بينت أدار الحكومة بصورة جيدة وليس الائتلاف انسحابه من الحياة السياسية هو إضاعة لفرصة كبيرة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- كان انسحاب نفتالي بينت من الحياة السياسية أمراً معروفاً منذ لحظة إعلانه حل الكنيست والتبادل في المناصب مع لبيد. لم يكن لديه خيار آخر. إن السيناريو الواقعي الذي لا يجتاز فيه من كان رئيساً للحكومة حتى وقت قصير نسبة الحسم، هو إذلال رهيب. وبينت قرر أن يوفر ذلك على نفسه، ولتستمتع شاكيد بهذه المغامرة.
- خلال إعلانه الانسحاب من الحياة السياسية في الأمس وقفت وريثته شاكيد متجهمة الوجه، ولم يكن انعدام الشعور هو سبب نظرتها الجامدة إزاء الكلمات العاطفية التي قالها شريكها، فهي كانت تحاول التفكير في المسارات المحدودة والمستحيلة تقريباً التي ستجعلها تجتاز نسبة الحسم في الانتخابات. وإلى جانبها وقفت مجموعة ممن بقي من الحزب المسمى يمينا. وأكثر من أن الائتلاف بين بينت ولبيد كان تجربة فاشلة، فإن حزب يمينا كان أيضاَ تجربة سياسية فاشلة في النهاية. كان بينت في جوهره مديراً ناشئاً ومحموماً طوال حياته السياسية. وخلال عقد فقط منذ دخوله المنظومة السياسية أسس وفكك وبنى وركب من جديد مجموعة متنوعة من الأطر السياسية، من "الإسرائيليين" مروراً بالبيت اليهودي، واليمين الجديد، ويمينا، وصولاً إلى الانعطافة المتطرفة في حزيران/يونيو الماضي التي تضمنت إدارة ظهره لكل تصريحاته المتغطرسة خلال حملته باستثناء تصريح واحد: لن أسمح بمعركة انتخابية خامسة.
- إن حل الكنيست والانسحاب من الحياة السياسية يشكّل إضاعة لفرصة كبيرة. لقد فشل بينت في ادارة الائتلاف الأكثر تعقيداً على الإطلاق، لكنه أدار جيداً حكومة مؤلفة من أحزاب متعددة. فهو أول من ضم حزباً عربياً إسلامياً، وطوال فترة ولاية الحكومة وحتى سقوطها كان هذا الحزب ملتزماً باتفاقات الائتلاف ومخلصاً لها.
- لقد كان حزب يمينا تحديداً حزب السلطة الصغير الذي يحصل لأول مرة على رئاسة الحكومة وكل التقدير، أول حزب لا يتحمل الضغط. وكان هذا أكبر فشل لبينت. فهو من جهة، لم ينجح في اختيار أشخاص آخرين مثل متان كهانا، ومن جهة أُخرى أهمل سائر أعضاء حزبه في الكنيست، الذين عانوا جحيماً على الأرض، فقرر جزء منهم التخلي عنه والاستسلام لعاره وخزيه...
- إن خطاب الانسحاب من الحياة السياسية هو استمرار للطريقة التي أدار فيها الحكومة: رجل دولة وموّحِد. في المقابل، فإن بعض رؤساء المعارضة مثل موشيه غفني رافقه في دربه الأخير بالشتائم والإهانات مثل كل مرة يصعد فيها إلى المنبر لإلقاء الخطابات.
- من المتوقع أن ينهي الكنيست الـ24 أيامه القصيرة في نهاية الأسبوع وهو يرمز إلى كل ما كان سيئاً خلال عام وأكثر: ائتلاف متخاصم، رؤساؤه مقتنعون بأنهم مؤهلون لرئاسة الحكومة وكانوا في حملة دائمة ضد بعضهم البعض؛ ائتلاف ضم القليل من المسؤولين الراشدين والكثير من الانتهازيين. وفي الأساس معارضة شرسة لئيمة تبصق على كل شيء بمن فيهم ناخبوها، من دون خط أحمر، وأسيرة شخص واحد يحاول التهرب من محاكمته وعلى الطريق يقلب كل حجر كي يدمر أسس التجربة الشابة للديمقراطية الإسرائيلية.
الكلمات المفتاحية