بعد مرور نصف سنة على الحرب، نتنياهو وغالانت وهليفي خسروا السيطرة بصورة مطلقة على الوضع
تاريخ المقال
المصدر
- نشهد اليوم ارتباطاً قاتلاً بين الشعب والمستوى السياسي والعسكري، فعلى الرغم من الكارثة التي حدثت لنا في غلاف غزة، فإن أغلبية الجمهور تواصل العيش بلامبالاة، وتدفن رأسها في الرمال، وتفضّل أن تقف موقف المتفرج وتستمع إلى الأكاذيب التي تكررها القيادة السياسية والعسكرية المتهالكة بدلاً من الاستماع إلى الحقيقة والاستعداد لمواجهتها، تماماً كالمسافرين على سفينة "التيتانيك" وهي في طريقها إلى التحطم.
- وبسبب موقف الجمهور هذا، فهو لا يعمل على تغيير مسار السفينة التي يسيطر على قيادتها أشخاص من المستوى السياسي والعسكري أضاعوا دربهم، واختلطت عليهم الأمور، ولا يمكن الوثوق في رجاحة رأيهم وفي قرارتهم، وَهُم يقودون المواطنين الإسرائيليين نحو الاصطدام بجبل الجليد. إن هؤلاء "الزعماء" هم سبب الكارثة الكبرى التي حدثت لنا منذ المحرقة، ومنذ السنوات التأسيسية للدولة، وَهُم يقودوننا الآن إلى كارثة أكبر بمئات المرات من تلك التي حدثت في غلاف غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر في 2023.
- إن هذا اللقاء بين الشعب، الذي يتعاطف كثير منه مع زعامته ويسامحها ويسمح بالاستمرار في السيطرة على قيادة الدولة، هو الذي يدمر الدولة على صعيد الأمن والاقتصاد والعلاقات الدولية والمجتمع. ونحن اليوم بتنا قريبين من طريق لا رجوع عنها؛ فالضربة القوية التي يمكن أن توجهها إلينا إيران رداً على قرار زعامتنا التي فقدت عقلها وقررت مهاجمة القنصلية الإيرانية في دمشق وتعريض وجود الدولة للخطر، كلها أمور تزيد من المخاوف من نشوب حرب إقليمية عاجلاً أم آجلاً لسنا مستعدين لها مطلقاً.
- إذا هاجم الإيرانيون إسرائيل بالمسيّرات والصواريخ البحرية وفق تقديرات الأميركيين، أو قاموا بعملية أُخرى، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية متعددة الساحات، لا يرغب الإيرانيون بها؛ إذ ليس من مصلحة الإيرانيين الآن نشوب حرب بيننا وَهُم يتقدمون في تطوير القنبلة النووية والسلاح التقليدي بمساعدة الروس والصينيين من دون إزعاج، واندلاع حرب إقليمية الآن يمكن أن يعرقل عملية تعاظُم إيران النووي.
- عن طريق الفرصة التي أُعطيت إلى الإيرانيين بسبب حماقة زعامتنا بالرد بمهاجمة هدف في إسرائيل، يجب أن نفهم أنه بعد هجوم كهذا، ستتغير القواعد في الشرق الأوسط كثيراً بصورة ليست في مصلحتنا. وفي اللحظة التي تحدث فيها الضربة الأولى، والتي ستكون غير مسبوقة، لن تكون في الإمكان السيطرة بعد ذلك، وستكون هناك مرة ثانية وثالثة للإيرانيين، وجميع الحواجز ستنهار، وحتى مع عدم وجود نية لدى إيران وإسرائيل للدخول في حرب إقليمية في هذه المرحلة، ومن الممكن أن نفقد السيطرة، إذا لم يكن هذه المرة، ففي المرة المقبلة، والتصعيد سيؤدي إلى نشوب حرب إقليمية شاملة من دون قصد لذلك.
- أوصي بشدة وزير الدفاع ورئيس الحكومة التوقف عن الإدلاء بتصريحات أغلبها ليس ذا صدقية. ونظراً إلى التوقعات الكبيرة لدى الشعب، فإن خيبة الأمل ستكون عظيمة، وإذا لم تكن لدى غالانت ونتنياهو الشجاعة لقول الحقيقة للشعب، فمن الأفضل ألاّ نسمع صوتهما في هذه الأوقات الصعبة. ونظراً إلى الطريقة غير العقلانية التي يتصرف بها نتنياهو وغالانت وهليفي، فإنهم فقدوا تماماً السيطرة على الوضع، والعجيب أن الجميع صامت، باستنثاء صوتي الذي هو صوت وحيد، ولا يمثل أصوات 10 ملايين مواطن. هؤلاء الثلاثة ومساعدوهم يتخذون القرارات من دون التفكير في "العواقب الكارثية" التي ستنتج منها، والجمهور يسير وراء هذه المجموعة التي ضلت طريقها.