يتعين على الحكومة عدم تضييع رافعة استراتيجية مثل "جي ستريت" من أجل تحقيق أهدافها
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • اللوبي اليهودي "جي ستريت"، المتماهي مع الحزب الديمقراطي، كان موضع عدم اكتراث من جانب الحكومات الإسرائيلية أعواماً طويلة. وعندما قرر شمعون بيرس الخروج عن الخط المعتاد والاجتماع بممثلي المنظمة في مركز الرئاسة الإسرائيلية، لم تتأخر الانتقادات في الظهور. ولم يتبدد الموقف المتحفظ لإسرائيل الرسمية بمرور الأعوام. لكن اليوم، وفيما يتعلق بالقضية النووية الإيرانية، فإنه من الممكن أن تكون منظمة "جي ستريت" حليفاً فاعلاً بصورة خاصة.
  • يُظهر الاستطلاع الأخير الذي أجراه "المعهد الانتخابي اليهودي" أنه على رأس قائمة الموضوعات التي تستقطب اهتمام اليهود في الولايات المتحدة يوجد موضوع البيئة (29%)، بينما يحتل موضوعا إسرائيل (4%) وإيران (3%) أسفل القائمة. هذه الصورة يجب أن تثير القلق لدى السياسيين في إسرائيل. وحتى لو قررت إسرائيل الدفع قدماً بإصلاحات عميقة من أجل ترميم علاقاتها بالشتات، فإن المهمة ستستغرق سنوات.
  • التهديد الذي تمثله إيران لن ينتظر نضوج عملية ترميم كهذه. مع اتفاق نووي أو من دونه، إسرائيل بحاجة منذ الآن إلى مساعدة كبيرة من الولايات المتحدة، سواء على صعيد العتاد العسكري، أو من أجل الصراعات على الساحة السياسية. ويتعين على الحكومة الإسرائيلية فحص كل الإمكانات من أجل تحقيق ما تريده من واشنطن.
  • العنصر الفوري القادر على المساعدة من أجل تحقيق هذه المهمة هو يهود الولايات المتحدة. لكن في الأعوام الأخيرة، تحول التعاون بين إسرائيل وبين يهود أميركا إلى مشكلة. سِجِلّ المواجهة الصعبة التي دارت بين نتنياهو وأوباما بشأن المسألة الإيرانية لم ينسَه يهود أميركا. لقد شكلت هذه المواجهة صدمة تسببت بتعميق الشرخ مع إسرائيل، وألحقت الضرر بعمل المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة.
  • كما تسببت هذه القضية بتقسيم الجالية اليهودية، وأدى سلوك نتنياهو إلى مفاقمة هذا الشرخ. لقد شعر اليهود، ناخبو الحزب الديمقراطي (الذين يشكلون نحو 70% من الجالية)، بأن نتنياهو يتجاهلهم، وأن أنصاره يعتبرون أن الإنجيليين أكثر ولاءً منهم لإسرائيل. لم يغِب تأثير هذه الصدمة عن حكومة بينت - لبيد، التي تتصرف بحذر مبالَغ فيه، انطلاقاً من رغبة إيجابية بحد ذاتها في ترميم العلاقات مع يهود أميركا - كي لا تبدو كأنها تضعهم بين المطرقة والسندان. الباندول انتقل من قطب متطرف إلى قطب معاكس، وهذا أيضاً ينطوي على خطر.
  • بينت ولبيد وغانتس لن يكرروا تصريحات، مثل تصريحات سفير إسرائيل السابق في الأمم المتحدة داني دانون، من حزب الليكود، حين قال: ("يتعين على الزعامة اليهودية الأميركية الاختيار بين تأييد الاتفاق النووي مع إيران، أو تأييد إسرائيل")، لكن لا يزال هناك مجال للتعبير عن حاجات إسرائيل والعمل بالحساسية المطلوبة.
  • ضمن هذا الإطار، فإن اللوبي اليهودي "جي ستريت"، بصورة خاصة، يمكن أن يكون فعالاً. اللوبي الذي يتماهى مع خط الحزب الديمقراطي أيّد سياسة أوباما، وبعده بايدن، اللذين سعيا للتوصل إلى اتفاق مع إيران. ولا يستطيع أحد اتهام "جي ستريت" بعدم الولاء للرئيس بايدن، وفي حال وُقّع الاتفاق، فإن المنظمة ستتجند من أجل الدفع قدماً بخطوات تضمن رقابة أكبر على تطبيقه، من خلال تعزيز قوة إسرائيل، وإذا لم يوقَّع الاتفاق – فإنها ستدفع قدماً بخطوات صارمة لمنع حصول إيران على سلاح نووي، ولجم مساعيها التخريبية.
  • إجراء حوار مع "جي ستريت" ومؤيدي اللوبي من ناخبي الحزب الديمقراطي، هو السبيل الناجع للبدء مجدداً بإثارة اهتمام اليهود في الولايات المتحدة بالتحديات التي تواجهها إسرائيل. عندما يتعاظم تهديد حقيقي للأمن القومي لإسرائيل على الشعب اليهودي عموماً، من واجب الحكومة الإسرائيلية عدم الانجرار إلى مجاملات لا لزوم لها من أجل إسماع صوتها. وفي الوقت عينه، يجب عدم تضييع فرصة استخدام رافعة استراتيجية، مثل "جي ستريت"، من أجل تحقيق أهدافها.