إخفاقات وحدة التجسس 8200 التي كانت جزءاً من إخفاق عدم الإنذار باحتمالات نشوب حرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • في مثل هذا الأسبوع، قبل عشرة أعوام، قامت المقاتلات الجوية الإسرائيلية بقصف أنفاق "حماس"على مَن فيها، فقُتل العشرات من مقاتلي النخبة، الذين كانوا على وشك تنفيذ عملية جماعية تشمل اختطاف مواطنين إسرائيليين إلى قطاع غزة. تلك الضربة التي تلقتها "حماس" في ذلك اليوم كانت طلقة افتتاح لحملة "الجرف الصامد" [العصف المأكول بالنسبة إلى "حماس" والبنيان المرصوص بالنسبة إلى الجهاد الإسلاميٍ]. وعلى غرار ما حدث في حملة "أسوار أريحا"، حيث وضعت إسرائيل يدها على خطة اجتياح من جانب حركة "حماس"، وهو ما منع تنفيذ هجوم مشابه لهجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، قبل نحو عقد من الزمن.
  • قال مسؤول أمني كبير سابق: "لقد شكلنا طاقماً مشتركاً من الشاباك والوحدة 8200 وفرقة قطاع غزة، وصممنا نموذج إنذار. وبحسب هذا النموذج، إذا اجتمعت عدة عوامل، فهذا يعني أن "حماس" على وشك الاجتياح. من ضمن هذه العوامل، هناك عامل واحد يتعلق بمقاتلي حركة "حماس" أنفسهم، وعامل آخر يتعلق بالموعد، وعامل ثالث يرتبط بموضع الهجوم. لقد بذلنا جهداً كبيراً في التجسس. ولحظة اكتشافنا أن هذه الأمور تجري، رفعنا علم الخطر".
  • هكذا انطلقت حملة "الجرف الصامد"، من دون أن تشمل مختطفين إسرائيليين، ولا سيارات "بيك أب" تابعة لحركة "حماس" على الأراضي الإسرائيلية. لقد عالجنا ذلك التحذير بشأن اجتياح من جانب "حماس" بصورة ممتازة، لكن خلال القتال نفسه، كنا نعاني جرّاء فجوات استخباراتية هائلة. وبعد بضعة أيام على إعلان وقف إطلاق النار، التأم اجتماع في شعبة الاستخبارات العسكرية، صدر فيه القرار بشأن تخصيص موارد طائلة تتيح للشعبة الاقتراب أكثر من نبض حركة "حماس".
  • قامت  الوحدة 8200 بنشاط هائل لتحسين عمليات جمع المعلومات المتعلقة بحركة "حماس"، وهذا النشاط وصفه مسؤول سابق في الشعبة بأنه "إوزة تبيض ذهباً"، حين قال إن طريقة العمل هذه وفرت إنذارات "بتركيز مضاعف ألف مرة مما سبق في حملة الجرف الصامد".
  • في نيسان / أبريل 2022، أي بعد نحو ثمانية أعوام، قامت الوحدة 8200 بوضع يدها على وثيقة مكتوبة باللغة العربية، تتكون من عشرات الصفحات، تحمل في طياتها المخطط الأهم لحركة "حماس"، حملة "طوفان الأقصى"، أو ما يعرّفه الإسرائيليون باسم "أسوار أريحا". كان من المفترض أن يعمل شخصان على مدار الساعة، من أجل بلورة خطة إنذار، وهما: قائد الوحدة 8200 يوسي ساريئيل والضابط "ج"، وهو رئيس وحدة التشغيل في شعبة الاستخبارات. ويتضح من نتائج تحقيقنا أنهما لم يفعلا أيّ شيء، بكل بساطة. ويدّعي المسؤول في شعبة الاستخبارات نفسه أن مَن التقى قائد الوحدة 8200، يوسي ساريئيل، بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، كان لديه انطباع أنه لم يعلم بهذا النشاط أصلاً.

 

"تدهوُر استمر عامين ونصف"

  • تم تعيين يوسي ساريئيل مسؤولاً عن الوحدة 8200 المهمة من طرف رئيس هيئة الأركان السابق، أفيف كوخافي، ورئيس شعبة الاستخبارات السابق، تامير هايمن. وذلك على الرغم من تحذيرات واضحة تلقاها هذان الاثنان ممن سبقوا ساريئيل في منصبه، وأحدهما ادّعى أن الرجل "غير ملائم للمنصب"، وأن تعيينه "سيتسبب بكارثة".
  • كان هناك منظومة جمع معلومات أُخرى استخدمتها الوحدة 8200، قدّمت معلومات مثيرة عن حركة "حماس"، ونالت الوحدة جائزة "أمن إسرائيل". قبل أسبوعين، نشرنا هنا أنه حدث خلل في المنظومة التي تم تشكيلها، ليلة 6/10/2023، ولم يتم إصلاحها إلّا بعد أن اجتاح مقاتلو "حماس" إسرائيل.
  • هذا الاستخفاف في داخل المنظومة، الذي أدى إلى تآكلها وتآكل رصيدها الاستخباراتي الهائل، بدأ مع تولّي يوسي ساريئيل قيادة الوحدة 8200. يقول أ. وهو ضابط كبير سابق في شعبة الاستخبارات "في عهد قائد الوحدة 8200 السابق، قمنا بشحذ وتنظيف هذه المنظومة. لقد حافظ عليها العناصر بالعمل فيها على مدار الساعة، وطوال أيام الأسبوع، وكان هناك قليل من الأخطاء. وفي معظم الأحيان، قدمت تلك المنظومة معلومات. لكن في عهد ساريئيل، تم إهمالها". وأضاف مسؤول سابق آخر في الشعبة "لقد أهملنا المنظومة التي وفرت لنا معلومات استثنائية بشأن "حماس". وتمثل الأمر في تدهور استمر عامين ونصف العام. وقد حدث ما حدث لأن أحداً لم يكن قادراً على التمييز بين الغثّ والسمين في المعلومات الصادرةعنها".
  • يظهر استخفاف ساريئيل بالمنظومة أيضاً في رغبته في إغلاقها بسبب مصاعب تشغيلها. وبحسب أحد المسؤولين السابقين في شعبة الاستخبارات، فإن إحدى ضابطات الوحدة ادّعت أن ما يحاول ساريئيل فعله "ليس أخلاقياً تجاه سكان الجنوب"، ولذا، قرر ساريئيل عدم إغلاقها، لكن المنظومة باتت أقل أهمية. "من دون شك، كان من شأن تلك المنظومة تقديم صورة مختلفة في اليوم الذي سبق الهجوم، لكن لكي يحدث ذلك، كان هناك حاجة إلى أسبوع عمل، إلا إن ساريئيل قرر أن هذا الجهد فائض عن الحاجة"، بحسب المسؤول السابق، لكن المحيطين بساريئيل ينكرون الأمر.

