على خلفية الاتصالات الجارية بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن التوصل إلى تسوية في الشمال، وقبل يوم من وصول الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط عاموس هوكشتاين، علمت قناة N12 أن القدس تحاول التوصل إلى صفقة رزمة مع الأميركيين، وتطالب الولايات المتحدة بتأييد فرض حصار بري وجوي وبحري على لبنان، في مقابل إلغاء توسيع العملية البرية، لمنع حزب الله من إعادة بناء قوته العسكرية وتسلُّحه.
يقود وزير الشؤون الاستراتيجية الوزير رون ديرمر الاتصالات مع الجانب الأميركي الممثل بمستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
يدحضون في المؤسسة الأمنية حقيقة أن المناورة العسكرية التي يقوم بها الجيش في الجنوب اللبناني توشك على استنفاد نفسها وتحقيق الإنجاز المطلوب: القضاء على قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ على مستوطنات الشمال، وتحييد تهديد اقتحام الجليل، وهذا يسمح لسكان المستوطنات الشمالية بالعودة الآمنة إلى منازلهم.
لهذا السبب تحديداً، تطالب إسرائيل الوسطاء بالتمسك بشرط أساسي لها، وهو أن يكون لها الحق في مواجهة أيّ خرق للاتفاق وحرية العمل والهجوم من أيّ مكان (من الجو، ومن البحر، ومن البرّ). كما عُلم أن الاتصالات مع الأميركيين هي من أجل محاولة التوصل إلى وقف إطلاق للنار مدة 60 يوماً، يجري خلالها الاتفاق على أطر تسوية كاملة وآليات تطبيق، والقرارات المطلوبة على المستوى الدولي، من أجل خلق نظام رقابة جديد يكون أكثر فعاليةً من القرار 1701 السابق الذي لم يُطبّق بعد وقت قصير على صدوره.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (28/10/2024) عن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى أن المفاوضات بين لبنان وإسرائيل من أجل التوصل إلى وقف إطلاق للنار في الشمال وصلت الآن إلى "مراحل صوغ متقدمة". ومن المنتظر أن يصل الموفد الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين في زيارة إلى المنطقة، قبل الانتخابات الأميركية، في محاولة للتوصل إلى الاتفاقات النهائية.
إذا لم تفشل المفاوضات، فسيعيد الجيش الإسرائيلي انتشاره، وسيخرج من عدد من النقاط التي أنهى فيها مهماته في الجنوب اللبناني، وعندما تخرج أغلبية القوات من هناك، من المحتمل أن تبقى إسرائيل في نقاط مهمة تكتيكياً في الجانب اللبناني على طول الحدود، حتى يجري تطبيق الاتفاق بصورة نهائية والانتهاء من مرحلة "التأقلم".
ويقولون في إسرائيل إن الوضع في لبنان "تغيّر بصورة جذرية نتيجة عمليات الجيش والمنظومة الأمنية"، وأن هناك اتفاقاً في لبنان على فصل الجبهة الشمالية عن قطاع غزة. وشددت مصادر رفيعة المستوى في إسرائيل على أن القتال لن يتوقف خلال المفاوضات، بل بعد التوصل إلى اتفاق نهائي. وقدّرت مصادر استخباراتية غربية أن إيران ستسمح لحزب الله بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، من دون وقف النار في غزة.
في غضون ذلك، قالت مصادر في إسرائيل إن الاتفاق سيبدأ بـ60 يوماً من "التأقلم"، يوقف خلالها حزب الله وإسرائيل النار، وينتشر خلالها الجيش اللبناني في الجنوب، ويجري اختبار آليات تطبيق الاتفاق بأكمله. في إطار الاتفاق، لن يُصدر مجلس الأمن قراراً جديداً.
يتضمن الاتفاق المقترح بين إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة ودول أُخرى ثلاثة مكونات: المكون الأول؛ تطبيق القرار 1701 بصورة موسعة، بحيث يضمن عدم وجودٍ مسلح لحزب الله في جنوبي نهر الليطاني، وابتعاده عن منطقة المطلة. ومن المفترض أن ينتشر الجيش اللبناني على طول الحدود الشمالية بأعداد كبيرة تتراوح بين 5000 و10000 جندي، ويجري تعزيز قوات اليونيفيل، وربما استبدال جزء من كتائبها بقوات فرنسية وبريطانية وألمانية. لقد توجهت إسرائيل إلى هذه الدول للاطّلاع على رأيها، وما إذا كانت توافق على ذلك.
المكون الثاني؛ وضع آلية تطبيق الاتفاق ورقابة دولية يمكن أن يلجأ إليها الطرفان لدى حدوث خروقات، كانت هذه الآلية مطلباً جوهرياً من طرف المنظومة الأمنية في إسرائيل منذ بداية الحرب. لقد توصلت إسرائيل إلى اتفاق مع الأميركيين يقضي بأنه إذا تبين وجود خروقات من طرف حزب الله من نوع بناء بنى تحتية عسكرية جنوبي نهر الليطاني، ولم يعالجها الجيش اللبناني، أو قوات اليونيفيل، مسبقاً، فإن إسرائيل ستتحرك وحدها، وبصورة دائمة، من أجل إزالة هذه التهديدات. وكجزء من المفاوضات، ستطلب إسرائيل من الرئيس بايدن أن يبعث برسالة يشدد فيها على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بصورة مستقلة، ويكون واضحاً أنه من حق الجيش الإسرائيلي إزالة التهديدات عندما يراها.
المكون الثالث؛ هو منع تسلُّح حزب الله من جديد، على أن يكون ذلك جزءاً من التفاهمات التي ستنهي هذه الحرب. والمقصود منع دخول العتاد العسكري الذي يُعتبر "ممنوعاً"، من الجو والبحر والبر. أعربت روسيا عن استعدادها للمساعدة في تطبيق الاتفاق، ومن الممكن أن تؤدي دوراً في إعادة الاستقرار إلى لبنان وسورية. وبحسب مصدر مطّلع، "سيكون للروس دور مهم في تطبيق الاتفاق ومنع التصعيد".
وتجري الاتصالات بين الكرملين وبين القدس بصورة مباشرة، وإسرائيل مهتمة بتدخل روسي، وهي تدفع في اتجاهه، أملاً منها بأنه سيحافظ على الاتفاق، وسيعزز القدرة على تطبيقه، وكذلك من أجل تقليل الاعتماد على التدخل الأميركي في المنطقة. وفي الأيام الأخيرة، يحاول موفدو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تجنيد دول أُخرى للانخراط في الآليات المتعلقة بتطبيق الاتفاق الذي يجري العمل عليه. وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر يعمل على الموضوع مع مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، بينما يُجري وزير الدفاع يوآف غالانت اتصالات بموفد البيت الأبيض هوكشتاين.