بايدن يحاول الموازنة بين حاجاته السياسية، لكن هذا لا يهمّ السنوار ونتنياهو
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • تضغط إدارة الرئيس بايدن على إسرائيل، كما يضغط الوسطاء في مصر وقطر للتوصل إلى وقف إطلاق للنار في غزة، لأنها تعتبره مفتاحاً استراتيجياً لتحقيق كل الأهداف المباشرة والبعيدة الأجل للولايات المتحدة في الإقليم، وفي الداخل الأميركي.
  • تعتقد الإدارة الأميركية أن وقف النار سيتيح تحرير المخطوفين، وسيدفع قدماً بصوغ بديل من سلطة "حماس"، وبُعدها عن غزة، ويوقف النار على الحدود مع لبنان، ويسمح للوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين باستئناف مساعيه للتوصل إلى حلّ يُبعد حزب الله عن الحدود مع إسرائيل، ويوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، ويدفع قدماً بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية، ويستكمل قيام محور عسكري سياسي قوي ضد إيران وأذرعها.
  • بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي وقف إطلاق النار إلى تقليص الاضطرابات العنيفة في حرم الجامعات، والتي تضرّ بحملة بايدن الانتخابية. مؤخراً، اتخذ بايدن خطوات متعارضة أضرّت بفرص تحقيق المفتاح الاستراتيجي. لقد ألغى، تقريباً، كل أدوات الضغط على يحيى السنوار.
  • رفض بايدن وإدارته المناورة العسكرية في رفح بشدة، وهددوا بتقليص تزويد إسرائيل بالسلاح، وفكروا في فرض عقوبات على وحدة في الجيش الإسرائيلي [فرقة نيتساح يهودا]، وأضرّوا بشرعية الحرب ضد "حماس"، واتهموا إسرائيل على الدوام، ومن دون حق، بأنها لا تسمح بمرور ما يكفي من المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولهذه الغاية، بنوا رصيفاً بحرياً في شمال القطاع من أجل زيادة المساعدات.
  • بالإضافة إلى ذلك، لم تبذل الإدارة الأميركية ما يكفي من أجل إدانة ووقف الاحتجاجات المعادية للسامية، والتي يثيرها مؤيدو "حماس" والفلسطينيين في الجامعات الأميركية، ولم تحذّر محكمة الجنايات الدولية في لاهاي من مغبة إصدار أوامر اعتقال ضد شخصيات إسرائيلية. هذه الخطوات شجعت السنوار على التفكير في أن الوقت يعمل لمصلحته، وأن لديه فرصاً جيدة في البقاء، وهو يسمح لنفسه بالضحك على الولايات المتحدة، وعلى الدول الوسيطة.
  • لقد صاغت الولايات المتحدة مع إسرائيل ومصر وقطر اتفاقاً بشأن وقف النار وتحرير المخطوفين. وقبِلته إسرائيل. الرئيس الأميركي ووزير الخارجية أنتوني بلينكن وصفا الاتفاق بأنه "سخيّ جداً" من جانب إسرائيل، وفرضوا على "حماس" مسؤولية تنفيذه. وقال بلينكن: إذا كانت "حماس" حريصة على سكان غزة، فعليها قبول الاتفاق. حجة ساذجة؛ منذ متى كان السنوار حريصاً على سكان غزة؟
  • والمفارقة أن التهديد الإسرائيلي بالعمل عسكرياً في رفح من جديد هو الذي خلق أداة ضغط على السنوار. قالت الإدارة والدول الوسيطة للسنوار إنه إذا رفض الاتفاق، فإن بايدن لن يوقف العملية الإسرائيلية. بمعنى أنه إمّا وقف إطلاق للنار، وإمّا عملية عسكرية في رفح. وقيل له أيضاً، في حال الرفض، إن قطر ستدرس طرد الزعامة السياسية لحركة "حماس" من أراضيها.
  • يعرف السنوار جيداً كيف يناور بين هذه الأوضاع، وهو قادر على قبول الاتفاق ورفضه، أو القول "نعم، ولكن"، أي اعتبار المخطط المقترح أساساً فقط للمفاوضات. بايدن وإسرائيل والدول الوسيطة خلقوا انطباعاً بأن المقصود اتفاق للقبول، أو الرفض، وليس أساساً للمفاوضات.
  • المتظاهرون "المشاغبون" في الجامعات الأميركية هم من الشباب المسلم والتقدمي، وينتمون إلى الحزب الديمقراطي، ويهددون بايدن بعدم التصويت له في الانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد أشهر، إذا لم يوقف دعمه لإسرائيل. هذا هو السبب الذي جعل بايدن يمتنع، حتى الأيام الأخيرة، من إدانتهم، أو التحرك ضدهم. هو فعل ذلك في الأسبوع الماضي، وبعد أن  سيطر العنف على الجامعات، وتخوّفه من أن يؤدي هذا إلى زيادة قوة ترامب الذين يتهم بايدن بالمسؤولية عن الفوضى في الجامعات، وبالخضوع لليسار الراديكالي.
  • يحاول بايدن الموازنة بين علاقته بإسرائيل وحاجاته السياسية والانتخابية. وفي تقديره، أن وقف إطلاق النار، وتحرير المخطوفين، والتطبيع بين إسرائيل والسعودية، كلها أمور ستساعد إسرائيل، كما ستساعده في معركته الانتخابية، وهو بحاجة إلى هذا كله في أقرب وقت ممكن، وقبل أن تصل الانتخابات إلى الجولة الأخيرة. لكن ليس من المؤكد أن السنوار ونتنياهو مهتمان بهذا التوازن الصعب.