التهديدات تتعاظم بينما نحن مشغولون بالانتخابات
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- تقف دولة إسرائيل في مواجهة تحديات استراتيجية غير مسبوقة، لكنها غارقة بالأساس في سياسة صغيرة ما قبل الانتخابات وبعدها - وهذا بعكس الاستقرار السياسي الذي يتمتع به أعداؤنا، والذي يسمح لهم بالتركيز على استراتيجيا معادية لإسرائيل.
- يأتي في رأس هذه التهديدات التهديد الإيراني على مسارين: النووي والباليستي. لقد أخطأت إسرائيل خطأً جسيماً في مساعدتها على إلغاء الاتفاق النووي، من دون إعداد بديل عسكري - وأمني. ومن المحزن اليوم القول إن قرار ما إذا كانت إيران ستتحول إلى دولة نووية عظمى بصورة تعرّض إسرائيل للخطر، هو الآن بين أيديها فقط. البديل من الاتفاق الذي كان الأفضل بين احتمالات أكثر سوءاً يتبدد ويختفي. وبحسب التقارير، توظف إسرائيل جهوداً هائلة من أجل ردم الفجوات، لكن التوصل إلى خيار عسكري، مهما كان هائلاً، مرتبط بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
- بكلمات بسيطة: المطلوب إعطاء الأولوية القصوى لهذا التنسيق من أجل إزالة هذا التهديد بكل أبعاده. التعاون مع الدول العربية مثير للإعجاب، لكن هذه الدول أوضحت أنها لا تنوي إقامة إطار مُلزم مثل الناتو. وفي نهاية الأمر، التنسيق معها تحت العلم الأميركي ليس هو أمر اليوم.
- ثمة بُعد آخر مطلوب فهمه، هو طريقة التعامل مع ما تصفه وسائل الإعلام بتعاظُم قوة الأطراف الراغبة في تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي، قبل الأعياد وقبل الانتخابات. إذا حدث هذا، فإن إسرائيل يمكن أن تنجرّ إلى حرب دينية مع العالم الإسلامي، وسيؤثر هذا الأمر في علاقاتنا مع الدول العربية، وحتى مع الولايات المتحدة. من واجبنا الوطني أن نستعد منذ الآن لكبح هذا التوجه الخطِر وتأييد الفتوى الصادرة عن الحاخامية الرئيسية التي تطالب بالامتناع من القيام بهذه الخطوة الخطِرة. إذا تورطت إسرائيل في مثل هذه المواجهة كما حاولت قيادة "حماس" أن تفعل، فإن هذا سيُلحق الضرر بالإعداد الشامل لمواجهة التهديد الإيراني.
- ثمة نموذج إيجابي لهذا الإدراك السياسي، وهو الجهود المشتركة التي تُبذل بقيادة الولايات المتحدة لتعطيل القنبلة الموقوتة بشأن حقل كاريش، والتوصل إلى اتفاق لاستغلال الغاز في المياه الإسرائيلية واللبنانية. هذا الاتفاق سيتيح للبلدين الازدهار الاقتصادي في مقابل احتمال سيئ، هو مواجهة عنيفة.
- من المؤسف أن المعركة الانتخابية الموجودة في خلفية كل الأمور لا تهتم بقضايا استراتيجية جوهرية، مثل تحوُّل إسرائيل بصورة تدريجية، ولكن ثابتة، إلى دولة واحدة لشعبين، الأمر الذي يتعارض تعارضاً كبيراً مع الرؤيا الصهيونية لدولة يهودية - ديمقراطية. هذا الوضع يؤكد النجاح الاستثنائي للشاباك والجيش والشرطة - بالاستناد إلى معلومات استخباراتية دقيقة - في ضرب التنظيمات "الإرهابية" وتقليص مستوى "الإرهاب" في إسرائيل. المغزى من ذلك، أن السلطة الفلسطينية أصبحت غير قادرة، أكثر فأكثر، على التحرك في مناطق أ الواقعة تحت سيطرتها، بسبب ضعفها المستمر وازدياد التساؤلات بشأن اليوم التالي لاستقالة أبو مازن، عاجلاً أم آجلاً. من دون تقديم إجابة عن هذا السؤال، فإن استقالةً من هذا النوع قد تأخذنا على حين غرة كما وصل تعاظُم التهديد الإيراني إلى مستوى لم يعد تقدُّمه مرتبطاً بآخرين، على الرغم من التقديرات الاستخباراتية الدقيقة.
- والسؤال المركزي المطروح: كيف نستعد لمواجهة عملية متشابكة تضعف فيها السلطة الفلسطينية وتزداد قبضة إسرائيل، وبالإضافة إلى إمكان انفصال المجتمع العربي عنها بسبب الإحباط الذي يزداد حدةً مع تقدّم المعركة الانتخابية المقبلة. من الممكن التقدير أننا نقف في مواجهة جبهة فلسطينية تزداد عدائيةً، بينما تحاول "حماس" البحث عن فرص لإشعال النار، على خلفية تسوية قومية - دينية، وخصوصاً إذا وقعت بين يديها فرص تتعلق ببؤر حساسة، مثل الحرم القدسي.
- من المحتمل أن يكون لذلك تداعيات على الأردن، الذي يُعتبر استقراره رصيداً استراتيجياً بالنسبة إلى إسرائيل، ولأنه يشكل عمقاً أمنياً مستقراً. قد تكون هذه الأمور غير مقبولة من الآخرين، لكن التجربة تثبت أنها مهمة جداً ويجب الاستعداد لها. في هذه المرحلة، الأردنيون يواجهون ضغطاً متزايداً من أطراف موالية لإيران في سورية، بحسب ما أعلنت وسائل الإعلام في المملكة، كما أن الاستقرار في الضفة الغربية له أهمية في المحافظة على الأرصدة الأمنية لإسرائيل.
- يجب أن نضيف إلى ذلك الحاجة الماسة والعليا لمناقشة الحصانة الوطنية في إسرائيل، وموضوعات الصحة والحكم والتعليم ووضع المجتمع العربي وغيرها. كما تبرز الحاجة المُلحة إلى تعيين رئيس أركان قادر على مواصلة قيادة إسرائيل بصورة منهجية وحازمة في مواجهة التحديات الكبيرة التي يحملها المستقبل، كما فعل رئيس الأركان الحالي وسلَفه. إن المناعة الوطنية هي شرط وجود الأمن القومي.