انهيار نظام الأسد خلق مصلحة مشتركة بين تركيا وإسرائيل
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- أثّر انهيار نظام الأسد في سورية في عدة لاعبين في المنطقة وخارجها. وتُعتبر تركيا من بين الدول الرابحة من التطورات. أهمية الوضع في سورية، بالنسبة إلى الأمن التركي، أمر مفهوم. سورية دولة مجاورة تتقاسم مع تركيا حدوداً طويلة، وتاريخاً معقداً، وأيضاً أقلية كردية تعتبرها تهديداً.
- حاولت أنقرة في السنة الأخيرة تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، بعد استقرار وضعه، على أمل أن يصبح في الإمكان إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم. في المقابل، حافظت تركيا على دعمها للمتمردين وأطراف أُخرى في سورية عملت على رعايتها طوال سنوات الحرب، كورقة مقايضة مع النظام من أجل المحافظة على الضغط على الأكراد.
- الانهيار السريع لنظام الأسد فاجأ المتمردين وتركيا أيضاً. لكن في اليوم التالي، كانت تركيا في وضع مريح إزاء الحكم الجديد في دمشق. وتبدو اليوم كأنها قادرة على التأثير في صورة الحكم في سورية، بصورة تحافظ على مصالحها وتعزز مكانتها الإقليمية. لقد سارع وزير الخارجية التركي إلى دمشق للقاء الشرع (الجولاني)، وكان من الصعب عدم رؤية العلاقة الوثيقة بينهما.
- الوضع الراهن يعيد تركيا إلى الطاولة الإقليمية التي غابت عنها فعلياً منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. سقوط الأسد، وضُعف إيران وحزب الله، وتطبيع العلاقات التركية مع دول الخليج، ومع مصر، أمور كلها أعادت الرونق إلى وجه أردوغان. في المقابل، يُطرح السؤال بشأن قدرة سورية على صوغ اتفاق داخلي واسع النطاق، بعد سنوات طويلة من الحرب، كما تُطرح المسألة الكردية طبعاً. التدخل التركي الواسع النطاق في عملية صوغ السلطة في سورية، يمكن أن يثير معارضة قسم واسع من السكان. أمّا الصورة، فتبدو صعبة للغاية في السياق الكردي.
- يشعرون في أنقرة بأنه باتت لديهم وسائل ضغط أكبر على الحكم الذاتي الكردي في شمال شرق سورية، لكن من غير الواضح كيف يمكن استخدام هذه الوسائل، مع الأخذ في الحسبان سياسة الإدارة الجديدة في واشنطن، وسياسة إيران من جهة، وإسرائيل من جهة أُخرى.
- بالنسبة إلى إسرائيل، هناك مسألتان أساسيتان في السياق التركي. الأولى، على الصعيد الثنائي، انهيار نظام الأسد يخلق اهتماماً مشتركاً بين تركيا وإسرائيل، والسؤال: هل سيؤدي هذا إلى مصلحة مشتركة. أمّا المسألة الثانية، فتتعلق بالأكراد. هناك تاريخ طويل لإسرائيل في تأييد الأكراد في المنطقة، ولديها مصلحة مفهومة ومبرَّرة في استمرار الوجود الأميركي العسكري في سورية. وأيّ سياسة إسرائيلية يمكن أن تفسَّر بأنها تنحاز بصورة واضحة إلى الجانب الكردي، ستثير مشاعر تركية معادية جداً حيال إسرائيل.
- في هذه الأثناء، جرى سجال حاد بين الدولتين. لقد دانت أنقرة العمليات الإسرائيلية في سورية، وردّت القدس ببيان رسمي رفضت فيه الاتهامات التركية، ودانت العمليات التركية العنيفة في شمال سورية، وأوضحت أنه: "ليس هناك أيّ مبرر لاستمرار الهجمات التركية ضد الأكراد في سورية". من المعقول أن يستمر التوتر الكلامي في الفترة المقبلة، لكن الدولتين ستضطران إلى إيجاد طريقة لإجراء حوار جدي بينهما للبحث في سبل التعاون بما يخدم المصالح المشتركة.