من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إن دخان الحرب وغبار الدمار في غزة، ومستوطنات غلافها، وفي لبنان، وفي الجبهة الشمالية، بالإضافة إلى النضال الشعبي من أجل استعادة الأسرى والاحتجاجات ضد الحكومة في شارع كابلان، أمور كلها توفر لحكومة إسرائيل، بقيادة بتسلئيل سموتريتش، التغطية اللازمة للترويج السريع والواسع لطموحاتها المتمثلة في مشروعها التوسعي المسياني في الضفة الغربية. فإذا نظرنا إلى ما وراء ستار الدخان هذا، يمكننا أن نرى "الخطة الرئيسية" التي يروجها اليمين القومي المسياني بكل حماسة، والتي تهدف إلى إفشال حل الدولتين وتهيئة الطريق لضم الضفة الغربية في المستقبل.
- ومع ذلك، تواجه هذه الطموحات المسيانية واقعاً ديموغرافياً مغايراً. إذ تكشف بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية المتعلقة بسكان الضفة الغربية، حتى نهاية آب/أغسطس 2024، الإخفاق الكبير لليمين المسياني. فعلى الرغم من الجهود المبذولة لزيادة أعداد المستوطنين في الضفة، فإن الارتفاع في أعدادهم يتباطأ، والواقع لا يتماشى مع الرؤية المرسومة.
- وفاءً للرؤية المسيانية القومية، فرض بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وأوريت ستروك وغيرهم حق النقض ضد إنهاء الحرب في غزة، وضد إطلاق سراح الأسرى، وقاموا بفك الارتباط بين السياسة واعتبارات الأمن القومي، بهدف كسب الوقت اللازم لتنفيذ "الخطة الرئيسية" الخاصة بهم: إلغاء الإمكانية الجغرافية لتحقيق حل الدولتين.
- وعلى النقيض من عجز اليمين المسياني وتخلّيه عن مسؤولياته فيما يتعلق بإدارة الدولة والحرب، وكذلك تحديات الاقتصاد، وفرص العمل، والتعليم، والنقل، يبدي أعضاؤه دراية ورؤية استراتيجية واضحة عندما يتعلق الأمر بتنفيذ "الخطة الرئيسية". وقد حدد بحث متعدد السنوات أجريناه في مجموعة "تمرور"[1] ثمانية أهداف رئيسية ضمن الخطة الاستراتيجية:
- الهدف الأول: إنشاء سلسلة من المستوطنات اليهودية على طول "طريق ألون" (الشوارع 578–508–458)، من طريق القدس – أريحا، وصولاً إلى منطقة "محولا" في شمال غور الأردن، من خلال بناء ما لا يقل عن 30 بؤرة استيطانية غير شرعية (تم إنشاء 3 منها فعلاً في أثناء الحرب). هذه الطريق، التي جرى تعبيدها في أوائل سبعينيات القرن الماضي في إطار "خطة ألون"[2] تسيطر على المنحدرات الشرقية لجبال السامرة (شمال الضفة الغربية) في منطقة غور الأردن، وعلى مفترقات الطرق التي تربط بين غور الأردن و"العمود الفقري للضفة" – حيث تقع المدن الفلسطينية الرئيسية، مثل نابلس ورام الله – وأهمها مفترق حمرا، ومفترق تفوح (زعترة)، ومفترق "ريمونيم".
