الهجوم على أربيل يكشف جزءاً قليلاً من حرب المسيّرات المستمرة بين إسرائيل وإيران
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إعلان إيران، فجر اليوم (الأحد)، مسؤوليتها عن الهجوم على مدينة أربيل في الإقليم الكردي في شمال العراق، يكشف قطرة من حرب المسيّرات والصواريخ والحرب السيبرانية، التي تدور منذ فترة طويلة بين إيران وإسرائيل. جزء من هذه الضربات المتبادلة يجري من تحت الرادار، وجزء يعلَن عنه فقط بعد مرور وقت. ويمكن اعتبار الهجوم الأخير حادثة أساسية، مثل إسقاط مسيّرة إيرانية تسللت إلى إسرائيل في شباط/فبراير 2018، أو محاولة القيام بهجوم سيبراني إيراني ضد شبكة المياه الإسرائيلية في نيسان/أبريل 2020.
- عموماً، من الواضح أن الإيرانيين تبنّوا سياسة الرد على كل هجوم إسرائيلي كبير، وبالتأكيد، على هجوم أوقع ضحايا. في الأسبوع الماضي، جرى الحديث عن مقتل ضابطين من الحرس الثوري الإيراني في هجوم جوي على منطقة مطار دمشق الدولي في سورية، نُسب إلى إسرائيل. مع ذلك، المدة الزمنية التي تفصل بين الحادثتين قصيرة جداً، ومن المحتمل أن يكون الإيرانيون اختاروا، عموماً، الرد على هجمات سابقة ضدهم.
- الصواريخ على أربيل أُطلقت في الليل. في البداية، ظهرت تقديرات تقول إن الهدف أميركي، لكن خلال النهار ادّعت وسائل إعلام مقربة من إيران أن الهدف كان إسرائيلياً. عند الظهر، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه هو الذي نفّذ الهجوم الذي استهدف "مركزاً للاستخبارات الإسرائيلية"، وحذّر إسرائيل من أن "الرد سيكون مدمراً في المرة المقبلة "...
- هذه ليست أول مرة يدّعي الإيرانيون وجود قاعدة إسرائيلية سرية في أربيل. في نيسان/أبريل الماضي، تحدثت تقارير في وسائل إعلامية إيرانية عن إطلاق صواريخ ومسيّرات لمهاجمة المنطقة عينها، حول مطار أربيل، وأن الهجوم أسفر عن جرح عناصر من الموساد. ومنذ أعوام، تتحدث وسائل إعلام أجنبية عن نشاط سرّي إسرائيلي في إقليم كردستان وأذربيجان، بالقرب من الحدود الإيرانية. من حيث المبدأ، يبدو أن هناك منطقاً ما في ذلك، لأن التواجد هناك يجعل نطاق إصابة إسرائيل للإيرانيين قصيراً للغاية.
- من المثير للاهتمام في هذا السياق التنصّل الأميركي. فبعد تقارير أولية هذا الصباح ذكرت أن الولايات المتحدة هي الهدف المحتمل، سارعت نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان إلى الإعلان أن الإدارة الأميركية لا تعتقد أن القنصلية الأميركية في أربيل هي هدف الهجوم. وسبق للإدارة الأميركية أن قامت بمناورة شبيهة عندما سرّبت أن هجمات الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سورية ضد القاعدة الأميركية في التنف كانت، عموماً، انتقاماً لعمليات إسرائيلية. في مقابل ذلك، أظهرت الحكومة الكردية توجّهاً مختلفاً، إذ ذكر بيان صادر اليوم أن المقصود عدوان إيراني موجّه ضد مبنى مدني بالكامل.
العلاقة بفيينا
- تجري هذه المعركة المحدودة في ظل تطورين كبيرين في الساحة الدولية: الحرب في أوكرانيا وتأثيرها في علاقات روسيا مع الولايات المتحدة والمفاوضات المستمرة بشأن الاتفاق النووي الجديد في فيينا بين الدول الكبرى وبين إيران. توجد صلة معينة بين الأمور. بالاستناد إلى تقارير من فيينا، كانت الأطراف على وشك التوصل إلى اتفاق جديد. لكن في اللحظة الأخيرة برزت مشكلة: طالبت روسيا بالحصول على ضمانات تضمن لها استمرار تجارتها مع إيران في حال عودة إيران إلى الاتفاق النووي، من دون أن يكون لذلك علاقة بالعقوبات التي فرضها المجتمع الدولي عليها في أعقاب غزوها لأوكرانيا.
- في نهاية الأسبوع الماضي، حذّرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا موسكو من أن مطالبها الجديدة يمكن أن تؤدي إلى انهيار الاتفاق النووي الذي كان على عتبة التوقيع، بحسب كلامهم. مع ذلك، يقولون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إن إيران أيضاً يمكن أن تضع عقبات على أمل الحصول على تنازلات إضافية من الدول الكبرى، عشية التوقيع.
- في إسرائيل يشعرون بالقلق، لأن إدارة بايدن غارقة كلها في تداعيات الحرب في أوكرانيا ولا تبدو مهتمة بطرح مطالب أكثر حزماً حيال إيران في الاتفاق النووي الجديد. إسرائيل كانت تريد من الولايات المتحدة استكمال توضيح "ملفات مفتوحة" – أربع منشآت هناك شك في أن الإيرانيين يقومون فيها بنشاطات نووية ممنوعة، ولم تتمكن وكالة الطاقة الدولية من الانتهاء من فحصها. كذلك، هناك قلق يتعلق بتفاصيل ترتيبات إخراج مخزون اليورانيوم المخصّب من إيران، في إطار الاتفاق الجديد. في الاتفاق القديم العائد إلى سنة 2015، الذي انسحبت الولايات المتحدة منه في سنة 2018، بتأثير من رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، نُقل المخزون إلى روسيا.
- مصادر أمنية قالت لـ"هآرتس" إن إيران واصلت في الأشهر الأخيرة تخصيب اليورانيوم على درجة عالية بصورة تجعلها على مسافة أسابيع معدودة من تخزين يورانيوم بكميات تكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة. مع ذلك، حتى بعد التوصل إلى تحقيق مثل هذا الهدف – الإيرانيون حذرون في هذه الأثناء من تحقيقه – يبقى هناك حاجة إلى تركيب هذه القنبلة على رأس حربي لصاروخ باليستي، وهذه العملية، بحسب تقديرات استخباراتية مختلفة، يمكن أن تستغرق عاماً أو عامين.