عندما تتحول تركيا إلى إيران
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • طوال العقود الماضية، لم تترك إيران جهداً إلاّ وبذلته من أجل الدفع قُدُماً بمشروعها في منطقتنا؛ أي السيطرة على الهلال الخصيب - هذه المنطقة الممتدة من العراق مروراً بسورية وصولاً إلى لبنان وغزة - وقد حاولت أذرعها في هذه المنطقة؛ حزب الله و"حماس"، إحاطة إسرائيل بحلقة من النار وتضييق الخناق عليها كمرحلة أولى على طريق القضاء عليها.
  • لكن سقوط نظام الأسد أغلق الطريق أمام المشروع الإيراني، وأجبر طهران على التراجع إلى الوراء.
  • لكن في الحياة، لا وجود للفراغ، وفي مكان إيران، سارعت تركيا أردوغان إلى الحلول محلها، وهذا الأخير هو الذي يقف وراء أبو محمد الجولاني، حاكم سورية الجديد، وهو الذي موّل ودرّب جيشه وأعطاه الضوء الأخضر لمهاجمة النظام في دمشق وإسقاطه.
  • وإن الغرض من مغامرة أردوغان في سورية هو إسقاط الحكم الذاتي الكردي في شمال سورية الذي يثير مشاعر قومية كردية وسط الأقلية الكردية الكبيرة التي تعيش في تركيا، وكذلك التخلص من ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا إلى تركيا وتحولوا إلى عبء اقتصادي وسياسي على تركيا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أردوغان يريد طرد إيران الشيعية من المنطقة، ويوجد بين الدولتين عداوات دينية وسياسية ومنافسة على السيطرة على منطقتنا.
  • فهل سينجح أردوغان في السيطرة على سورية؟ ليس أكيداً بتاتاً. صحيح أن الجولاني استعان به، لكن ثمة شك في أنه يريد أن يكون خاضعاً لوصايته، وأن يكون "عميلاً" لأردوغان. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تركيا لا تملك الموارد الاقتصادية والعسكرية كي تتحول إلى حليفة لسورية. وكل هذا بينما ترامب، الذي يتخوف منه الأتراك، لم يقل كلمته بعد.
  • إن سورية هي جزء من الصورة الكبيرة. وكما كان لنظام الملالي في طهران طموح كبير، فإن لأردوغان أيضاً طموحاً كبيراً إلى استرجاع أمجاد الماضي للسلطنة العثمانية التي حكمت الشرق الأوسط كله. وغني عن القول أن العداء لإسرائيل هو الغراء الذي يحاول أردوغان بواسطته لصق كل أجزاء الأحجية الشرق أوسطية وضمان سيطرته عليها.
  • ومن سخرية القدر أنه في القرن الماضي، كانت هناك فترة نعمت خلالها إسرائيل بصداقتها مع تركيا وإيران حين كانتا دولتين معتدلتين مواليتين للغرب، ووقفتا في وجه رجال الدين المتطرفين الذين حاولوا فرض سيطرة الدين.
  • لكن إيران سنة 1979 وقعت بين يدَي الملالي الذين حولوها إلى جمهورية إسلامية راديكالية. وفي الأشهر الأخيرة، تعرضت إيران لفشل تلو الآخر؛ في غزة وفي لبنان وسورية، أُضيف إلى الفشل المستمر الداخلي بشأن كل ما له علاقة بإدارة شؤون الدولة والاقتصاد، وهذه الإخفاقات تثير انتقادات حادة في الشارع الإيراني الذي يبدو أنه يئس من حكامه، ومن هنا التقدير أن سقوط هذا النظام أمر غير مستبعَد حتى لو تطلّب الأمر أشهراً أو سنوات.
  • وبينما بدأ العد العكسي لسقوط نظام الملالي في إيران، فإنه يبدو أن تركيا تسير في الاتجاه المعاكس وتصبح أكثر إسلامية. وقد أشار إلى ذلك قبل سنوات المستشرق برنارد لويس حين قال إنه سيأتي الوقت الذي "ستصبح فيه إيران تركيا، وتتحول تركيا إلى إيران." وما يريد قوله هو أن الدولة الأولى ستصبح معتدلة بينما الثانية ستصبح جمهورية إسلامية متطرفة وستضعف.
  • ومن السابق لأوانه تقدير ما إذا كانت تركيا ستنجح في تحقيق أحلامها الكبيرة في سورية وفي الشرق الأوسط بأكلمه، كما من المبكر معرفة ما إذا كان الجولاني سينجح في ترسيخ حكمه في سورية، وأيضاً في تحويلها إلى دولة شريعة إسلامية.
  • ما هو واضح أن صعود الجولاني إلى الحكم في دمشق برعاية تركيا سيُدخله في توترات مع دول كثيرة في طليعتها الأردن، بينما تتخوف إسرائيل من انزلاق " الإرهاب" إلى أراضيها...
  • إن إسرائيل ومصر والدول الخليجية تقف على أهبة الاستعداد وتدرس مجالات التعاون لمواجهة التحدي الجديد على حدودها. ومع ذلك، فإن هذا التحدي لا يقارَن بالتهديد الذي كانت، ولا تزال، إيران تمثله بالنسبة إلينا، ويجب أن نتذكر ذلك أيضاً.