- الهدف الثاني: خلق تواصُل استيطاني يهودي على طول الشارع 60 [3] الذي يربط بين جميع المدن الفلسطينية الرئيسية، من جنين شمالاً، إلى الخليل جنوباً. سيتم تحقيق ذلك عبر بناء 30 بؤرة استيطانية (منها 5 بؤر أُنشئت خلال الحرب). تتيح السيطرة على هذه الطريق السيطرة على "ظهر الجبل"[4]، وتمكّن من تقطيع أوصال التواصل الجغرافي والمواصلاتي الفلسطيني في الضفة الغربية، وهو تواصُل ضروري لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
- الهدف الثالث: ربط المستوطنات المعزولة في ظهر الجبل بمنطقة غور الأردن. كانت هذه المستوطنات مشمولة ضمن خطط الإخلاء في جميع المقترحات الإسرائيلية التي طُرحت سابقاً في المفاوضات، بما في ذلك "خطة فك الارتباط" التي دفع بها أريئيل شارون، و"خطة التجمعات" التي طرحها إيهود أولمرت. ولمنع إخلائها، قام التيار المسياني ببناء 5 بؤر استيطانية، شرقي مستوطنة "ألون موريه"، و6 أُخرى، شرقي مستوطنة "إيتمار". أمّا الأهم من ذلك، فهو عمل هذا التيار على تعزيز شق طرقات التفافية تربط بين هذه البؤر الاستيطانية والمستوطنات، مثل الطريق الالتفافية حول بلدة حوّارة [شمال الضفة]، التي اكتملت أعمال شقها قبل عام، بتكلفة بلغت 800 مليون شيكل. تم تنفيذ هذه الخطوات ضمن إطار "الخطة الشاملة للمواصلات في الضفة الغربية"[5]، والتي خُصص لها مبلغ 7 مليارات شيكل للسنوات الخمس القادمة، أي ما يعادل نحو 20% من ميزانية تطوير الطرقات داخل إسرائيل نفسها [حدود الـ 1948].
- الهدف الرابع: خلق تواصل استيطاني بين مستوطنة "أريئيل" [قرب سلفيت] ومستوطنتَي "عيلي" و"شيلو" [شمال رام الله]، وصولاً إلى غور الأردن. لتحقيق هذا الهدف، تم بناء 21 بؤرة استيطانية غير قانونية، 2 منها خلال الحرب. وفعلاً، جرى "تشريع" 8 من هذه البؤر عبر تحويلها إلى أحياء ضمن مستوطنات قائمة، أو إلى مستوطنات مستقلة. حيث تتيح عملية "التشريع" هذه تسريع تطوير البنية التحتية وبناء أحياء سكنية جديدة، إلى جانب الحصول على امتيازات مالية سخية من الموازنات الحكومية.
- الهدف الخامس: بالتوازي مع تعزيز "كتل الاستيطان" القائمة، يتم بذل جهد لإنشاء 4 "كتل" استيطانية جديدة:
- جنوب شرقي جبل الخليل: بين مستوطنتَي "ماعون" و"سوسيا"، تم إنشاء 16 بؤرة استيطانية، إحداها خلال الحرب.
- شرقي كتلة غوش عتسيون: في منطقة "تقوع" و"نوكديم"، تم إنشاء 16 بؤرة استيطانية، 3 منها خلال الحرب، و"شُرّعت" 5 منها فعلاً.
- شمالي غور الأردن: أُنشئت 8 بؤر استيطانية، شُرّع 3 منها.
- غرب "السامرة": بين "بدوئيل" و"كرني شومرون"، أُقيمت 12 بؤرة استيطانية، وتم "تشريع" 5 منها حتى الآن.
- تُستخدم عمليات التشريع لتسريع توسيع البنية التحتية وتحويل البؤر إلى مستوطنات شرعية تستفيد من الموازنات الحكومية والدعم الرسمي.
- الهدف السادس: تحقيق اتصال جغرافي بين كتلة "غوش عتسيون" الاستيطانية [شمال شرقي الخليل] ومدينة القدس، مع فصل 5 قرى فلسطينية عن مركزها الإداري في بيت لحم، وهي: بتير، وحوسان، والولجة، ونحالين ووادي فوكين. في منتصف آب/أغسطس، خلال الحرب، غرّد الوزير في وزارة الدفاع، بتسلئيل سموتريتش، في منصة "إكس" قائلاً: "ربط ’غوش عتسيون’ بالقدس هي مهمة وطنية. هناك مستوطنة جديدة في ’غوش عتسيون’؛ لقد تمت الموافقة على تخطيط 602 من الدونمات لإنشاء مستوطنة ’ناحال حالتس’".
