مثلما فعلت في غزة، إسرائيل تقترب من حرب على لبنان من دون أن يكون لديها أهداف استراتيجية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • نشرت صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله قائمة طويلة وتفصيلية ودقيقة للغاية للمساعدات التي وزّعها الحزب على سكان الجنوب اللبناني. وتضمّنت 288.617 حصة غذائية، و97.906 مساعدة مالية شهرية للعائلات "الصامدة"، أي التي بقيت في قراها في الجنوب اللبناني، وللعائلات التي نزحت، ومساعدة أكثر من 25.748 شخصاً دُمِّرت منازلهم، و3.188 مساعدة إيجارات للمنازل، وهلمّ جرا. وجرى التذكير أنه مقارنةً بحرب لبنان الثانية، هذه المرة، لم ينتظر حزب الله انتهاء الحرب من أجل ملء الفراغ المعتاد لغياب الحكومة ومؤسساتها والمساعدات المحلية والدولية".
  • ما نُشر هو جزء من حملة يقوم بها حزب الله للتأثير في الرأي العام اللبناني في مواجهة الانتقادات الشعبية والسياسية ضد الحرب. لكن هذا ليس منقطعاً عمّا يسمعه الحزب بشأن ما يحدث في إسرائيل. حيث يسود الإحباط واليأس وسط نحو 100 ألف إسرائيلي غير قادرين على العودة إلى منازلهم؛ ويد الحكومة الإسرائيلية المكبلة لا تبذل ما يكفي لمساعدة العائلات الإسرائيلية "الصامدة"، والتي هُجِّرت من منازلها.
  • حزب الله يعتبر نزوح عشرات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين جزءاً من انتصاره في المعركة ضد إسرائيل، كما يعتبر إشغال الجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية ركيزة أساسية في مساهمة الحزب في "وحدة الساحات"، الأمر الذي يخفف من الضغط على غزة...
  • في لبنان، يفحصون "الدلائل" التي تشير إلى اقتراب نشوب الحرب في لبنان بقلق كبير. وبالإضافة إلى التصريحات الإسرائيلية العدائية والتحذيرات التي تنقلها الإدارة الأميركية إلى الحكومة اللبنانية بشأن النيات الإسرائيلية، فإن تصاعُد الهجمات الإسرائيلية وتوسُّعها جغرافياً، وخصوصاً نحو قرى في الجنوب قريبة من مدينة صور، تُفسَّر بأنها نيات إسرائيلية بشأن إقامة "منطقة فاصلة " بين الجنوب وبين نهر الليطاني. وتحدثت تقارير لبنانية عن هجمات عنيفة على منطقة الأحراج الكثيفة في ضواحي مدينة صور، حيث يُشتبه في أن حزب الله يضع منظومة صواريخه المتوسطة والبعيدة المدى. وتُفسَّر هذه الهجمات في لبنان بأنها إعداد الأرضية لهجوم واسع. وكذلك الهجوم الواسع الذي شهدته سورية ليل الأحد- الاثنين، وأدى إلى مقتل 16 شخصاً ... هو  في رأي معلّقين لبنانيين وعرب، أوسع  من هجوم  على موقع عسكري محدد، سبق أن تعرّض للهجمات عدة مرات في الماضي.
  • ... في غضون ذلك، لا يزال حزب الله أسير الصيغة التي وضعها بنفسه، والتي ربط فيها المواجهات مع إسرائيل، أو وقف إطلاق النار، بالتطورات في غزة، وباتفاق وقف إطلاق النار مع "حماس". وما دامت هذه المعادلة قائمة، فإن التحرك الدبلوماسي من أجل وقف المواجهات في الشمال يتركز بصورة أساسية على نقل الرسائل والتهديدات العلنية، سواء إلى حزب الله، أو إيران، بهدف تقليص حدة المواجهات ومنع نشوب حرب واسعة النطاق. في المقابل، تتواصل المحادثات بين الولايات المتحدة وفرنسا والحكومة اللبنانية، وبصورة غير مباشرة، مع حزب الله، من خلال رئيس البرلمان نبيه بري، بشأن خطة "اليوم التالي للحرب"، التي تركز على كيفية تطبيق القرار 1701. لكن هذا الأسبوع، فاجأ وزير الخارجية عبد الله بو حبيب القيادة السياسية عندما قال إنه تحدث مع الأطراف المطّلعة على الموضوع فيما يتعلق باستعداد لبنان لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار". واستناداً إلى كلامه: "نتحدث مع كل الدول، ومع مجلس الأمن، أنه عندما يجري التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، سيتعين على مجلس الأمن اتخاذ قرار جديد، لا يكون نسخة معدّلة عن القرار 1701".
  • ليس واضحاً ما دفع بو حبيب إلى هذا الكلام الذي يتعارض مع الموقف الثابت للحكومة اللبنانية، الذي يطالب بتطبيق القرار 1701 كاملاً، مع تعديلات طفيفة، من دون تغيير في جوهره. لقد تعرّض بو حبيب لسيل من الانتقادات، بعدها سارع إلى التوضيح أن "ما قيل بشأن اتخاذ قرار جديد (بدلاً من القرار 1701) هو مسألة نظرية، وليست بديلاً من القرار الموجود. لكننا منفتحون دائماً على الحوار الإيجابي مع كل شركائنا، ضمن إطار المبادىء والاتفاقات الداخلية".
  • بيْد أن المبادىء والاتفاقات الداخلية في لبنان هي "مسألة نظرية"، لكن يبدو أن كلام الوزير ليس "نظرياً، بل مصدره توضيحات وصلته من الولايات المتحدة، وبصورة غير مباشرة من إسرائيل، مفادها أن القرار 1701 فقد دلالته في مواجهة التهديد الباليستي البعيد المدى لحزب الله. فهذا القرار يطلب من الحزب الانسحاب إلى ما وراء الليطاني وإبعاد تهديد الصواريخ القصيرة المدى والقذائف المدفعية التي تتسبب بضرر كبير، لكن هذا الانسحاب لا يمنع خطر الصواريخ البعيدة المدى، أو المسيّرات. ومعنى ذلك، أنه حتى لو جرى التوصل، فجأة، إلى وقف إطلاق نار في غزة يتبناه حزب الله، فإنه لن يكون كافياً لخلق الشعور بالأمان، ويسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم.
  • ويبرز هنا غياب استراتيجيا إسرائيلية واضحة تشرح أيّ نوع من التسوية تسعى لها مع حزب الله ولبنان. ومقارنةً بتدمير "حماس"، أو على الأقل، القضاء على قدراتها العسكرية وإحباط سيطرتها المدنية في غزة، التي وُضعت كجزء من أهداف الحرب، فإن إسرائيل لم تضع تدمير حزب الله كهدف لهذه الحرب، ولم تحدد ماهية التهديد اللبناني الذي تريد تحييده، ولا سيما أن جزءاً كبيراً من هذا التهديد سيبقى موجوداً، حتى بعد تطبيق القرار 1701. هل تشارك إسرائيل "نظرياً" موقف وزير الخارجية اللبناني بشأن ضرورة اتخاذ قرار جديد في مجلس الأمن؟ يبدو أن إسرائيل، مثلما فعلت في غزة، تحضّر لحرب على لبنان، من دون أن يكون لديها استراتيجيا، أو سياسة واضحة حيال ما تريد تحقيقه.
 

المزيد ضمن العدد