ترامب وعد "حماس" بالجحيم، وهكذا يمكنه أن ينفذ وعده
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • بحسب تطبيق "ChatGPT"، فإن الرئيس المنتخَب دونالد ترامب قدّم أكثر من 100 وعد خلال حملته الانتخابية للرئاسة في الولايات المتحدة سنة 2024، لكن الوعد الأكثر صعوبة كان بعد إغلاق صناديق الاقتراع، وهو: "إذا لم يتم تحرير الرهائن قبل 20 كانون الثاني/يناير 2025، وهو التاريخ الذي سأتولى فيه رئاسة الولايات المتحدة، فستكون هناك عواقب جهنمية على الشرق الأوسط، وعلى المسؤولين عن هذه الجرائم ضد الإنسانية. سيعاقَب المسؤولون عن هذه الأفعال كما لم يعاقَب أحد سابقاً في تاريخ الولايات المتحدة. حرِروا المخطوفين الآن."
  • لم يتبقّ إلاّ أقل من أسبوعين، وهنا يأتي السؤال: كيف يمكن صنْع جحيم فوق جحيم؟ لقد زرتُ جباليا قبل وقت قريب، وأذكر أن هذه المنطقة كانت المكان الأكثر اكتظاظاً في الشرق الأوسط، والآن لا توجد إلاّ أكوام من الركام على طول الأفق لم نرَ على غرارها إلاّ في درزدن [المدينة الألمانية التي دمرها الحلفاء تدميراً كبيراً في الحرب العالمية الثانية] وهذا غير مؤكد. لم يتبقَ في المكان الذي كان يوماً مدعاة فخر لـ"حماس" إلاّ مجموعات من الكلاب الضالة. لكن أحداً لم يتعلم الدرس، والمجتمع لا يتمرد على السلطة التي قادته إلى هذه الكارثة. حتى الآن، سقطت فوق غزة مئة ألف طن من المتفجرات، أي ما يعادل 4 قنابل نووية. إذاً، كيف يمكن لمئة ألف طن إضافية من الولايات المتحدة المساعدة هذه المرة؟ في ماذا سيساعد تحويل مزيد من الجماعات إلى نازحين بالنسبة إلى شعب يؤبد اللجوء منذ 76 عاماً، منذ حرب "الاستقلال"؟
  • إن المجموعة التي تُسمى "حماس" لا تستسلم لأنها، بعكس الدول الديمقراطية، هي نظام ديكتاتوري "إرهابي" لا يرى الهدم والموت عيباً، إنما نظام عمل... لذلك، فلدى ترامب طريقان: الأول والفوري هو وقف المساعدات الإنسانية بطريقة العمل الحالية، فسَرِقَتُها تقوي من حُكم "حماس".
  • خلال 15 شهراً، ساعدت إدارة بايدن في صمود "حماس" عندما أرغمت إسرائيل على الاستمرار في إدخال المساعدات الإنسانية، على الرغم من وعد وزير الخارجية أنتوني بلينكن المقدَم في بداية الحرب بأنه سيتم وقف إدخال المساعدات إذا ثبت أن "حماس" تسيطر عليها. وإذا أراد ترامب الوفاء بوعد بلينكن، وصادق على نقل توزيع المساعدات إلى أيدي الجيش أو شركة خاصة، فإن "حماس" ستسقط خلال أسابيع، لأنها لن تستطيع دفع الرواتب وتهديد السكان الجائعين.
  • لكن توجد أيضاً خطوة استراتيجية ستساعد في تفكيك "حماس"؛ وهي السماح لإسرائيل بضم مناطق من قطاع غزة، فخسارة الأرض هي أكثر شيء مؤلم في الشرق الأوسط، وبالعربية يُقال "صمود"، أي البقاء في الأرض، فالأرض هي العملة الأغلى والأكثر استقراراً في المنطقة. وعندما تنتهي الحرب التي كان الهدف منها احتلال إسرئيل بأخذ إسرائيل مزيداً من الأراضي، فإن هذه العبرة ستُسمع جيداً في كل مناطق الشرق الأوسط.
  • خلال حرب "الاستقلال" سنة 1948، رفض العرب قبول وجود دولة يهودية بحسب قرار الأمم المتحدة، وعندما انتصرت إسرائيل، اعترف العالم بضم إسرائيل 2400 ميل مربع كانت مخصصة للعرب. وفي سنة 1967، أراد السوريون إبادة إسرائيل، والعالم اعترف متأخراً بضم هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل من السوريين خلال الحرب.
  • ومنذ ذلك الوقت هناك تحوُل، والعالم يطالب إسرائيل بالانسحاب إلى حدودها الأصلية في نهاية كل حرب. فلماذا نستغرب أن المهاجمين يحاولون إبادة إسرائيل مرة تلو الأُخرى، وهم يعلمون أنه في أسوأ الأحوال، سيحافظ العالم على حُكمهم في المناطق التي حكموها بحدودها الأصلية؟ حدود غزة التي تم وضعها منذ كانت تحت حُكم مصر ليست مقدسة، وهناك مبررات أمنية لتغيير الحدود؛ فمصادرة بضع عشرات من الأميال المربعة التي ستفصل شمال القطاع عن البلدات الإسرائيلية التي هوجمت بصورة قاتلة في 7 تشرين الأول/أكتوبر ستكون خطوة مفيدة أمنياً وأخلاقياً، كما أنها الخطوة الأفضل استراتيجياً.
  • لقد رُسمت حدود الشرق الأوسط خلال القرن الماضي بلا دراسة من جانب مجموعة دبلوماسيين أوروبيين من دول كبرى إمبريالية، والنتيجة كانت حمّام دماء مستمراً منذ مئة عام تقريباً، لأن الحدود التي رُسمت لا يمكنها صناعة شعوب من قبائل متنازعة، والانقلاب في سورية هو المثال الأقرب.
  • لقد لمّح ترامب في "صفقة القرن" سنة 2020 إلى أنه جاهز للتفكير بصورة مختلفة بشأن كل ما يخص الشرق الأوسط عندما اعترف بضم الجولان، وبحث إمكان السماح لإسرائيل بفرض السيادة على البلدات اليهودية في الضفة الغربية. وقد وافق الرئيس بايدن بِصَمْتِه على سيطرة الجيش على مناطق في جنوب سورية من أجل تأسيس حدود يمكن الدفاع عنها. والآن، لدى ترامب فرصة للقيام بذلك في شمال غزة وإرسال رسالة فحواها أن "الإرهاب" غير مجدٍ. وتغيير الخارطة سيكون خطوة كبيرة نحو سلام الشرق الأوسط.