- الهدف السابع: استكمال مناطق العزل الحضري اليهودية (الأحياء المسماة "أحياء الطوق" التي بدأ بناؤها في سنة 1971) شمالي القدس، بهدف فصل رام الله عن شرقي القدس، وفي جنوب المدينة، بهدف فصل بيت لحم عن شرقي القدس. وفي شمال المدينة، يجري سد الفجوة الجغرافية بين حيّ "رمات ألون" و"رمات شيفط"، ومن "رمات شيفط" إلى تقاطع "التلة الفرنسية" و"جبعات همفتار".
- يُطرح على جدول الأعمال إنشاء حيّ "عطاروت" (بدلاً من مطار القدس الذي توقف عن العمل منذ سنة 2000)، والذي سيشمل 11 ألف وحدة سكنية مخصصة للسكان المتدينين (الحريديم). سيتم ربط الحيّ الجديد بطريق حديثة تبدأ من مستوطنات شرقي "بنيامين" [رام الله]، مروراً بتقاطع "آدم"، حيث جرى استثمار 400 مليون شيكل، ثم عبر الطريق المنخفضة تحت معبر قلنديا، التي استُثمر فيها مبلغ مشابه، وصولاً إلى الشارع 45 في اتجاه "موديعين" في الغرب. بحيث تتصل المستوطنات الحريدية، "تل تسيون" و"كوخاب يعقوب"، أيضاً بحيّ "عطاروت".
- أمّا في جنوب المدينة، فيقترب استكمال بناء حيّ "جفعات همتوس"، الذي يفصل بين بيت صفافا وبيت لحم، كما يُخطَّط لبناء حيَّين إضافيين في المنطقة.
- الهدف الثامن: إنشاء تواصل استيطاني من القدس إلى غور الأردن، عبر مستوطنة "معاليه أدوميم" [شرقي القدس]. يتمحور هذا المخطط حول بناء حيّ "مفسيرت أدوميم" (E1)، الذي من المقرر أن يضيف نحو 4000 وحدة سكنية إلى مستوطنة "معاليه أدوميم". بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء ما لا يقل عن 14 بؤرة استيطانية غير قانونية بين القدس ومفترق "ألموغ".
- من المهم الإشارة إلى أن الهدفين الأخيرين يرتبط بهما هدف إضافي، وهو الحفاظ على الأغلبية اليهودية في القدس، والتي تشهد تراجعاً مستمراً منذ ثلاثة عقود بسبب الميزان السلبي للهجرة. تجدر الإشارة إلى أنه في سنة 1967، بعد حرب الأيام الستة، كانت نسبة الفلسطينيين في المدينة 26%، بينما تبلغ نسبتهم اليوم 40%، وتقريباً، يقطنون جميعهم في شرقها.
- أكثر من نصف اليهود الذين غادروا العاصمة هم من اليهود الحريديم الذين لا يستطيعون تحمّل تكاليف السكن في المدينة. الأحياء الجديدة التي يتم بناؤها في القدس موجهة، في معظمها، إلى هذه الفئة السكانية، في محاولة لمنع هجرتهم منها. إذا نجح هذا المخطط، فإنه سيؤدي خلال أقل من عقد إلى تركيز ربع المجتمع الحريدي في إسرائيل في منطقة القدس، وهو ما سيؤدي إلى تدهور المدينة، التي انحدرت فعلاً من المرتبة السادسة إلى المرتبة الثانية في المؤشر الاجتماعي الاقتصادي، لتصبح أكثر فقراً، وستظل عاصمة إسرائيل مدينة فقيرة ذات أغلبية غير صهيونية.
- تعتمد تكتيكات اليمين المسياني على مجموعة متنوعة من النشاطات التي تكررت خلال العقدين الماضيين، بما في ذلك انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الإسرائيلي: بناء البؤر الاستيطانية غير القانونية، وإضفاء الشرعية على بؤر استيطانية قائمة، وتعبيد الطرقات والبنى التحتية، وهدم منازل الفلسطينيين، والعنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين، والذي يتراوح بين المضايقات اليومية والاعتداء على الأملاك، وتهجير التجمعات السكانية، والإيذاء، وأحياناً القتل.
