بديل "حماس" مطروح على الطاولة، لكن نتنياهو لا يزال عالقاً في "اليوم السابق"
تاريخ المقال
المصدر
- من التفاصيل التي نُشرت حتى الآن عن صفقة المخطوفين التي جرى التوصل إليها، يمكن القول بحذر ثلاثة أمور: الأول، بعد أكثر من عام على انهيار الصفقة السابقة، يبدو أن المرحلة الأولى من إطلاق الرهائن يمكن أخيراً أن تشق طريقها. والأمر الثاني هو أن الصفقة المقترحة تشبه بصورة مذهلة الخطوط العريضة التي قدّمها نتنياهو في أيار/مايو الماضي، ومن الصعب عدم التفكير في ثمن الدماء الذي لا يُحتمل، والذي دفعناه خلال الأشهر الـ7 التي مرت إلى أن تبنّى نتنياهو اقتراحه. لكن الأمر الثالث هو الأمر الحقيقي الذي يجب أن يطرد النوم من أعيننا؛ فمن دون تغيير دراماتيكي في سياسة الحكومة التي رفضت حتى الآن بديلاً لـ"حماس"، فإن الصفقة لن تتقدم في المراحل المقبلة، وحُكم "حماس" لن يتبدل، ومَن تبقّى من مخطوفين لن يعود، والحرب لن تنتهي.
- إن المعادلة الأساسية لم تتغير منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر؛ فمن أجل استعادة كل المخطوفين، يجب إنهاء الحرب، ومن أجل إنهاء الحرب بصورة تضمن أمن إسرائيل، لا يمكن أن تحتفظ "حماس" بسلطتها في القطاع، لكن حكومة إسرائيل رفضت في كل المرة الدفع قُدُماً بحل سياسي يسمح بذلك، ونتائج ذلك واضحة؛ تآكُل الإنجازات العسكرية كما حذّر منه رئيس هيئة الأركان قبل عام، بالإضافة إلى التخلي عن المخطوفين، وكثيرون منهم دفعوا الثمن من حياتهم. هذا كما أرسلنا جنودنا من أجل العمل في الأحياء عينها، ومع عدم وجود بديل، فقد عاد "الإرهاب" ليرفع رأسه. هذا فضلاً عن أن عدد القتلى في الأيام الأخيرة في غزة يؤكد الثمن الدموي اليومي للوجود العسكري الدائم في الميدان، والمليء بمقاتلين يخوضون حرب عصابات ويتعلمون من تحركات القوات في الميدان ويتكيفون من أجل مهاجمتها. هذه الدينامية، بالإضافة إلى ثمنها، يعرفها المواطنون الإسرائيليون جيداً خلال الـ 18 عاماً من الحزام الأمني في لبنان، ومنذ تفكيك كتائب "حماس"، أصبح إنهاء الحرب ليس فقط الثمن الذي يجب أن ندفعه من أجل إعادة الجميع إلى منازلهم، بل أيضاً مصلحة إسرائيلية واضحة.
- إن المقترحات التي تتيح تحقيق ذلك كانت موجودة منذ أشهر كثيرة، ودول العالم والمنطقة قدّمت خططاً تفصيلية لليوم التالي بعد "حماس" في غزة، والمبادئ تتكرر؛ حُكم فلسطيني معتدل يعتمد على السلطة الفلسطينية، وترتيبات أمنية صارمة في محور فيلادلفيا ومعبر رفح، ودخول قوات إقليمية تحل محل القوات الإسرائيلية، ومساعدة دولية مكثفة، وإن الولايات المتحدة ومصر وآخرين يعملون على إعداد هذه الخطط منذ أكثر من عام.
- وتدل التلميحات بشأن الصفقة، وخصوصاً إعلان بلينكن الدفعَ قُدُماً ببديل للحُكم في القطاع، على أن الطريق إلى إنهاء الصفقة حتى المراحل الأخيرة، أي انسحاب الجيش الإسرائيلي وإنهاء الحرب وإعادة كل المخطوفين، يمر عبر تحقيق هذه الأفكار. لكن حتى الآن، فقد رفضتْها الحكومة ومَن يرأسها رفضاً قاطعاً، وكانت الحجة الأساسية التي تكررت لرفض تدخّل السلطة الفلسطينية هي: "غزة لن تكون حماستان أو فتحستان." وهذا على الرغم من أن نتنياهو يعرف جيداً الفوارق بين "حماس" التي تسببت لنا بأكبر كارثة في تاريخ الدولة، والسلطة الفلسطينية التي لديها تعاوُن أمني معنا وتحارب "الإرهاب".
- وكأننا لم نتعلم شيئاً من 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإن السياسة القائلة إن "السلطة الفلسطينية عبء و’حماس‘ رصيد" لا تزال حية وموجودة في الحكومة الإسرائيلية الحالية، وإن تشدُّد اليمين المتطرف، كما اعترف بن غفير نفسه، هو الذي أفشل الصفقة حتى الآن، والمبادئ المسيانية لكل من سموتريتش وبن غفير هي التي تقود الرفض السياسي لنتنياهو طوال الحرب، فضلاً عن الإصرار على المحافظة على الوجود العسكري في غزة، وإدامة حالة الحرب.
- ويبقى أن نأمل أن التغيرات (السياسية أساساً) التي جعلت تحقيق الصفقة ممكناً ستسمح أيضاً بإنهائها، لكن من أجل هذه الغاية، فإنه لا يمكن أن تقود الأفكار المتطرفة الحكومة؛ ليس لتقوية "حماس"، ولا للرفض القاطع لتدخّل السلطة الفلسطينية، ولا للإصرار على الاحتلال والطرد والاستيطان في قطاع غزة. ومن أجل إعادة المخطوفين، يجب استبدال "حماس"، ويجب على نتنياهو التوقف عن اختيار مسيانيين، والبدء باختيار أمن إسرائيل.