فصول من كتاب دليل اسرائيل
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
في اجتماع مشحون عُقد أول أمس (الجمعة)، ناشدت مخطوفات إسرائيليات تم إطلاقهن وأفراد عائلات مخطوفين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو توقيع اتفاق لإطلاق أقاربهم، في حين أشار رئيس الحكومة إلى أنه لا يوجد اتفاق مطروح على الطاولة حالياً.
وتزيد تصريحات نتنياهو هذه في التشاؤم بشأن فرص نجاح المفاوضات الجارية بشأن المخطوفين، والتي سعت الولايات المتحدة لتأطيرها في إطار متفائل، حتى مع بقاء الجانبين بعيدين عن بعضهما البعض بشأن جلّ القضايا الرئيسية.
وكانت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 سرّبت تسجيلاً لهذا الاجتماع مع نتنياهو، يمكن منه سماع ابنة أحد المخطوفين وهي تقول لرئيس الحكومة: "يمكن تذكّرك في المستقبل، باعتبارك الشخص الذي قاد البلد إلى مكان أفضل، أو باعتبارك الشخص الذي أحدث الفوضى هنا. أنت رئيس الحكومة، وأنت مسؤول عن المخطوفين، وليس حركة ’حماس’ ولا أيّ شخص آخر، ومن المفترض أن تتوصل إلى اتفاق يعيد كل المخطوفين". وردّ نتنياهو: "ما الذي تقترحين أن أفعله؟"، فقالت: "أقترح أن توقّع صفقة تعيد المخطوفين إلى ديارهم. هناك صفقة مطروحة على الطاولة!" فردّ عليها رئيس الحكومة: "أيّ صفقة؟ كل مَن قال لك إنه كان هناك اتفاق [لوقف إطلاق النار في مقابل المخطوفين] مطروحاً على الطاولة، وأننا لم نوافق عليه لهذا السبب أو ذاك، لأسباب شخصية، فهذه مجرد كذبة".
وقالت مخطوفة تم إطلاقها لنتنياهو: "إنهم [المخطوفون المحتجزون في قطاع غزة] يموتون، وكل يوم أنت تقتل شخصاً آخر". فقاطعها نتنياهو قائلاً: "أحاول التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يزيد في عدد المخطوفين المفرَج عنهم".
وواصل نتنياهو تأكيده أن الرضوخ لمطالب "حماس"، بما في ذلك المطلب المتعلق بمحور فيلادلفيا، يعني انتصار هذه الحركة في الحرب وتوفير دفعة قوية للمحور المعادي لإسرائيل. وقال إن زعيم "حماس" يحيى السنوار عازم على مواصلة القتال. وردّت عليه مخطوفة أُخرى تم إطلاقها بالقول: "أنت أيضاً عالق تماماً في أيديولوجيتك الخاصة بك".
كما انتقد المشاركون في الاجتماع نتنياهو لرفضه زيارة أيٍّ من الكيبوتسات على طول منطقة الحدود مع قطاع غزة، والتي كانت من بين الأكثر تضرراً في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وذلك لكونها جزءاً من معسكر سياسي خصم لمعسكر رئيس الحكومة.
وسألت مخطوفة تم إطلاقها نتنياهو: "لماذا لم تعتذر؟" فردّ: "لقد فعلت ذلك في الواقع. وأعتقد أن اللوم على الهجوم سيُقسم بشكل جيد في وقت لاحق". فقالت له: "لم أتلقّ أيّ اعتذار. وأنت لم تتحمل أيّ مسؤولية".
