على الرغم من كل شيء فإن عباس شريك
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- التنديدات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بالكلام الذي قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس في برلين هذا الأسبوع، دفعت بمكتب رئاسة السلطة إلى نشر توضيح جاء فيه: "إن الهولوكوست من أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث، ونحن ندينه بأشد العبارات. والمقصود بالجرائم التي تحدّث عنها الرئيس محمود عباس، هو المجازر التي ارتُكبت بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة على أيدي القوات الإسرائيلية، وهي جرائم لم تتوقف حتى يومنا هذا."
- ما قاله عباس مُستنكر، ومن الجيد أنه أوضح ما يقصده. لكن الآن، وبعد الاتفاق على أن الهولوكوست جريمة تاريخية فريدة في نوعها، من الأفضل العودة إلى الحاضر. إلى واقع يعيش فيه الفلسطينيون تحت الحكم العسكري الإسرائيلي منذ 55 عاماً، وإلى رفض إسرائيل إجراء مفاوضات سياسية مع الرئيس الفلسطيني لإنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني وإنهاء الاحتلال.
- في ضوء المعاملة المهينة لعباس خلال حُكم بنيامين نتنياهو، وتجاهُله من جانب رئيس الحكومة السابق نفتالي بينت، برز وزير الدفاع بني غانتس الذي التقى عباس عدة مرات في السنة الماضية. لكن في إسرائيل الرافضة للسلام، اللقاءات بين غانتس وعباس دفعت اليمين إلى مهاجمة غانتس واستغلال كلام عباس لمهاجمة غانتس مرة أُخرى بسبب اجتماعاته به.
- وهذا أمر منافٍ للعقل. حتى ولو أن المقارنة التي قام بها عباس ليست في محلها، فقد حاول التشديد على المأساة الفلسطينية ووضعها على رأس سلّم الأولويات العالمي. وتوجّه غانتس هو الصحيح. عباس هو شريك إسرائيل في المفاوضات السياسية، ليس لكونه رئيساً للسلطة الفلسطينية فحسب، بل بسبب التزامه بالعمل السياسي.
- وبعكس ما تزعمه محاولات اليمين الإسرائيلي لتشويه صورة عباس، فهو ليس من المؤيدين لـ"الإرهاب"، ولا يشجعه. وبحسب رأي مشترك لجميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي مهمتها مراقبة ما يجري في المناطق الفلسطينية، فإن وضع السلطة سيئ، ومن المتوقع أن يزداد سوءاً. فقد بدأت حرب الوراثة في السلطة، ومن الممكن أن تكتشف إسرائيل أنها خسرت الشريك الأكثر ملاءمة للعمل للدبلوماسي (عاموس هرئيل، "هآرتس"، 14/8).
- إذا كانت إسرائيل تحترم فقط التنظيمات التي تستخدم السلاح ضدها وتستهزىء بالقيادة الفلسطينية التي تخلت عن "الإرهاب"، فإنها ترسل إلى الفلسطينيين رسالة مشوهة. بالإضافة إلى ذلك، هي تساهم في إضعاف السلطة الفلسطينية وإظهارها كمقاول تنفيذي لإسرائيل في محاربة "الإرهاب" في الضفة الغربية. من دون أفق سياسي، ومن دون تقوية السلطة الفلسطينية كبنية تحتية لدولة فلسطينية عتيدة، ستتواصل خسارة السلطة لقوتها، وستنهار مكانتها.
- يتعين على إسرائيل تغيير مقاربتها من الأساس. ويجب عليها الاعتراف بعباس كشريك فلسطيني، والعودة فوراً إلى طاولة المفاوضات. وهذا ما نتوقع أن يفعله رئيس الحكومة يائير لبيد وكل مَن يسعى لزعامة إسرائيل.