استقالة يهودا فوكس أهم من استقالة أهارون هاليفا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • يوم الاثنين، عشية عيد الفصح، أعلن جنرالان إسرائيليان استقالتيهما، كانت استقالة الأول فورية، والأُخرى نافذة في شهر آب/أغسطس المقبل. فالاستقالة الأولى، صدرت عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أهارون هاليفا، أمّا الثانية، فصدرت عن قائد المنطقة الوسطى يهودا فوكس. لقد احتلت استقالة هاليفا جميع العناوين الرئيسية، فهو صاحب أرفع منصب، حتى الآن، يستقيل بسبب مسؤوليته عن أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وألقى الضجيج المتعلق بهذه الاستقالة الظلال على الاستقالة الثانية ودوافعها، على الرغم من أن استقالة فوكس تستحق اهتماماً لا يقل عن الاهتمام باستقالة هاليفا، وهي أسباب ليست بعيدة عن الحرب الجارية وسياقها.
  • رسالة استقالة هاليفا، التي وصفها موقع "Ynet" بأنها "وثيقة تاريخية" (قد يكون المحرر أراد أن يشكر هاليفا، عبر هذا العنوان، لأنه أرسل الرسالة إليه، ليمنحه السبق الصحافي)، كتب فيها الرجل بصورة صريحة أن "شعبة الاستخبارات، تحت قيادتي، لم ترقَ إلى مستوى المهمة التي اؤتمنت عليها"، وأضاف في رسالته أنه سيظل يحمل في قلبه الألم الفظيع الناجم عن الحرب. كما دعا في الرسالة أيضاً إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية تحقق في "جميع الأسباب والظروف التي أدت إلى وقوع الأحداث الخطِرة".
  • ما من شك في أن هاليفا سينال فضلاً كبيراً لقاء تحمُّله المسؤولية والاستقالة، وربما يحظى بالراحة نتيجة التوقّف عن ملاحقته من جانب الذين يتهمونه، ويتهمون الشعبة التي قادها بتهم لا تقلّ عن الخيانة والتعاون مع العدو (وهي كناية عن تمظهرات لنظريات مؤامرة لا تزال سارية بين الناس)، لكن لا يجب أن نبالغ في اللطف معه، ولا ينبغي للجنة  حيوت [رئيسة المحكمة العليا السابقة إستر حيوت]، عندما تتشكل، أن تعفيه من المسؤولية لمجرد أنه استقال، ولم ينتظر إزاحته من منصبه قسراً، إذ كان من المفترض أن يتقاعد هاليفا عمّا قريب، ويبدو أن هذا المنصب كان المنصب الأخير الذي سيشغله في الجيش (فهو يبلغ من العمر 56 عاماً، ويخدم للمرة الثالثة برتبة جنرال). وبذا، فإن استقالته ليست سوى استقالة إعلانية.
  • في حالة الجنرال فوكس، في المقابل، فإن الاستقالة هي ذات معنى شديد العملانية: فهو يشغل للمرة الثانية منصبه كجنرال، في مسار من المعروف أنه أدى في الماضي، أكثر من مرة، إلى إيصال شاغله إلى منصب نائب رئيس هيئة الأركان وأكثر من ذلك، فضلاً عن أن فوكس يُعتبر أحد الجنرالات الأقل تأثّراً بإخفاقات الحرب. لهذا السبب، ربما يكون من المثير للاهتمام أكثر قراءة رسالة استقالته، هذا إذا ما تم نشرها أصلاً. أشارت التقارير المتعلقة باستقالته إلى أن فترة ولايته ترافقت مع اشتباكات مع مستوطنين وعناصر من اليمين الإسرائيلي، والصورة الأولى التي ظهرت في نتائج البحث في "غوغل" يوم أمس لدى كتابة اسم "يهودا فوكس" في محرك البحث، صورة مركّبة له، وهو يرتدي البزة النازية، بشارب هتلر [نتيجة تحريض عناصر اليمين الإسرائيلي ضده]، وهذه الاشتباكات دفعت برئيس جهاز الشاباك إلى الإعلان أن هناك تهديدات ملموسة لحياة فوكس، وهو ما دفع إلى تكثيف الحراسة الأمنية حوله، لكنها ليست سوى مجرد تقارير.
  • من المؤسف أننا لم نتمكن من قراءة نص الاستقالة، الذي لا بد من أن يشمل التفاصيل الكاملة للأحداث والتجارب التي تعلّمها من ناكري الجميل الذين أمضى حياته في حمايتهم، وقاتل من أجلهم. ومن المؤسف أننا لم نسمع كيف أن أولئك الذين يقطنون، بصورة مخالفة للقانون، في الميدان الذي أنيطت بالجنرال فوكس مهمة تأمينه، لم يمنحوه يوماً واحداً من الهدوء، حالهم في ذلك حال "المخربين الفلسطينيين" الذين قاتلهم، هو وجنوده. ومن المؤسف أننا لم نقرأ حتى الآن رسالته التي لا بد من أنه تحدث فيها عن كيفية مواجهته المصاعب من ساحته الخلفية (كتيبة "نيتساح يهودا" التي تتبع لقيادته تنظيمياً، وعملت في ميدانه)، ومن الخارج (المستوطنون العنيفون) ومن فوقه (أعضاء الكنيست والوزراء الذين افتروا عليه، وعلى أدائه)، وهي مصاعب اصطدم بها لدى محاولته القيام بدوره الذي كان مرتبطاً بالصراع السيزيفي اللانهائي، الهادف إلى الحفاظ على أمن كل هؤلاء، وهي نقطة يجب أن نعيدها، مراراً وتكراراً.
  • لقد أعلن فوكس استقالته، لاعتباراته الخاصة، بعد ساعات قصيرة من إعلان هاليفا. لقد كان هو مَن قرر وضع استقالته في ظل الاستقالة الكبيرة، وهذا مؤسف جداً. إن إزاحة ضابط، فعلياً، بواسطة أقلية عنيفة ومتطرفة، هي أهم كثيراً من ضابط قدّم استقالة واجبة، وظروف تقديمها مفهومة ضمناً.