- يُعتبر موقع بتسلئيل سموتريتش، كوزير للمالية ومسيطر فعلياً على "الإدارة المدنية" في إطار منصبه كـ"وزير في وزارة الدفاع"، مزيجاً مثالياً، من وجهة نظره، إذ ينتزع من قبضة وزير الدفاع الفعلي [كاتس] القدرة على التحكم بما يجري في الأراضي المحتلة. وبالتزامن مع ذلك، يحظى سموتريتش بدعم قوي من خلال تعاونه الوثيق مع الوزير إيتمار بن غفير وشرطته، مستغلاً تغاضي الجيش الإسرائيلي عن تصرفاته.
- لا يمكن تنفيذ الخطة الرئيسية لليمين المسياني من دون تعاون وثيق بين الوزارات الحكومية والمجالس الإقليمية الخمس، التي تشمل جميع الأهداف الثمانية ضمن نطاق ولايتها (باستثناء الأحياء الاستيطانية في القدس). تستفيد هذه السلطات المحلية من دعم حكومي يغطي ما بين 60% و80% من ميزانياتها العادية وغير العادية (وهو ما يزيد بنسبة 50%–90% عن المتوسط في إسرائيل)، وبصورة خاصة في مجالات الرفاه والتعليم. ومن المفارقات أن هذا يرفع من مستوى الإنفاق البلدي لكل فرد في المستوطنات، على الرغم من أن السكان يُعتبرون أفقر نسبياً، مقارنةً بالمعدل الوطني، إلى مستوى أعلى كثيراً من المتوسط في إسرائيل. إذاً، من غير المستغرب أن نجد أن نصف الناخبين في هذه السلطات صوتوا لبن غفير وسموتريتش، بينما صوّت نحو ربعهم لحزب الليكود.
- تمثل الاتجاهات المتطرفة المتمثلة في دعم الحكومة للمستوطنات انعكاساً واضحاً لِما كشفته 3 استطلاعات رأي أجريناها بين سنتَي 2016 و2023 بين عينات كبيرة من السكان اليهود في الضفة الغربية، لدراسة مواقفهم من الحلول السياسية. أظهرت هذه الاستطلاعات أنه بمرور الوقت، بدأ المستوطنون المؤدلجون[6] بتفضيل جودة الحياة، بينما بدأ مستوطنو جودة الحياة بتبنّي الأيديولوجيا. ففي سنة 2016، فقط 19% من المستوطنين المؤدلجين ذكروا جودة الحياة كدافع رئيسي إلى استيطانهم في الضفة، لكن في سنة 2023، ارتفعت النسبة إلى 38%. في موازاة ذلك، لوحظت زيادة في التطرف ورفض الإخلاء في مقابل التعويض بين مستوطني جودة الحياة؛ ففي سنة 2016، أبدى 66% من هؤلاء استعدادهم للإخلاء في مقابل تعويض، بينما انخفضت النسبة إلى 55% في سنة 2023.
- تُعد منطقة نفوذ "المجلس الإقليمي الاستيطاني ماتيه بنيامين"، بقيادة يسرائيل غانتس، الذي يرأس أيضاً مجلس مستوطني الضفة الغربية منذ أيار/مايو الماضي، من أبرز المناطق التي تحتضن 59 بؤرة استيطانية غير قانونية، 10 منها أقيمت خلال الحرب. كما شهدت هذه المنطقة هدم 168 منزلاً فلسطينياً وطرد 8 تجمعات فلسطينية خلال العام الماضي. يليها "مجلس منطقة السامرة"، برئاسة يوسي داغان، والتي تضم 40 بؤرة استيطانية غير قانونية، 2 منها أقيمتا خلال الحرب، بينما شهدت هدم 4 منازل فلسطينية.
