس، أو حاييم كاتس، أو حتى نير بركات، أو يولي إدلشتاين- هؤلاء، جميعاً، سيكون مصيرهم كمصير الذين سبقوهم، بدءاً بدان مريدور، ووصولاً إلى بيني بيغن.
  • سيبحث "الليكود"، كتنظيم سياسي واقتصادي، عن كل طريقة ممكنة لزيادة قوته الآخذة بالتراجع، وبن غفير ومراهقاته هو المرشح الطبيعي. فها هو بن غفير بنى تحالفاً مع "الليكود" في الانتخابات المحلية، ويقوم بكل حركة ممكنة وغير ممكنة لمراكمة مزيد من القوة. مئات آلاف الرسائل النصية التي حصل عليها السكان، تدعو إلى التصويت لمرشح "قوة يهودية" في بلداتهم. الحديث يدور حول رسائل نصية يتم إرسالها في ساعات الطوارئ الخاصة بوزارة الأمن القومي، لا يمكن إزالتها من الهاتف من دون قراءتها.
  • وفي الوقت نفسه، يعيش بن غفير داخل مجتمعه، ويشدد على هتاف "الموت للمخربين"، بدلاً من "الموت للعرب". لا شك في أنه قادر على تطبيق سياسة نتنياهو، وهو ما سيساعده في الصراع الداخلي في مواجهة سموتريتش والمقاعد الأربعة من المستوطنين. لكن في حال استمر تراجُع الدعم لحزب "الصهيونية الدينية"، فإن بن غفير يمكن أن يتعدى سقف العشرة مقاعد، وأن يتحالف مع "الليكود" كشريك متساوٍ من حيث القوة - مع قيمة مضافة كشرقي يستطيع أيضاً استمالة حزب "شاس".
  • بن غفير هو الوريث الذي يتركه نتنياهو خلفه بين الجيش والدولة، وبين قبائل إسرائيل نفسها، وبين إسرائيل وجاراتها - في الأساس، بين إسرائيل والعالم برمته.

هرتسي هليفي.. كل الاحترام

  • قبل أكثر من عام، في كانون الثاني/يناير 2023، كتبتُ هنا أن "الهدف التكتيكي لبن غفير هو زيادة دائرة الداعمين له. لقد أنهى السيطرة على "شبيبة التلال"، وانتقل خلال الانتخابات إلى مَن يكرهون العرب، ومحبّي اليد الصلبة. في المرحلة التالية، سيسيطر على شباب حركة "شاس" والحريديم. فعشرات الآلاف منهم يرون فيه قائداً يعبّر عن حالة التمرد الشبابي، أو الإحباط، ولا يحسب حساباً لأحد، وضمنهم الحاخامات. وهو يقاتل بصورة خاصة من أجلهم، وإلى جانبهم، ضد المعسكر العلماني - اليساري الذي يتجاهلهم ويتبرأ منهم. وليس اعتباطاً هاجمته قيادة الحريديم بعد صعوده إلى المسجد الأقصى. يقال عادة "احصل لك على حاخام" - اليوم تستطيع شراء واحد، ولدى بن غفير بعضهم.
  • منذ ذلك الوقت، جمع بن غفير مزيداً من القوة وحوّل شرطة إسرائيل إلى عصابة خاصة، كما يقوم بزعزعة وحدة الرسالة العسكرية عندما "يشتري" جنوداً وضباطاً ميدانيين. هناك سلسلة من عمليات الإذلال والسرقة والهدم غير المبرر التي جرت في غزة، بدأت بالدفع بقيادات الجيش ودولة إسرائيل إلى القانون الدولي بتهمة جرائم حرب. من الواضح أن هذه الأحداث تحصل على مباركة بن غفير.
  • حتى إن رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي تجنّد، وقال إنه "بعكس أعدائنا الذين يقاتلون عبر استغلال القانون وخرقه، نحن نقاتل، استناداً إلى القانون والمبادئ الواضحة- تفعيل القوة لأهداف عسكرية فقط؛ والتفرقة بين العدو وبين المواطنين المدنيين؛ والالتزام بتقليل الضرر على السكان والأملاك المدنية، إن أمكن". جميل، هرتسي. لكن هذا لا يحدث في غزة. نظرية الملك بن غفير تُطبّق ميدانياً في الهدم والقتل، وعليك إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، فبرعاية أجواء الصدمة، يقومون بتطبيق هذه الرؤية. هذا ما يحدث بدقة.