الاتفاق النووي: إسرائيل مطالَبة بدبلوماسية أكثر هدوءاً في المنطقة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • يتحضر الشرق الأوسط العربي لتوقيع الاتفاق النووي المتجدد مع إيران وتأثيراته المتوقعة. تتخوف دول الخليج من ازدياد قوة إيران العسكرية والاقتصادية، إلى جانب تراجُع اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة عموماً، وبالمشكلات الأمنية لهذه الدول خاصة. كما تتخوف من حصول إيران على شرعية معينة للاستمرار في نشاطها النووي تحت قيود معينة، إلى جانب موارد جديدة ستكون في خدمتها، بالإضافة إلى حصانة محدودة لتقوم بما تريد في المنطقة.
  • هذه التطورات تنذر بتردي الوضع الأمني لهذه الدول. ومن أجل التعامل جيداً مع هذا الواقع الجديد، تدفع هذه الدول قدماً ببعض الخطوات التي تبدو متناقضة في الوقت عينه.
  • أولاً، الاعتماد الذاتي - ارتفاع أسعار النفط سيسمح بشراء أسلحة دفاعية وغير دفاعية، بكميات غير مسبوقة. وهو ما سيؤدي إلى تسريع وتيرة سباق التسلح في المنطقة، وهذه المرة ستشارك فيه دولة كبرى مثل الصين إلى جانب الولايات المتحدة.
  • ثانياً، الدفع قدماً بتعاون إقليمي للتعامل مع المخاطر الملحة المتعلقة بإيران - خطر الصواريخ والمسيّرات الخاصة بها وبأذرعها. وخطة تطوير منظومة جوية - إقليمية مشتركة للإنذار والدفاع ضد هذه التهديدات، تحت مظلة "سنتكوم"، وهذا خطر حقيقي يقض مضاجع الإيرانيين.
  • ثالثاً، الدول العربية، وبصورة خاصة المجاورة لإيران، ستستمر في الحوار معها. الإمارات والسعودية فتحتا قنوات منفردة مع إيران، ولكن منسّقة، بهدف صوغ تفاهمات تقلل من خطر المواجهة معها.
  • رابعاً، هناك جهود للتفرقة ما بين إيران وبعض حلفائها/أذرعها. تحاول دول الخليج، ومنذ وقت، التقرب من بشار الأسد، وتأسيس قدرة تأثير في العراق، واستمالة الحوثيين لتوقيع اتفاق، حتى ولو كان موقتاً، بهدف تقليل قوة التأثير الإيرانية في الإقليم.
  • خامساً، دول مركزية، كالسعودية التي ترى في ذاتها قوة إقليمية، تطور ردوداً نووية: الدفع قدماً بمبادرات نووية مدنية تعزز المعرفة في هذا المجال، ومحاولات أولية للسيطرة على دائرة الوقود النووي، بالإضافة إلى الحفاظ على العلاقات التاريخية مع باكستان النووية.
  • الاتفاق مع إيران سيعزز تزايد التعاون بين الدول العربية وإسرائيل. هذا بالإضافة إلى أن التحالف مع إسرائيل، بسبب قدراتها، سيعزز صورة الردع لدى دول الخليج في مواجهة إيران. ولكن المكانة الإقليمية الجديدة لإيران يمكن أن تمنعها من الجهر بمثل هذه العلاقات العلنية مع إسرائيل. فدول الخليج لا تريد أن تبدو كـ"قاعدة" إسرائيلية متقدمة، على بُعد خطوة من إيران - تخوفاً من ضربة إيرانية. هذا الأسبوع، حذّر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلمي، خلال زيارة إلى جزيرة "أبو موسى" (جزيرة إماراتية تحت السيطرة الإيرانية)، دول الخليج من مغبة تعميق علاقاتهم مع إسرائيل.
  • الدول العربية ستستمر في تحديد المخاطر والفرص، وفي الوقت عينه ستدفع قدماً بسياسات تتناقض مع مصالح إسرائيل، وتستمر في التعاون معها بصمت. الشرق الأوسط بعد الاتفاق مع إيران، سيكون مكاناً يصعب فيه تمييز المعسكرات بوضوح. وسيكون على إسرائيل إبداء بعض الليونة، ومنح الثقل الأكبر للدبلوماسية الهادئة، حتى ولو كان هذا على حساب تطور التطبيع العلني، كي تسهل على الدول العربية مواجهتها مع إيران.