وكانت زوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو حاضرة في الاجتماع، ودخلت في سجال مع المخطوفات السابقات. وعندما تحوّل الحديث إلى سؤال عن المسؤولية عن هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أصرّت سارة نتنياهو على أن الجيش هو المُلام الأول. وردّت إحدى المخطوفات السابقات "إن رئيس الحكومة هو القائد المسؤول عن الجيش". فأجابت سارة نتنياهو: "إن لم يخبروه بأيّ شيء، فكيف من المفترض به أن يعرف"؟
تجدر الإشارة إلى أنه في أوائل الشهر الماضي، قدّمت "حماس" اقتراحاً لصفقة تبادُل تضمّن، لأول مرة، تنازُلها عن مطلبها الرئيسي بأن تلتزم إسرائيل، مقدماً، بوقف دائم لإطلاق النار. وفي المقابل، أدخلت سلسلة من التعديلات على الاقتراح الإسرائيلي السابق. ورفض نتنياهو العديد من التغييرات، واستمر في إصدار مطالب جديدة، بما في ذلك أن يحافظ الجيش الإسرائيلي على وجوده في محور فيلادلفيا على طول منطقة الحدود بين مصر وغزة من أجل منع تهريب الأسلحة. كما أصرّ على إنشاء آلية لمنع الغزيين المسلحين من العودة إلى شمال غزة. وقد أصبح المطلبان الجديدان نقطتَي خلاف يعمل الوسطاء الأميركيون والقطريون والمصريون على التغلب عليهما.
وبالإضافة إلى رفض نتنياهو الانسحاب الكامل لقوات الجيش الإسرائيلي من الحدود بين مصر وغزة، فهو يصرّ على عدم الانسحاب من ممر نتساريم في وسط غزة حتى يكون الجيش قادراً، في رأيه، على ضمان عدم تهريب الأسلحة إلى شمال القطاع، في حين أن قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية يزعمون في أحاديث مغلقه أنهم قادرون على إدارة الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي، ويعتقدون أن هذا التنازُل يستحق القيام به من أجل إنقاذ المخطوفين الأحياء المتبقّين، قبل فوات الأوان.
وفي الأسبوع الماضي، حاول اقتراح أميركي تقريب وجهات النظر للتوصل إلى حل وسط بشأن مسألة انتشار القوات الإسرائيلية، لكن مسؤولَين عربيَّين من الدول الوسيطة صرّحا لوسائل إعلام إسرائيلية بأن الاقتراح يبالغ في تلبية مخاوف القدس. وقال مقربون من نتنياهو إن العرض الأميركي تناول فعلاً حاجات إسرائيل الأمنية. وأجرى الوسطاء محادثات في القاهرة مع وفد إسرائيلي، على مدار الأسبوع الماضي، لمحاولة الدفع بالمحادثات قدماً. ومن المقرر أن يجتمعوا مرة أُخرى في وقت لاحق من هذا الأسبوع، لكن "حماس" لم تقبل المقترح الأميركي بعد، وهو ما يشير إلى أنها مستعدة فقط لقبول صفقة تستند إلى الشروط التي قدمتها في 2 تموز/يوليو الماضي.
هذا وعقدت مخطوفات سابقات من اللواتي شاركن في الاجتماع مع نتنياهو مؤتمراً صحافياً في وقت لاحق أول أمس، فروت إحداهن أن نتنياهو قال لهن إنه سيفعل كل ما في وسعه لإعادة بقية المخطوفين إلى ديارهم، بينما قالت أخريات إنهن لم يغادرن الاجتماع متفائلات.
وقالت إيلا بن عامي، التي تم إطلاق والدتها خلال هدنة استمرت أسبوعاً في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ولا يزال والدها محتجزاً في غزة، إنها غير مقتنعة بقدرة الحكومة على إبرام صفقة تبادُل. وأضافت: "لقد طلبنا من رئيس الحكومة أن ينظر في أعيننا، وأن يعِدنا ببذل كل ما في وسعه، وإذا كان الأمر يعتمد عليه، ألّا يستسلم حتى يعود المخطوفون إلى هنا أحياء. لقد تلقينا موافقة وتأكيداً منه بهذا الشأن. إننا نطلب من رئيس الحكومة الوفاء بالتزامه وإعادتهم إلى الوطن. نحن ندرك أن هذه الفرصة ربما تكون الأخيرة، قبل أن ندخل في حرب واسعة النطاق، ونريد أن نرى أحباءنا في الوطن". وتابعت: "شخصياً، غادرت المكان وأنا أشعر بثقل وحزن شديدين، وأخشى على حياة والدي، وعلى الفتيات هناك، وعلى الجميع. ومع كل المعلومات المضللة التي نسمعها، لم نعد نعرف ما هو صحيح، وما هو غير صحيح".