تقرير: تفاقُم حدة الخلافات بين قيادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ونتنياهو، على خلفية مطالبته بالحسم في 5 قضايا استراتيجية ضرورية من أجل إنهاء الحرب على غزة وإيقاف القتال في مقابل حزب الله
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

علمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن حدّة الخلافات بين قيادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بمن فيها وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الجنرال هيرتسي هليفي، وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في ظل الحرب على قطاع غزة، آخذة بالتفاقم من يوم إلى آخر، وذلك على خلفية مطالبة قادة المؤسسة الأمنية نتنياهو بالحسم في 5 قضايا استراتيجية يعتبرونها ضرورية من أجل إنهاء الحرب على غزة وإيقاف القتال في مقابل حزب الله، وهم يقولون إن نتنياهو يمتنع من الحسم في هذه القضايا، وبذلك يمنع الجيش الإسرائيلي من التقدم نحو تحقيق أهداف الحرب.

وتتعلق القضية الأولى بالمخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، إذ تطالب المؤسسة الأمنية نتنياهو بأن يقرر ما إذا كان سيتم إيقاف الحرب لفترة غير معروفة لمصلحة صفقة شاملة يتم تنفيذها على عدة مراحل، أو مرحلة واحدة. ويؤكد الجيش الإسرائيلي، وبدعم من جهاز الأمن العام ["الشاباك"]، لنتنياهو أن في إمكانه أن يهزم حركة "حماس"، سواء استمرت الحرب وجرى اجتياح رفح، أو تم تأجيل الحرب إلى موعد آخر. وهذا يعني أن الجيش يطالب بهدنٍ، لكن نتنياهو يرفض ذلك.

وتتعلق القضية الثانية بـ"اليوم التالي للحرب" في قطاع غزة. وتعتبر المؤسسة الأمنية أن عدم اتخاذ نتنياهو أيّ قرار بهذا الشأن، وعدم وجود خطوات سياسية لإقامة حُكم مدني بديل من "حماس" في القطاع، يؤديان إلى عودة هذه الحركة إلى مناطق تم إخراجها منها، واستقرارها فيها من جديد. وتعتبر المؤسسة الأمنية أنه لا جدوى من اجتياح رفح من دون وجود حُكم بديل من "حماس"، لأن الحركة ستعود إلى السيطرة على منطقة الحدود مع مصر واستئناف نقل أسلحة إلى القطاع، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من رفح. وبحسب المؤسسة الأمنية، ثمة بديلان أمام إسرائيل: إمّا إقامة حُكم عسكري يستوجب تجنيد فرقتين عسكريتين تبقيان بشكل دائم في القطاع وتديرانه، أو أن يتوصل نتنياهو إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن تشكيل هيئة سلطوية في القطاع تكون مقربة من حركة "فتح"، بموافقة صامتة من جانب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وبدعم ورعاية قوة عربية تشكلها الإمارات ومصر والأردن، وربما السعودية والبحرين أيضاً. وتحتّم خطوة كهذه على نتنياهو وحكومته الاستجابة لمطلب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالموافقة المبدئية على حلّ الدولتين. ويطالب الجيش الإسرائيلي وجهاز "الشاباك" نتنياهو باتخاذ قرار حيال ذلك، وتنفيذه بسرعة، ويؤكدان أنهما سينفّذان القرار مهما يكن.

وتتعلق القضية الثالثة باجتياح مدينة رفح. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه أعدّ خطة قابلة للتنفيذ لإجلاء نحو مليون نازح عن رفح، ويلي ذلك توغُّل بري في المدينة ومنطقتها على مراحل، وأنه بهذه الطريقة سيفكّك كتائب "حماس" الباقية ومقاتلي حركة الجهاد الإسلامي في هذه المنطقة. وصادق رئيس هيئة الأركان العامة على خطتَي إجلاء السكان المدنيين عن رفح واجتياح المدينة، لكن نتنياهو  ما زال غير مستعد لإصدار الأمر بتنفيذهما. وعلمت "يديعوت أحرونوت" بأن قادة الجيش يدركون أن قراراً كهذا ليس سهلاً بسبب ترجيح وجود المخطوفين الإسرائيليين في رفح، وكذلك بسبب وجود ضغوط دولية تطالب بعدم تنفيذ الاجتياح، ومع ذلك، يوجّه قادة الجيش انتقادات شديدة إلى نتنياهو بسبب عدم إصداره أمر بدء إجلاء السكان المدنيين عن رفح.

وتتعلق القضية الرابعة بالمواجهات المسلحة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في الجنوب اللبناني ومنطقة الحدود الشمالية. ويتخوّف الجيش من احتمال استمرار هذه المواجهات فترة طويلة، بحيث تصبح وضعاً اعتيادياً يحول دون إمكان عودة سكان البلدات الإسرائيلية القريبة من منطقة الحدود اللبنانية إلى بيوتهم. وفي الوقت نفسه، يعتقد الجيش أن توسيع الحرب في مقابل حزب الله يجب أن يتم فقط بعد تحقيق استقرار وحسم في قطاع غزة.

وتتعلق القضية الخامسة بالميزانية الأمنية، إذ تدّعي المؤسسة الأمنية أنها غير واضحة، وتشدّد على أن هذه القضية مهمة، في ضوء الاستعداد لمواجهة محتملة مع إيران. كما أن المؤسسة الأمنية تمارس ضغوطاً من أجل زيادة هذه الميزانية.

وأكد مصدران رفيعا المستوى في المؤسسة الأمنية لـ"يديعوت أحرونوت" أنه في حال عدم اتخاذ قرارات بشأن كل هذه القضايا، فقد ينفّذ قادة المؤسسة والجيش وغالانت خطوات امتنعوا من تنفيذها حتى الآن، من دون أن يذكرا مزيداً من التفاصيل.

وقال أحد هذين المصدرَين إن عدداً من ضباط الجيش قد يعلن خلال الأشهر القريبة استقالات بسبب ضلوع هؤلاء في إخفاق هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهذا الأمر سيسهّل على المستقيلين إيضاح مواقفهم لنتنياهو والوزراء.