مع استمرار الولد اليمني المزعج في طيشه، علينا أن نشمر عن سواعدنا
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • أثبتت أحداث الأيام الماضية عدم صحة اعتقاد أن الضربات المتفرقة ضد البنى التحتية التابعة للحوثيين ستردع هذا التنظيم "الإرهابي" وتوقف قصفه على إسرائيل.
  • بعد مرور 14 شهراً، من الواضح أن الاستراتيجيا الحالية لدولة إسرائيل لم تنجح في إحداث التغيير المطلوب الذي سيؤدي إلى وقف إطلاق النار من اليمن. وحدها المعركة المستمرة والمتواصلة بالتعاون مع الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وضرْب قيادة التنظيم وقدرته على إنتاج الصواريخ التي لديه وإطلاقها يمكنهما أن يغيرا الوضع تغييراً جذرياً. وفي نظرة إلى المستقبل، يجب أن نوظف كل الموارد المطلوبة في العمل على إسقاط حُكم الحوثيين في اليمن.
  • ومما لا شك فيه أن مَن يتابع تنظيم الحوثيين "الإرهابي" في الأشهر الأخيرة، فوجئ بأنه على الرغم من الهجمات الإسرائيلية الثلاثة ضد مواقع بنى تحتية للتنظيم في صنعاء والحديدة، فقد أُطلق صاروخ على غوش دان في نهاية الأسبوع لم تعترضه المنظومة الدفاعية للجيش الإسرائيلي. وإن غارات كتلك السابقة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي على مرفأ الحديدة ومنشآت تخزين النفط القريبة من المرفأ في الأشهر الأخيرة لم تردع الحوثيين من الاستمرار في مهاجمة إسرائيل والسفن التي تتجه نحو إسرائيل عبر مضيق باب المندب.
  • وبعد مرور 14 شهراً من المواجهة المباشرة بين الحوثيين وإسرائيل، يتعين على إسرائيل أن تعترف بأنها فشلت في أن تفرض على الحوثيين وقف النار، ومرفأ إيلات المهجور واستمرار إطلاق المسيّرات من اليمن والصواريخ على إسرائيل، بما في ذلك غوش دان وليس فقط إيلات، كله يشكّل دليلاً على هذا الفشل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحوثيين لم يضعفوا، إنما يعتبرون أنفسهم أنهم لم يخضعوا لإسرائيل أو لهجمات الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضدهم، وأنهم ما زالوا يحتفظون بموقعم في محور المقاومة (نظراً إلى استمرار مواجهتهم مع إسرائيل بعد الضعف الذي اعترى حزب الله)، وهو ما يجعلهم طرفاً إقليمياً لا يمكن تجاهله.
  • يجب ألاّ نستخف بقدرة الحوثيين، وذلك لأن ضعفهم بالذات يجعل من الصعب إنشاء ميزان ردع شامل في مواجهتهم، ولا يوجد هدف واحد إذا ضربناه يمكننا أن نشكّل توازن ردع في مواجهة التنظيم. وهذا الواقع يفرض علينا "التفكير خارج الصندوق"، ووقف الضربات المتفرقة ضد الحوثيين وخوض معركة مستمرة ومتواصلة بالتعاون مع كل أذرع الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بحيث يكون الهدف المركزي هو القضاء على قيادة الحوثيين وعلى إنتاج الصواريخ والمسيّرات التي لديهم وإطلاقها بدعم إيراني، والتمكن في نهاية المطاف من إسقاط حُكمهم.
  • إن المشكلة مع الحوثيين تتخطى حدود معركة "السيوف الحديدية"؛ فحتى لو توقفت المعركة في غزة، فإن الحوثيين لن يوقفوا استخدام القوة التي لديهم من أجل ابتزاز النظام الدولي أو الإقليمي وإخضاعهما لإرادتهم. يمكن القول إن "الشيطان خرج من القمقم" ولا يمكن إعادته إليه بـ"الوسائل التقليدية"، وهذا الواقع يفرض التخطيط وخوض معركة مستمرة ضد التنظيم من دون أن تكون لذلك علاقة بـ"السيوف الحديدية".
  • وبالنسبة إلى إيران، فمن المهم التشديد على أنها هي التي حولت تنظيم الحوثيين "الإرهابي" إلى قوة تملك قدرات سلاح استراتيجية، لكن قدرتها على التأثير في عملية اتخاذ القرارات لهذا التنظيم محدودة جداً، والدليل أنه سبق أن تلقت إيران في السنوات الماضية تهديدات من الإدارة الأميركية وطلبت منها العمل لوقف إطلاق النار من طرف الحوثيين على مضائق باب المندب، لكن هذه التهديدات ذهبت هباء ولم تؤدِ إلى أي تغيير.
  • بالتأكيد، يمكن مهاجمة إيران بسبب أفعال الحوثيين الذين يخدمون ما تريده هي ويستمرون في الضغط على إسرائيل من أجل دفعها إلى القبول بوقف إطلاق النار في غزة، لكن من المؤكد أن خطوة كهذه ستؤدي إلى رد كبير من جانبها، ومن جهة أُخرى، فإنه ثمة شك في أن هذا سيؤدي إلى تغيير في سياسة إطلاق النار للحوثيين، لأنه حتى لو حاولت إيران الضغط على الحوثيين من أجل تغيير سلوكهم، فإنه يبدو أنها لا تقدر على ذلك. إذاً، فالحل من أجل وقف النار من اليمن يحتاج إلى تغيير حاد في السياسة إزاء الحوثيين، لا التورط في معركة إقليمية بسبب هجوم على إيران، ثمة شك في أنه سيحظى بدعم من الإدارة الأميركية.
  • في الخلاصة، يجب علينا ألاّ تُسْكِرَنَا نشوة الإنجازات العملانية لضرب مواقع البنى التحتية في اليمن، لأنه من الواضح أنها لن تؤدي إلى تغيير سلوك الحوثيين. وعلى خلفية وقف إطلاق النار في لبنان والانتهاء الممكن للمعركة في غزة، يجب التركيز على التهديد اليمني مع الإدارة الأميركية وبالتعاون مع دول المنطقة والدفع قُدُماً بمعركة متواصلة تؤدي في نهاية المطاف إلى سقوط سلطة الحوثيين. ونتيجة كهذه ستشكل ضربة للمحور بصورة عامة وخصوصاً إيران، وستؤمّن حرّية الملاحة في البحر الأحمر مستقبلاً. وأي خطوة أُخرى لا تغير الوضع من أساسه يمكن أن تقوي الحوثيين.