"لقد اكتشفنا أن الحالة سيئة بما يكفي"

  • قبل نشوب الحرب بتسعة أشهر، صرّح رئيس شعبة الاستخبارات أهارون حليفا بأنه يتوقع "أن الهدوء الذي تلا حملة ’حارس الأسوار‘ [حرب أسوار القدس] سيستمر خمسة أعوام"، واختار طاقماً من ضباط سابقين رفيعي المستوى في الشعبة للتحقيق في قدرات الشعبة، وبلورة خطة استراتيجية مستقبلية. وبحسب أحد أعضاء هذا الطاقم، اتضح أن الثقة باستمرار "الهدوء" ظهرت أيضاً في تقديرات الشعبة ذاتها.
  • صرّح أحد الضباط الكبار في الاستخبارات بأنه "اتضح أن ثقة عناصر الشعبه بأنفسهم كانت قوية جداً، وأكثر من اللازم. لقد قالوا إن وضع الاستخبارات لم يكن أفضل مما هو عليه قط. وسألنا حاليفا عن الدرجة التي يمنحها لأدائهم، فأجاب: 90 من 100. كنا مصدومين. لقد اكتشفنا أن الحالة سيئة جداً، وكنا على وشك منحهم علامة 40 أو 50، لكننا منحناهم درجة 60، لكي لا يصابوا بالصدمة"
  • بعد بضعة أشهر، أي في أيار/مايو 2023، حضر ضابط الاستخبارات في قيادة الجبهة الجنوبية اجتماعاً مع الضابط ج، رئيس وحدة تشغيل العملاء في شعبة الاستخبارات، وحذّر من أن الوحدة 8200 لا تقوم بتغطية قطاع غزة بصورة جيدة استخباراتياً، قائلاً إن هناك "فجوة حقيقية في جمع المعلومات". اعترف الضابط ج. بالفجوة، لكنه لم يقم بمعالجة الأخطاء، ولم يضف أيّ وسائل أُخرى لردم الفجوة المشار إليها.
  • بعد شهر، جاء ضابط الاستخبارات نفسه إلى مقر قيادة شعبة الاستخبارات لكي يعرض الصورة الاستخباراتية الميدانية التي يتلقاها من الشعبة، وقدم عرضاً نقدياً جداً، ادّعى فيه أنهم لا يوفرون له الأدوات. وبحسب بعض الذين حضروا الاجتماع، وقف يوسي ساريئيل  واتهمه بأنه "جاهل وسطحي"، وبأنه "لا يملك ما يكفي من ذكاء لكي يفهم المواد التي تقدمها له الوحدة". فردّ عليه الضابط ج، رئيس وحدة تشغيل العملاء في الاستخبارات، منتقداً إياه، وقائلاً إن تصرفاته غير لائقة.
  • لم يتحمل ساريئيل المسؤولية عن فشل الحوارات التي جرت منذ ذلك الحين، ولم يعلن عزمه على الاستقالة. بل بالعكس، لقد ادّعى أن الاستقالة تعني الجبن، وكذلك رئيس وحدة تشغيل العملاء، الضابط ج، الذي كان من المفترض أن يُحضر نموذج إنذار، استناداً إلى نموذج "أسوار أريحا"، فإنه لم يتحمل المسؤولية، وهو يطمح إلى أن يصبح قائد الوحدة 8200 المقبل.
  • وقد جاءنا هذا الرد من الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي: في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، كانت الوحدة 8200 جزءاً من الإخفاق الاستخباراتي الذي يتم التحقيق فيه في هذه الأيام. لقد تحمّل قائد الوحدة، العميد ي، المسؤولية في إطار منصبه. إن العميد المسؤول هو ضابط لديه امتيازات، وطوال حياته، ساهم في حماية أمن دولة إسرائيل، وهو يواصل قيادة الوحدة خلال الحرب، وتحقيق إنجازات مهمة. سيتم عرض نتائج التحقيقات بشأن ما حدث في السابع من تشرين الأول/أكتوبر علناً، وبصورة شفافة، بعد التوصل إلى الخلاصات، عبر إجراء منظم ومهني".