- توجد في "مجلس منطقة جبل الخليل" 28 بؤرة استيطانية، 4 منها أقيمت في أثناء الحرب، وشهدت المنطقة 50 عملية هدم منازل وطرد 8 تجمعات فلسطينية. وتوجد في "مجلس منطقة غوش عتسيون" 25 بؤرة استيطانية، 4 منها أقيمت خلال الحرب، مع هدم 22 منزلاً وطرد 3 تجمعات فلسطينية. أمّا "مجلس منطقة غور الأردن"، فتوجد فيه 21 بؤرة استيطانية، 4 منها أقيمت في أثناء الحرب، وشهدت هدم 41 منزلاً وطرد 7 تجمعات فلسطينية.
- ومنذ بداية الحرب، وفيما يتعلق بالعنف ضد الفلسطينيين الذي وثّقه مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ظل ترتيب العنف الممارَس ضد الفلسطينيين على هذا الترتيب نفسه: إذ تم في مجلس "ماتيه بنيامين" الاستيطاني تسجيل 502 حادثة، أمّا في مجلس "السامرة"، فسُجّلت 389 حادثة، وفي مجلس جبل الخليل، تم تسجيل 202 حادثة، وفي مجلس "غوش عتسيون" سُجّل 63 حادثة، وفي مجلس "غور الأردن" 40 حادثة. من الجدير بالذكر أنه لا توجد بؤر استيطانية غير قانونية في المدن اليهودية الأربع في الضفة،[7] ومجالسها المحلية الـ14، كما أن سكانها، عموماً، لا يشاركون في العنف ضد الفلسطينيين.
- تشير بيانات دائرة الإحصاء المركزية، حتى نهاية آب/أغسطس 2024، إلى أن هذه التحركات تهدف بوضوح إلى منع إمكان حل الدولتين وتهيئة الظروف لضم الضفة الغربية، أو معظمها (المنطقة "ج"). ومع ذلك، فإن هذه الجهود تصطدم بواقع التحديات الديموغرافية السلبية بين السكان الإسرائيليين في الضفة.
__________
[1] مجموعة "تمرور" [إشارة تحذيرية، باللغة العبرية]: مجموعة بحثية مكونة من كاتبي المقال الثلاثة، تعمل على إجراء أبحاث وتحليلات استراتيجية تتعلق بقضايا سياسية، أو اجتماعية، أو جغرافية، في إسرائيل. تقوم هذه المجموعة بإعداد دراسة طويلة الأمد تتعلق بخطط الاستيطان في الضفة الغربية وتداعياتها الاستراتيجية.
[2] خطة ألون: خطة سياسية واستراتيجية اقترحتها الحكومة الإسرائيلية سنة 1967، بعد حرب الأيام الستة، وكان الهدف منها وضع تصور لترتيبات حدودية دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. تمت تسميتها باسم يغئال ألون، الذي كان نائب رئيس الوزراء ووزير العمل في حينه. ركزت الخطة على إنشاء حدود قابلة للدفاع مع الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على المناطق الاستراتيجية في الضفة الغربية. وركزت الخطة، من ضمن ما ركّزت عليه، على إقامة سلسلة من المستوطنات اليهودية في المناطق الاستراتيجية، وخاصة غور الأردن، لمنع أي تقسيم مستقبلي للضفة الغربية، ولتعزيز السيطرة الإسرائيلية.
[3] يُعدّ شارع 60 من أبرز الطرقات الاستراتيجية في الضفة الغربية، إذ يربط المستوطنات الإسرائيلية، من جنين في الشمال إلى الخليل في الجنوب، مروراً بالقدس. تُستخدم الطريق كأداة رئيسية لتعزيز المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، إذ تربط بين المستوطنات الإسرائيلية في "ظهر الجبل"، وتعزز سيطرة إسرائيل على المناطق المحيطة. يُشكل الشارع محوراً لفصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض، وهو ما يقوّض التواصل الجغرافي بين التجمعات الفلسطينية.
