"لن تكون الجالية اليهودية في روسيا، والتي كنا نعرفها على الأقل حتى بداية سنة 2022 كما هي عليه إلى الأبد، إذ إنها في الوقت الحالي هشّة جداً ومندثرة"-هذا ما قاله في بحر الأسبوع الحالي أحد كبار قادة الجالية اليهودية في روسيا لصحيفة "جيروزاليم بوست"، من أحد البيوت السرية في وسط إسرائيل. ولا يستطيع هذا القائد أن يكشف عن هويته، أو حتى عن مكان وجوده، كونه يخشى على حياته لمجرد أنه غير مستعد لتأييد الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا علناً.
وفي الأيام القليلة الفائتة قام مندوبون من صحيفة "معاريف" بإجراء أحاديث خاصة مع عدد من كبار المسؤولين الآخرين في الجالية اليهودية في روسيا، والتي تُعتبر من الجاليات اليهودية الكبيرة في العالم، وقد تبين أنهم موجودون في أماكن متفرقة، معظمها سرّي، خشية على حياتهم، وفي هذه الأثناء، هم يفكرون في الخطوات المقبلة الواجب اتخاذها من أجل تقديم المساعدة إلى أبناء جاليتهم.
وقالت سفيتلانا (الاسم الكامل محفوظ لدى هيئة التحرير) وهي من كبار قادة الجالية اليهودية في روسيا على مدار الأعوام الـ 30 الفائتة، إن 60%-70% من أبناء هذه الجالية غادروا الأراضي الروسية، أو ينوون مغادرتها. وأضافت أن نسبة اليهود الروس الأثرياء الذين غادروا بلغت 95% على الأقل، وبدأ هؤلاء بالمغادرة منذ سنة 2014. أما نسبة المغادرين بين الفئات الشابة فتصل إلى 80%، وفقاً لما تؤكده.
وأشارت سفيتلانا، التي تقيم في مكان سريّ في أوروبا الغربية، إلى أنها هي نفسها غادرت الأراضي الروسية، بعد أن أكدت مصادر مطلعة في الجالية لها أن بقاءها يشكل خطراً عليها كما على كل أبناء الجالية. وأشارت كذلك إلى أنها مع عدد كبير من قادة الجالية كانوا عرضة لضغوط كبيرة مارستها عليهم السلطة الروسية وكبار المسؤولين في الدولة والحكومة من أجل تأييد الحرب على أوكرانيا، وأيضاً من أجل إعلان الولاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت هناك نية للعودة إلى روسيا بعد أن تضع الحرب في أوكرانيا أوزارها، أكد معظم الذين تحدثنا معهم أنهم لا يرون أن مثل هذا الاحتمال قائم في الأفق المنظور إلا إذا تولى منصب الرئاسة في البلد شخص آخر غير الرئيس الحالي بوتين. كما أكدوا في الوقت عينه أن الجالية اليهودية في روسيا لن تُفنى بصورة نهائية، لكن من المؤكد أنها ستغدو صغيرة جداً.