سورية الجولاني؛ التحدي بالنسبة إلى إسرائيل
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • في العقود الأخيرة شكّلت سورية حجر الأساس في "محور الشر" الذي قادته إيران في الشرق الأوسط. وفي الحقيقة، لم تكن سورية فقط حلقة تربط بين طهران وبغداد وغزة وبيروت، وعبرها كان يتدفق السلاح الإيراني إلى "حماس" وحزب الله، بل أيضاً كانت المبادِرة والعاملة على تشكيل "محور الشر" هذا.
  • هكذا كانت سورية خلال فترة الحكم السابقة ترى دورها في منطقتنا؛ الموقع المتقدم في المعركة ضد إسرائيل. هذا ما حدث في حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967]، وما حدث أيضاً في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/اكتوبر 1973]، وما حدث بعد أن وقّعت مصر وإسرائيل اتفاق السلام، وأقامت حينها دمشق جبهة رفض لهذا السلام مع العراق خلال فترة صدام حسين . لكن إسرائيل فضلت أن تتجاهل الدور السلبي الذي قامت به سورية في بناء حلقة النار حولنا، وبدلاً من ذلك، فقد استمتعت بالهدوء الذي ساد على طول الحدود مع الجولان، ورحبت ببقاء بشار الأسد في منصبه.
  • لكن في الأسبوع الماضي، حدث أمر كبير في سورية؛ إذ تحولت هيئة تحرير الشام (السورية) برئاسة أبو محمد الجولاني، التي تحولت بمساعدة تركية إلى جيش مسلح ومدرَب ومنضبط يتألف من عشرات الآلاف من المقاتلين (تماماً كما أخطأنا في تقدير القوة الكبيرة لـ "حماس")، وشن هذا الجيش هجوماً فجائياً، وتمكن من إسقاط النظام السوري الذي اعتمد على تأييد إيران وحزب الله، اللذين لم يتمكنا  بعد أحداث السنة الأخيرة من إنقاذه.
  • كان الجولاني ناشطاً في تنيظم "داعش" الذي أرسله لإقامة فرع سوري له مع نشوب الحرب الأهلية في سورية، ومع مرور الأعوام، انفصل عن الذين أرسلوه، وهو اليوم يقول كلاماً يبدو لطيفاً على آذان الغربيين، وحتى الإسرائيليين، ويطالب بعدم الحُكم عليه عبْر أفعاله عندما كان شاباً يافعاً، ويقول إن كل ما يريده الآن هو بناء سورية الجديدة، وتأمين حياة لائقة وكريمة للمواطنين السوريين.
  • الأيام ستكشف ما إذا كنا أمام ذئب في ثياب حَمَل، أم إن الجولاني انقلب في الحقيقة على الجهادي الذي كانه في الماضي. وفي هذه الأثناء، بدأت رؤيته لسورية تتوضح؛ رؤية الدولة الشرعية الإسلامية، ومن المهم رؤية كيف سيتقبل الشارع السوري ذلك، وهو على الرغم من كراهيته للنظام السابق، فإنه لا يريد أن يستبدله بنظام جهادي إسلامي.
  • إن سقوط النظام وترسيخ الجولاني كحاكم جديد للدولة يشكّل تحدياً لإسرائيل، يبدو أننا نرتكب في مواجهته كل الأخطاء الممكنة. إن تخوف إسرائيل من فوضى، يمكن تحت غطائها أن تتجدد الهجمات "الإرهابية" على طول الحدود في الجولان هو أمر مبرر، وكذلك المخاوف إزاء نيات الجولاني على المدى البعيد. وفي الواقع، فإن السنوار أيضاً تحدّث باعتدال، وبدا أنه يريد ترسيخ حكمه في غزة، لا الدخول في مواجهة مع إسرائيل.
  • ونحن على حق أيضاً في محاولة ضرب مخازن السلاح الكيميائي والمتقدم الذي تركه الجيش السوري وراءه كي لا يقع بين الأيدي غير الصحيحة ويُستخدم ضد إسرائيل، لكن هذا لا يبرر الاندفاع في الطاقة والعمل الذي أصابنا في الأسبوع الماضي.
  • يتعين على إسرائيل الدفاع عن مصالحها، لكن أيضاً الامتناع من الانجرار إلى التورط في الداخل السوري، والذي من شأنه أن يعقد الوضع. يمكننا الدفاع عن الجولان من دون التسلل إلى العمق السوري، ويمكننا مهاجمة السلاح المتقدم الذي تركه النظام السوري وراءه من دون مهاجمة "كل ما يتحرك" بلا تمييز في شتى أنحاء سورية.
  • هذا الاندفاع في الطاقة والعمل يتعارض بالكامل، ليس فقط مع حقيقة أننا لم نتحرك مطلقاً ضد النظام السوري وجيشه طوال أعوام، بل أيضاً، وبصورة أساسية، أننا لم نتحرك ضد حزب الله، العدو الحقيقي الذي واجهناه وما زلنا نواجهه، وقد اكتفينا بتوجيه ضربة جزئية إليه وسارعنا إلى اتفاقات وقف إطلاق النار التي تركت الحزب مع كثير من القدرات والقوة العسكرية التي سيحاول الآن ترميمها.
  • إسرائيل اليوم ليست موضوع اهتمام أحد في سورية، والعداء ضدها اختفى، وممنوع أن نغرق في الوحل السوري من أجل تحقيق أهداف تفوق طاقتنا. وبدلاً من ذلك، فإنه يجب علينا أن نتابع عن كثب ما يجري وراء الحدود، وأن نتذكر أنه حتى لو اتضح أن الجولاني لا يزال جهادياً، فإن خطره يظل أقل من خطر إيران وحزب الله، وأيضاً أننا أوقفنا صراعنا ضدهما بصورة غامضة قبل تحقيق الحسم.