بايدن كما جاء ذهب، والفلسطينيون محبطون ويتطلعون مجدداً إلى الحرم القدسي
تاريخ المقال
المصدر
- كان من الصعب على الفلسطينيين أن يشعروا بالإحباط من زيارة بايدن، نظراً إلى كونهم لم يعلقوا آمالاً خاصة عليها. قبل عدة أسابيع من الزيارة، كان واضحاً أن مركز اهتمام الزيارة هو السعودية، وأن الغرض منها الدفع قدماً بمصالح قومية أميركية، وعلى رأسها النفط. هذا الإدراك يزيد في الإحباط الذي يعانيه الفلسطينيون في الأعوام الأخيرة جرّاء تقويض المعادلة التاريخية القائلة إنه لن يكون هناك سلام إقليمي من دون التوصل إلى حل لجميع موضوعاتهم. تحقيق موافقة سعودية على مرور الطائرات الإسرائيلية في أجواء المملكة شكّل، بالنسبة إلى الفلسطينيين، مسماراً في نعش المعادلة القديمة الذي بدأ منذ توقيع اتفاقات أبراهام.
- زيارة بايدن غير المسبوقة إلى القدس الشرقية وذكره وفاة الصحافية شيرين أبو عاقلة ورؤيا الدولتين في خطابه، لم ينجحا في إثارة رضى الفلسطينيين. بالنسبة إليهم، الزيارة أدت في الأساس إلى تحقيق إنجازات إسرائيلية، وفي مقدمتها "إعلان القدس"، ولم تترافق مع اختراق على طريق مفاوضات سياسية، ولم تؤدّ إلى إنجازات مهمة بالنسبة إلى السلطة، باستثناء تقديم مساعدة مالية أميركية إلى مستشفيات القدس الشرقية.
- هناك إنجاز رمزي، تحديداً من جهة دولة الإمارات التي وافقت مسبقاً عشية الزيارة على تحويل مساعدة مالية إلى مستشفيات في القدس الشرقية، الأمر الذي حظي بثناء من جهة السلطة التي تحاول من وقت إلى آخر التصالح مع حكام الإمارات، الغاضبين على الفساد المستشري في السلطة، والذي وصل إلى أموال المساعدة التي تقدمها أبو ظبي، وأيضاً بسبب دعمهم لمحمد دحلان (عدو) أبو مازن. الآن، يبرز أمل ضئيل في رام الله في توسيع المساعدة الاقتصادية التي يقدمها الإماراتيون والسعوديون الذين، حتى الآن، لم يكونوا أسخياء مع الفلسطينيين.
- بالنسبة إلى فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، أو رفع منظمة التحرير عن لائحة الإرهاب، علِم الفلسطينيون مسبقاً بأن ليس هناك فرصة لتحقيق هذين الهدفين في الوقت الراهن. فالإدارة الأميركية مشغولة بمسائل أُخرى أكثر أهمية، من جهة، ومن جهة أُخرى، هي حريصة على عدم اتخاذ خطوات تؤثر في الساحة السياسية الإسرائيلية عشية الانتخابات.
- مع نهاية الزيارة، يعود الفلسطينيون إلى التركيز على مسألتين مركزيتين ستصوغان الواقع، في رأيهم: الانتخابات في إسرائيل، وفترة الأعياد التي، في تقدير كثيرين في السلطة، من المتوقع أن يرتفع خلالها مستوى التوتر فيما يتعلق بالحرم القدسي. في ضوء ذلك، تواصل "حماس" طوال الوقت تأجيج الأجواء في موضوع الحرم وتأجيج المشاعر في الضفة الغربية. يجري هذا ضمن إطار سياسة "التمايز" التي فرضتها "حماس" على إسرائيل في العام الماضي، والتي بموجبها تحافظ على الهدوء في غزة مقابل الحصول على إنجازات مدنية مهمة من إسرائيل، لكنها تشعر بأنها حرة في تشجيع "الإرهاب" والتحريض في كل ساحة أُخرى غير القطاع.
- مع مغادرة بايدن، المطلوب من إسرائيل الامتناع من التباهي أكثر من اللزوم بالإنجاز الذي تحقق إزاء السعودية، وأن تعترف بأن ضمان الأمن القومي يفرض عليها معالجة عميقة للموضوع الفلسطيني، الذي يحب الكثير من زعماء الدولة إهماله والاعتقاد أنهم وجدوا صيغة لتحقيق نجاحات إقليمية من خلال "تجفيف الفلسطينيين".
- إن مسألة مستقبل إسرائيل والفلسطينيين يجب أن تكون موضوعاً مركزياً في خطاب الانتخابات المنتظرة، ومن الجوهري أن يطلب الجمهور من مجمل المرشحين توضيح رؤيتهم إزاء هذا الموضوع الذي لا تقل أهميته الاستراتيجية عن أهمية القضية الإيرانية.