نتنياهو يستطيع منع نشوب حرب إقليمية، عليه فقط الموافقة على صفقة مع "حماس"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • يمكنك أن تشعر بحالة التأهب بانتظار اندلاع مواجهة إقليمية لعدة أيام في كل أنحاء الشرق الأوسط. وإلى جانب السؤال "التقني" (هل ستهاجم إيران إسرائيل بنفسها، أم ستكتفي بهجوم من وكلائها؟ وما هي أهداف الهجوم)؟ يتردد في المنازل، وفي الاستديوهات، سؤال واحد مركزي: هل ستنشب حرب إقليمية شاملة؟
  • المخاوف كبيرة، وهي تثير معها سيناريوهات مرعبة. هناك شيء غير واضح، ولا أحد لديه جواب محدد عنه. التحذيرات ودعوات الدول مواطنيها إلى مغادرة المنطقة، بالإضافة إلى إعلان شركات الطيران إلغاء رحلاتها، أمور تزيد في التوتر. ويبدو الشرق الأوسط جالساً على برميل كبير من البارود، وينتظر.
  • منذ مقتل الأولاد الـ12 جرّاء إصابتهم بصاروخ في مجدل شمس، قبل نحو أسبوع، والذي اتهمت إسرائيل حزب الله بإطلاقه، أضحت المنطقة على منحدر زلِق. إن وقوع حادثة بهذا الحجم، فرض على إسرائيل الرد، على الرغم من أنها وقعت في أراضٍ غير معترف، دولياً، بأنها خاضعة لسيادتها. صحيح أن الرد الإسرائيلي كان جراحياً، من خلال اغتيال المسؤول الرفيع المستوى في حزب الله فؤاد شُكر في قلب ضاحية بيروت الجنوبية، لكن بينما كان الجمهور يحاول استيعاب الضربة، وقع اغتيال آخر، طال هذه المرة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران. ومنذ ذلك الحين، أصبح اندلاع حرب واسعة النطاق أمراً واقعياً. لم يعد مطروحاً ما إذا كانت إيران هي التي ستردّ، أو أذرعتها، بل السؤال هو فقط كيف ومتى؟
  • لكن لدى شخص واحد القدرة على نزع فتيل القنبلة القابلة للانفجار، أو على الأقل، تهدئة المواجهة الوشيكة، إنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. إذا أعلن أنه ينوي السير في صفقة مع "حماس" تضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإعادة المخطوفين، ويدعو إلى جلسة للحكومة لمناقشة الموضوع، ويدعو الكنيست إلى الاجتماع، على الرغم من الإجازة الصيفية، فإنه سيضمن انخفاضاً فورياً في مستوى التوتر. وهذا الإعلان لن يكون بمثابة خضوع لإيران، أو لحزب الله، وبالتأكيد لـ"حماس". وفي الواقع، فإن كل رؤساء المؤسسة الأمنية في إسرائيل والولايات المتحدة ودول المنطقة يؤيدون الصفقة. كذلك، هناك أغلبية مع الصفقة في أوساط الجمهور الإسرائيلي، بدءاً من أهالي المخطوفين ومؤيديهم، وصولاً إلى المعارضة المستعدة لتقديم شبكة أمان لنتنياهو ضد إطاحة حكومته من طرف وزراء اليمين المتطرف.
  • لدى نتنياهو اليوم نوع من صورتَي انتصار: الأولى من بيروت، والأُخرى من طهران، وإذا شاء، هناك صورة أُخرى من غزة مع الإعلان بشأن نجاح محاولة اغتيال المسؤول الرفيع المستوى في "حماس" محمد الضيف. صحيح أن الدمار الهائل في القطاع والقتل الذي لا يمكن تخيُّله هناك، لا يشكلان اعتباراً لدى الجمهور الإسرائيلي بشأن وقف الحرب، لكن لدى رئيس الحكومة ما يكفي من الذرائع، في نظر الإسرائيليين، للموافقة على الصفقة.
  • صحيح أيضاً أن الرد العسكري من طرف إيران وحزب الله هو أمر واقع، وأنه خلال الحرب، حدثت هجمات مرّت بسلام نسبياً، لكن نتنياهو اختار المخاطرة، قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل [في 13 نيسان/أبريل]، معتمداً على منظومة الدفاع الجوي والدعم الأميركي ودول المنطقة. لكن هذه المرة، لا يستطيع أن يعتمد على ذلك، ولا أحد يضمن له نجاحاً مشابهاً. وخصوصاً أن ردّ حزب الله سيكون قوياً، والحوثيون أيضاً سيدعمون الهجوم.
  • مع ذلك، الإعلان بشأن صفقة وشيكة سيجبر إيران ومؤيديها على قياس ردودهم بحذر. ففي بيروت وطهران، هناك أسباب كثيرة لدفعهم إلى عدم حرق الجسور والبدء بمعركة لا يعرفون كيف ستكون نهايتها. الرغبة في الرد والانتقام ستظل مطروحة، لكن صفقة مع "حماس" تؤدي إلى وقف الحرب، ستسمح لهما بالرد بطريقة محسوبة، وتتيح للجميع استيعاب الحدث.
  • ليس المقصود مفاوضات بشأن اقتلاع مستوطنات، وإعادة مناطق، أو إقامة دولة فلسطينية. المقصود إعادة المخطوفين ووقف عشرة أشهر من الحرب، ومنع اندلاع حرب لم يشهد الشرق الأوسط مثيلاً لها من ذي قبل. كل المطلوب هو الموافقة على الصفقة، وهذا يعود إلى نتنياهو الذي يجب عليه عدم التردد.