الخبث المطلق: هكذا تتقدم إسرائيل نحو حُكْم عسكري في غزة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • منذ تموز/يوليو وربما قبل ذلك، أصبح مركز حرب 7 تشرين الأول/أكتوبر في الشمال والشرق، وفي المعركة في مواجهة إيران، وصارت المهمات التي ينفذها الجيش في غزة محدودة، والمستنقع الغزّي يكبدنا ثمناً دموياً غالياً، لكن بعد مقتل السنوار، لم يعد هناك إنجاز كبير يجب تحقيقه، باستثناء أمر واحد هو الأكبر بالنسبة إلى الجمهور الإسرائيلي، لكنه موضع خلاف في نظر شركاء نتنياهو؛ إعادة المخطوفين والمخطوفات.
  • بعد يوم أو أقل، سنعرف إذا كانت إسرائيل تمكنت من تحقيق إنجاز كبير في الشمال، وأجبرت حزب الله على الخروج من الحرب. إن الاتفاق الذي يعمل عليه هوكشتاين في خطوطه العامة مقبول من الكابينت المقلص بأكمله (باستثناء بن غفير، لكن لا أحد يتعامل معه بجدية).
  • لكن الاتفاق يمكن أن ينفجر بسبب جنون حزب الله، وبحسب كلام مصدر لبناني، فإن التوجه يبدو إيجابياً جداً. وماذا عن موقفنا؟ في الأيام الأخيرة بدأ يظهر التذمر الذي تحول إلى صرخات تحذّر من توصل إسرائيل إلى اتفاق مع حزب الله، لأنه في رأيهم لن يتغير شيء، ولا يمكن الاعتماد على المجتمع الدولي واليونيفيل والجيش اللبناني، ويجب مواصلة الحرب.
  • ليس هناك هدف استراتيجي لهذه الاحتجاجات، إنما أساساً هناك رغبة في كسب بعض النقاط لدى ناشطي الليكود على حساب دماء مقاتلي الجيش الإسرائيلي الذي يمكن أن يضحي بحياته من أجل صفقة تتعرقل.
  • إن مَن بدأ بهذه الحملة الشعوبية هو عميحاي شيكلي الوزير في الحكومة الذي اقترح إقامة منطقة أمنية من جديد، لكن بنسخة محدودة، وطرد اليونيفيل، وهذان المقترحان لا يقبل بهما رئيس الحكومة نتنياهو، ويُدخلان الجيش والمنظومة الأمنية في حرب لا تنتهي في الشمال. لكن هذا لا يهم شيكلي، لأنه في النهاية يريد أن ينتخب مرة أُخرى في قائمة حزب الليكود في انتخابات الكنيست.
  • وفي الحقيقة، إذا أوقف حزب الله النار وانفصل عن "حماس" وابتعد في النهاية عن الحدود، فإن هذا يشكل إنجازاً كبيراً لإسرائيل، وهي حصيلة لعمليات الجيش والموساد في لبنان. لكن مشكلة حزب الله لا تُحل من دون الاحتلال الكامل للبنان، الأمر الذي يفوق قدرة إسرائيل ورغبتها، وثمة شك في أن هذا الاحتلال يمكن أن يساعد.
  • في الجنوب، إسرائيل تغرق في المستنقع، ومن دون مخطوفين. وقد قال رئيس الحكومة في الكنيست هذا الأسبوع إنه طلب من الجيش خطة لمعالجة الوجود الحكومي لـ"حماس" في القطاع. نحن في خضم هذه الحرب البرّية منذ عام، والآن فقط طلب ذلك؟ ويردّ أتباع رئيس الحكومة: "لقد كان على الجيش أن يقدم وينفذ."
  • وفي الحقيقة، منذ بداية الحرب والولايات المتحدة تقول لإسرائيل إنها تحتاج إلى خطة لليوم التالي، ولا بد من أنكم تتذكرون هذه التصريحات، ونتنياهو نفسه قال خلال نقاشات إنه لا فائدة من الاهتمام بهذا الأمر قبل هزيمة "حماس" عسكرياً. وقد كان ردُّ الجيش واضحاً للغاية بشأن القضاء على حُكم "حماس"، وهو أننا في حاجة إلى خطة لمرحلة ما بعد "حماس"، وهذا قرار سياسي. على هذه الصفحات كتبتُ عن خطة غالانت والجيش التي تقترح إدخال آلاف العناصر من "فتح" القطاع بعد تدريبهم على يد الأميركيين من أجل السيطرة على السلطة في غزة...
  • كثيرون يعتقدون أن إسرائيل لن تتمكن من تشكيل سلطتها على القطاع، وهذا هو أساس النقاش؛ فالجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية يعتقدان أن من يستطيع القيام بذلك هو إمّا "فتح"، وإمّا "حماس"، وإمّا إسرائيل، بينما يعتقد خبراء أن "فتح" ليست خياراً، والخيار هو بين "حماس" وحُكْم عسكري إسرائيلي. ويمكن تغطية فكرة الحُكْم الحقيقي بأفكار زائفة، كشركات أمن خاصة تكون مسؤولة عن توزيع الغذاء على السكان، لكن هذه الفكرة لا تساعد في القضاء على حُكم "حماس" (التي لا يقتصر عملها على تأمين الحماية لمنشآت توزيع الغذاء)، ولن يعفي إسرائيل من مسؤوليتها عن مصير الفلسطينيين في غزة.
  • وهذه نقطة تستحق التشديد عليها، لأنه يجب ألاّ نخدع أنفسنا؛ إسرائيل هي قوة عسكرية فاعلة في القطاع، وإذا حدثت مجاعة، فإن إسرائيل هي المسؤولة، وكذلك لدى تفشّي وباء، أو عدم وجود منظومة تعليمية، وعدم جمع النفايات، أو أي موت جماعي للمدنيين لأي سبب من الأسباب. لذا، فمن مصلحة إسرائيل إنشاء مركز آخر للحكم في القطاع.
  • هذا باستثناء ما إذا قبلنا الفرضية التي تزداد وسط الزعامة الإسرائيلية على الرغم من أن نتنياهو ما زال يقول إنه ضدها؛ فقط حُكْم عسكري إسرائيلي يستطيع أن يحقق النصر والاستقرار. ولا مفر من حكم عسكري للقضاء على سلطة "حماس"، وكل الحلول الأُخرى لا تعدو كونها محاولات للتهرب من الواقع، وهذا موقف مثير للانتباه، ويجب أن نسأل الذين يدعمونه عما سيحدث بعد ذلك، فيجيبون: حُكْم فلسطيني يعترف بإسرائيل. وهذه فكرة مثيرة للاهتمام، فهناك واحد من هذا النوع في رام الله. السلطة الفلسطينية في حاجة إلى تغيير عميق، لكن ثمة شك في أن ينمو في غزة حُكْم أكثر استقراراً، لكن لا يمكن قول هذا الكلام أمام نتنياهو أو سموتريتش أو بن غفير، لأنه يتعارض مع شعور القاعدة ومع اعتباراتهم.
  • أمس قال لي مصدر إسرائيلي إنه لا يستبعد إمكان أن يطرح نتنياهو مسألة الحُكْم العسكري للضغط على "حماس" قُبيل استئناف المفاوضات بشأن صفقة مخطوفين. وفي الأيام المقبلة، سيجري الحديث بكثرة عن الإنجاز في الشمال، لكن يجب أن نتذكر أن أكبر إنجاز في هذه الحرب هو عندما يعود المخطوفون والمخطوفات إلى منازلهم.