هل نتنياهو زعيم قوي؟
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

  • في 24 كانون الثاني/يناير 1999، طُلب من أحد سائقي مكتب رئيس الحكومة إيصال رسالة إلى منزل وزير الدفاع يتسحاق مردخاي، حملت الخبر التالي: "شخص يتعالى على مبادىء ناخبينا لا يستحق أن يكون وزيراً في حكومة أنا أترأسها". أتذكر جيداً الحادثة، كأنها حدثت البارحة. كانت هذه المرة الأولى التي يقيل فيها نتنياهو وزيراً في حكومته. لقد فعل هذا بعد أن علم بأن مردخاي "يغازل" حزب الوسط، ويفكر فعلاً في مغادرة الليكود والترشح لرئاسة الحكومة بواسطة الحزب الجديد. لقد كانت "إقالة فجائية"، لم يتوقعها أحد، ولا حتى مردخاي.
  • كان نتنياهو راضياً جداً عن هذه الحركة التي رأى فيها عملاً قيادياً. التتمة كانت أقل حماسة. تحول مردخاي إلى خصم له. صحيح أن مردخاي وحزبه الوسطي انهارا سياسياً، لكن نتنياهو خرج متضرراً أيضاً، والرابح الأكبر الذي استفاد من الفراغ كان إيهود باراك.
  • قبل عام، تكررت الحادثة: وزير الدفاع يوآف غالانت تحدى نتنياهو عندما حذّره من الاستمرار في تطبيق الانقلاب القضائي. وبعد 24 عاماً على إقالة مردخاي، أقال نتنياهو وزير دفاعه غالانت، لكن هذه المرة، الضغط الذي مارسه المتظاهرون في ساحة كابلان، أجبره على التراجع عن الإقالة. في رأيي، العمل القيادي تحول إلى جبن. صحيح أن غالانت كان في "الجانب الصحيح" من السياسة، وبعد ذلك مات الإصلاح.
  • لم يتم تفسير تراجُع نتنياهو عن إقالة غالانت بأنه "عاد إلى رشده"، بل بأنه جبان. في رأيي، يومها أخطأ نتنياهو لأنه لم يقِل الوزير صاحب الخطاب المارق، وهو يدفع الثمن اليوم. لقد أصبح غالانت محصّناً. ولا يستطيع رئيس الحكومة قول كلمة بشأن رفح، واليوم التالي، ولبنان، وقانون التجنيد، من دون أن يهاجمه غالانت. وبالنسبة إلى نتنياهو، فإن أقصى ما يمكن فعله هو العودة إلى الممارسات السابقة، أي التجاهل وتجنُّب ذكر اسم "غالانت" علناً، وتقريب أشخاص آخرين منه (من أمثال يسرائيل كاتس)، وكالعادة، هو يحاول إضعاف الناس الذين لا يحبهم. غالانت يعرف ذلك، ويواصل تحدّيه لنتنياهو، ويبني لنفسه معسكر "آخر الليكوديين العقلاء".
  • في إحدى المعارك الانتخابية الأخيرة، كان هناك ملصق كُتب عليه "نتنياهو زعيم قوي لشعب قوي"، أثار عاصفة في وسائل الإعلام، ففي  رأيها، هذا الشعار الفاشي يعود إلى إرث موسوليني. خضعنا للانتقادات، واحتفظنا بالملصق. في يوم الخميس، عندما رأيت نتنياهو متوتراً بسبب أزمة التجنيد ("الانتخابات الآن هي انتصار لحماس"، ممنوع تقسيم الشعب"، ومجدداً: "الانتخابات هي خطر")، سألت نفسي: الشعب قوي، هذا واضح، لكن السؤال: هل الزعيم لا يزال قوياً؟ عندما لا يحسب وزير وعضو في "كابينيت الحرب" حساباً لنتنياهو، ويذهب إلى الولايات المتحدة رغماً عن أنفه، وعلى الرغم من غضبه الشديد، يُطرح السؤال مجدداً: ماذا يستطيع زعيم القبيلة أن يفعل؟ الجواب: لا شيء. لقد أصبح الوزير بني غانتس "طالباً حراً" يفعل ما يشاء، انطلاقاً من معرفته الواضحة أن نتنياهو لن يسمح لنفسه بإقالته. إن مجرد كون غانتس شريكاً في الحرب، وفي سياسة الحكومة بشأن المخطوفين، يمنح نتنياهو صدقية جماهيرية وهدوءاً مصطنعاً. كما يعلم غانتس أيضاً بأن الاستقالة من المجلس الوزاري لا تُعتبر عملاً مسؤولاً. المطلوب سبب أفضل وحقيقي، وهذا ليس موجوداً. غانتس ونتنياهو هما مثل زوجين لا يطيقان بعضهما البعض، لكل منهما أسبابه الخاصة، لكنه يخاف من تفكيك الارتباط.
  • بعد مرور 4 أعوام على صدمة حكومة التناوب [حكومة الوحدة الوطنية التي أُلفت في سنة 2020، على أن يتناوب على رئاستها نتنياهو وغانتس]، يجد نتنياهو نفسه أسيراً في المكان نفسه. صحيح أنه أصبح لديه شعبية أكبر كثيراً من الماضي (يومها، كان لدى نتنياهو 36 مقعداً، بينما لدى غانتس 33)، لكن غانتس، مثل نتنياهو وغالانت، يعرف أن مَن يرغب في حياة سياسية طويلة، عليه عدم إغلاق الباب في وجه الحريديم. لذلك، لن أُفاجأ إذا عثر على حل تجميلي لتجنيد الحريديم بالتدريج. غانتس (صديق درعي [زعيم حزب شاس]) لا يستطيع أن يعارض غالانت، المحبوب من متظاهري كابلان، وهو يعرف أن مستقبله، إذا كان لديه مستقبل، هو فقط في الليكود، وسيبارك الحل. غالانت وغانتس النقيضان لبعضهما البعض، سيجدان نفسيهما، رغماً عنهما، يمدحان استقامة نتنياهو.
  • ذات مرة، عندما أعطى نتنياهو أراضي للفلسطينيين، قال لي أحد أنصار حركة "حباد" [حركة دينية حسيدية متشددة] والعقل المدبر لشعار حملة نتنياهو الانتخابية "نتنياهو جيد لليهود"، أن نتنياهو انتهى. لم يعد يحظى ببركة الله. لقد مرّ 24 عاماً على ذلك، ولدى نتنياهو  الآن غانتس وغالانت، وعلى الأرجح، لم يعد  بحاجة إلى الله.