[4] يشير مصطلح "ظهر الجبل"، في السياق الجغرافي والسياسي والاصطلاحي الإسرائيلي، إلى سلسلة المرتفعات الوسطى من الضفة الغربية، التي تمتد من شمالها إلى جنوبها. تشمل هذه المنطقة المدن الفلسطينية الكبرى: مثل نابلس، ورام الله، والخليل، وهي تُعتبر قلب الضفة الغربية من الناحيتين الديموغرافية والجغرافية. بالنسبة للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي، يُعدّ "ظهر الجبل" منطقة استراتيجية، حيث يتم استخدام الطرقات، مثل شارع 60 والمستوطنات المنتشرة على طول هذا الامتداد، لفرض السيطرة الإسرائيلية على المنطقة. تمنح السيطرة على هذه المرتفعات المستوطنات ميزة جغرافية وأمنية، وتتيح ربطها ببعضها البعض ومباشرة بالأراضي المحتلة سنة 1948، بالتوازي مع عزل المدن والقرى الفلسطينية وتقسيمها إلى مناطق منفصلة. يُعد هذا النهج جزءاً من الجهود الإسرائيلية لتعزيز سيطرتها على الضفة الغربية ومنع قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافياً.
[5] خطة قدمتها وزارة المواصلات الإسرائيلية، سنة 2019، زُعم أنها تهدف إلى "تطوير بنية تحتية واسعة النطاق في الضفة الغربية"، تركز على شق طرقات جديدة وتوسيع الطرقات القائمة، بهدف تعزيز ربط المستوطنات الإسرائيلية ببعضها البعض، وبإسرائيل. تشمل الخطة إنشاء طرقات التفافية لتجنب المرور عبر المناطق الفلسطينية، وهو ما يعزز السيطرة الإسرائيلية على المنطقة، ويدعم المشروع الاستيطاني. المبادر إلى هذه الخطة هو بتسلئيل سموتريتش، عندما كان وزيراً للمواصلات. ولعل ظهور هذه الخطة آنذاك، قبل الحرب بأربعة أعوام، يُظهر مدى قدرة التيار الاستيطاني على تهيئة الخطط بانتظار اللحظة المؤاتية لتطبيق خطط شاملة.
[6] مستوطنو "جودة الحياة" هم أولئك الذين ينتقلون إلى المستوطنات في الضفة الغربية، بحثاً عن ظروف معيشية أفضل، مثل أسعار العقارات المنخفضة والامتيازات التي تقدمها الحكومة لـ "مناطق الهامش"، من دون أن يكون استيطانهم مرتبطاً بقناعات أيديولوجية. أمّا المستوطنون المؤدلجون، فتحركهم قناعات دينية أو قومية، ويرون في الاستيطان جزءاً من "واجبهم" لتعزيز السيطرة اليهودية على الأرض وعرقلة أي تسوية سياسية. وعلى الرغم من الاختلافات، فإن الدراسات تُظهر تقارباً بين المجموعتين؛ إذ بدأ بعض مستوطني جودة الحياة بتبنّي قناعات أيديولوجية بمرور الوقت، بينما يعترف المستوطنون المؤدلجون بأهمية تحسين ظروف المعيشة كأحد مبررات وجودهم.
[7] المدن الاستيطانية الأربع الرئيسية في الضفة الغربية هي: "موديعين عيليت" و"بيتار عيليت"، وهما مستوطنتان حريديتان (لليهود المتدينين)، تُعتبران الأكبر من حيث الكثافة السكانية، تقع الأولى غربي رام الله، والثانية قرب بيت لحم؛ "معاليه أدوميم"، الواقعة شرقي القدس، وتعد مركزاً استراتيجياً في خطط ربط القدس بالضفة الشرقية؛ و"أريئيل"، الواقعة شمال الضفة قرب نابلس، وتتميز بوجود جامعة ومرافق صناعية تجعلها مركزاً أكاديمياً واقتصادياً.