المتظاهرون ضد إسرائيل في الجامعات الأميركية يرتكبون خطأً فادحاً
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- مباشرة بعد أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر بدأت موجة احتجاج معادية لإسرائيل، وإلى حد بعيد، معادية للسامية، في الجامعات في شتى أنحاء الولايات المتحدة، وقد تصاعدت هذه الموجة وازدادت إلى أن سُحقت في الأسبوع الماضي بعد اقتحام قوات الشرطة حرم جامعة كولومبيا في الشرق، وجامعة UCLA في الغرب.
- وقد استغل المتظاهرون جيداً ضعف إدارة الجامعات، والتي هي حصيلة عشرات السنوات التي ابتعدت خلالها الجامعات عن البحث عن الحقيقة (شعار جامعة هارفرد)، أو عن "أنوار وظلمات" وأخلاق وعدل (شعار جامعة ييل)، واستبدلت هذه المبادئ بمزيج من "الاستقامة السياسية" من جهة، أي الامتناع من الإدلاء بأي شيء يخرج عما يُعتبر صحيحاً في الساحة العامة في ذلك الوقت، وتيار WOKE الذي يصنف العالم إلى ظالم ومظلوم، ويكون فيه المظلومون على حق ومن دون علاقة بالوقائع من جهة أُخرى. وشكّل الظهور البائس لرؤساء جامعة هارفرد وMIT في جلسة الاستماع أمام الكونغرس نموذجاً مذهلاً لتراخي الإدارة في مواجهة المتظاهرين.
- ومع مرور الوقت، كان يبدو أن الاحتجاج ينجح في السيطرة على قلوب مزيد من الطلبة، ومجموعات أُخرى في أواسط المجتمع المدني الأميركي، وأن لا شيء يمكن أن يعترض طريقه. لكن حينها، ارتكب المتظاهرون خطأً فادحاً أدى إلى توجُه معاكس؛ فبدلاً من التركيز على إسرائيل فقط وعلى الأفعال التي تقوم بها، انتقلوا إلى مهاجمة رموز بارزة وطنية أميركية؛ إذ أنزلوا الأعلام الأميركية ورفعوا أعلاماً فلسطينية مكانها، وخربوا تمثال جورج واشنطن بالغرافيتي، ووضعوا كوفية على رأسه، وحمّلوه علم فلسطين في يده، وغيروا اسم مبنى مهم في جامعة كولومبيا من "هاملتون"، وهو بطل قومي يعود إلى مرحلة تأسيس الولايات المتحدة، إلى اسم فتاة من غزة [هند].
- وتكشف هذه التصرفات نقصاً جذرياً في فهم الثقافة الأميركية التي تقدس الروح الوطنية، فكل ولد في مدارس الولايات المتحدة يُقْسِمُ يمين الولاء في كل صباح، وفي كل لعبة كرة قدم يقف الجمهور وينشد بحماسة النشيد الوطني. وإن تمثال الجنود الأميركيين الذين يحملون العلم الأميركي بعد انتصارهم في معركة إيوجيما هو محجّة لكل مواطن يزور العاصمة واشنطن، كما أن كل عائلة وكل مدينة في الولايات المتحدة تحتفل بعيد الاستقلال الأميركي بصورة مقدسة.
- وحتى المنفتحون على حرية التعبير بصورة كبيرة ليسوا مستعدين للتسامح مع تدنيس الرموز الوطنية، لذا، فقد كانت النتيجة استخداماً شرساً للشرطة والحرس الوطني لسحق الاحتجاج. وقد عبّر عن ذلك بصورة جيدة رئيس بلدية نيويورك، إريك أدامز، حين قال: " لقد سقط عمي في المعركة دفاعاً عن أميركا، ولن أسمح لأحد بأن يرفع هنا أعلاماً لدولة أُخرى مكان عَلَم وطني."
- وفي هذه القصة درس أيضاً لأطراف معينة في إسرائيل؛ لا تجعلوا الصورة الرقيقة والمهذبة للولايات المتحدة تخدعكم؛ يمكنكم أن تتجادلوا مع الأميركيين، ويمكن أن ترفضوا (بتهذيب) ما يكتبونه، لكن يُحظر عليكم مطلقاً المساس بكرامتهم ورموزهم الوطنية.