الهجوم الإيراني: ردّ واحد فقط تكون نتيجته قيمة استراتيجية مهمة
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

المؤلف
  • هذا المساء، حدث أمر مهم، الهجوم الإيراني الأول والمباشر على إسرائيل بواسطة عشرات المسيّرات والصواريخ الثقيلة. على المستوى التكتيكي- العملاني، لقد سجلت إسرائيل لنفسها إنجازاً كبيراً، إذ تمكنت منظومتها الدفاعية المشتركة من كبح أكبر هجوم بالصواريخ والمسيّرات في العالم، مئة في المئة تقريباً.
  • وما لا يقل عن ذلك النجاح السياسي من خلال التعبئة التي قامت بها الولايات المتحدة للدول الغربية، والدول المجاورة في الشرق الأوسط، والتي كثّفت المنظومة الدفاعية الإسرائيلية وحولتها إلى منظومة متعددة الطبقات وأكثر فعالية بكثير.
  • ومع هذا كله، فإن المشكلة تكمن في البعد الاستراتيجي، إذ يبدو الواقع أكثر تعقيداً. لقد حوّل الهجوم الإيراني الانتباه عن الحرب في غزة. هناك مَن ينظر إلى هذه التطورات نظرة إيجابية ويعتبرها فرصة، لكن يجب أن ندرك أن أهمية الموضوع تكمن في أن المجهود الإسرائيلي في عزل  ساحات الحرب المختلفة باء بالفشل.
  • الهجوم على إسرائيل حوّل هذه الحرب، عملياً، إلى حرب متعددة الساحات، وجعل المواجهة التي تخوضها إسرائيل أكثر تعقيداً واستمرارية. فإلى أي مدى كانت إسرائيل مهيأة لمعركة من هذا النوع، والتي أصبح عنصر الاستنزاف فيها مهماً جداً؟ هذا السؤال أساسي، ويبدو أنه مرتبط بمسـألة إلى متى سيستمر حصول إسرائيل على دعم شركائها في العالم.
  • ما هو واضح  ولا مجال للشك فيه، أنه انتهت الأيام السعيدة للمعركة بين الحروب الإسرائيلية وحرب الاستنزاف التي استخدمتها إسرائيل ضد إيران في سورية، وفي أماكن أُخرى، تحت غطاء السرية والإنكار. وبهذا المعنى، فإن الإيرانيين قلبوا الطاولة وخرقوا قواعد اللعبة. وإيران ستردّ مباشرة الآن على المعركة بين الحروب الإسرائيلية.
  • علاوةً على ذلك، يجب فحص الهجوم الإيراني من منظور أكثر شمولاً. ومجرد حصوله، على الرغم من D’ont الأميركية وضغوط واشنطن لمنع العملية، هو بمثابة تلميح، ليس فقط إلى الطريقة التي تقرأ فيها إيران الضعف الأميركي، بل أيضاً إلى الطريقة التي تقدّر فيها الدعم الذي تحظى به من شريكتيها، روسيا والصين. من هذه الناحية، يشكل هجوم أمس نقطة تحوّل استراتيجية تخطت قيود الركود التي كانت تسود المنطقة وخرقتها.
  • هذا الأمر دفع بإسرائيل إلى الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الأمن في الأمم المتحدة، لكن معضلة إسرائيل في الوقت الحالي عميقة. هل تردّ، مع علمها بوضوح أن الصواريخ والمسيّرات الإيرانية الموجهة نحوها لن تكون الأخيرة، ومن المؤكد أن الردّ الإسرائيلي سيواجَه بردّ إيراني؟ من جهة أُخرى، إن عدم الرد سيكبّدنا ثمناً باهظاً، بحسب قواعد اللعبة الإقليمية.
  • يضاف إلى ذلك، أن خصائص الرد ونوعيته مرتبطان بموقف الأميركيين الذين منحهم وقوفهم إلى جانب إسرائيل موطىء قدم بشأن كل ما له علاقة بتحديد خطوات إسرائيل المقبلة حيال طهران.
  • والانطباع أن واشنطن أرادت تقليص الحادثة ومنع موجات محتملة  وتركيز الجهود على المستوى السياسي. والسؤال هو: إلى أي مدى ترغب واشنطن في تحقيق الحلم الوهمي الإسرائيلي بضرب المنشآت النووية الإيرانية؟ هذا السؤال من السهل تخمين الإجابة عليه.
  • في أي حال، يمكن الافتراض أنه سيكون للدعم الأميركي الواسع النطاق أثمان تتجاوز ساحة المناوشات الإيرانية، ولاحقاً، ستكون مهمة لبلورة المعركة في ساحة تبدو بعيدة وثانوية حالياً، بعد التطورات الأخيرة، وهي ساحة قطاع غزة ورفح، والتي تشهد الآن نوعاً من الجمود.
  • وإذا كان المقصود إنجازاً تكتيكياً ضخماً إلى جانب تعقيد استراتيجي كبير، فإن هذا التعقيد ينطوي على تهديد كبير لتحويل المعركة إلى حرب استنزاف على الطريقة الأوكرانية، لكنه ينطوي أيضاً على فرصة معينة. وإذا أرادت إسرائيل تحقيقها، فعليها عدم "هدر" فرصة القيام بردّ مضاد يمكن أن تنتج منه قيمة استراتيجية كبيرة.
  • الرد الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى هذه القيمة هو مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. لكن مثل هذا الرد يتطلب استعداداً وضبطاً للنفس في المدى القصير، وبصورة خاصة، هو يتطلب تعاوناً أميركياً. من دون ذلك، لن يكون هذا الخيار واقعياً. لذلك، يتعين على إسرائيل أن تتوجه نحو عملية متوزانة تنطوي على استعداد لكبح أي ردّ مباشر، عبر الاتفاق مع الولايات المتحدة ودول أوروبية على بناء تحرُّك، هدفه القضاء على المنشآت النووية الإيرانية.