المسيّرات مشكلة إقليمية
تاريخ المقال
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة
تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.
- خطر المسيّرات، أو الطائرات الإيرانية الدقيقة من دون طيار، التي تستطيع التحليق لمسافات بعيدة، يتحول تدريجياً إلى خطر أمني يهدد إسرائيل والقوات الأميركية ودول الخليج.
- وزير الدفاع بني غانتس كشف في الخطاب الذي ألقاه أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، والذي عُقد في القدس، صوراً تثبت أن إيران نقلت إلى فنزويلا معلومات لإنتاج المسيّرات في أراضيها، وهي تنقل لها السلاح الملائم لهذه المسيّرات في الفترة الأخيرة.
- وبالاستناد إلى كلامه، "تشير تقديراتنا إلى أن عتاداً متطوراً دقيقاً يتلاءم مع "مجاهد 6" ونماذج أُخرى من المسيّرات أرسلتها إيران إلى فنزويلا في الفترة الأخيرة. وخلال اجتماعاتي مع العديد من الشركاء في شتى أنحاء العالم، ومن أفريقيا وأميركا، كلهم أعربوا أمامي عن قلقهم من الدعم الذي تقدمه إيران إلى الإرهاب، وإلى التنظيمات الإرهابية من حولهم".
- الرئيس ترامب تعرّف إلى الخطر بعد الهجوم الذي شنّه المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على منشآت النفط التابعة لشركة "أرامكو" في السعودية في 14 أيلول/سبتمبر 2019 والجيش الأميركي بدأ بالاستعدادات اللازمة.
- المسيّرات المزودة بالسلاح تُعتبر اليوم أحد التطورات العسكرية التكتيكية الأكثر إثارة لقلق الإدارة الأميركية وإسرائيل ودول الخليج. وتشكل هذه المسيّرات تهديداً جديداً ومركّباً يُلحق ضرراً بالتفوق الجوي للولايات المتحدة وإسرائيل في أجواء الشرق الأوسط، ولهذا يقود مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، حالياً، عملية جديدة من الحوار مع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لإيجاد حلول وتقليص تهديد المسيّرات الإيرانية.
- وبحسب مصدر أمني إسرائيلي، تقيم الولايات المتحدة في هذه الأيام حلفاً إقليمياً جديداً بمشاركة الولايات المتحدة وإسرائيل وعدد من دول الخليج ودول عربية أُخرى من أجل إقامة منظومة إنذار وتعقّب واعتراض للمسيّرات الإيرانية التي تستخدمها أذرع إيران في الشرق الأوسط بصورة عملانية مكثفة.
- تسلُّل طائرة مسيّرة صغيرة تابعة لحزب الله إلى المجال الجوي الإسرائيلي قبل بضعة أيام سرّع هذه العملية، وفي رأي الولايات المتحدة، يتعين على حلفائها في الشرق الأوسط الدفاع عن أنفسهم بصورة جماعية ومنسقة فيما بينهم، وعملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية تسهل إقامة هذا الحلف الدفاعي الجديد.
- أيضاً إدخال المتمردين الحوثيين الإمارات إلى دائرة التهديد، مؤخراً، ومهاجمتها بواسطة مسيّرات انتحارية سرّع العملية، إذ تسمح "اتفاقات أبراهام" بتشكيل حلف دفاعي بين إسرائيل ودول الخليج بهدف التصدي للعدوانية الإيرانية في المنطقة، بمساعدة الولايات المتحدة.
- وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، يمتلك حزب الله اليوم أسطولاً فاعلاً مؤلفاً من 2000 مسيّرة، جزء منها من صنع إيران، وجزء آخر من صنع حزب الله نفسه. إيران نفسها تملك آلاف المسيّرات المتطورة من نماذج مختلفة قادرة على التحليق مسافة آلاف الكيلومترات.
- منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية غير قادرة على تقديم حل شامل لاعتراض مسيّرات صغيرة، مثل المسيّرة التي أطلقها حزب الله في اتجاه المجال الجوي الإسرائيلي. وفي حزب الله يشعرون بحماسة كبيرة حيال التسلل الناجح للمسيّرة إلى سماء إسرائيل. وتقضي خطة حزب الله بمهاجمة إسرائيل في الحرب بأسراب من المسيّرات التي تتسلل إلى الأجواء الإسرائيلية وتهاجم مستوطنات وقواعد عسكرية وقوات برية تابعة للجيش الإسرائيلي.
- سلاح المسيّرات كان من اختصاص الدول الكبرى، وقد استخدمته الولايات المتحدة في حربها الدقيقة ضد الإرهاب في العراق وأفغانستان، وانتشر، وتستخدمه اليوم أكثر من 102 دولة في العالم، ويملك 63 تنظيماً عسكرياً هذا السلاح؛ ليس من المستغرب أن تستخدمه تنظيمات شيعية وفلسطينية وسنية، مثل "حماس" والجهاد الإسلامي.
- لقد سبق أن استُخدم هذا السلاح في الشرق الأوسط في محاولات اغتيال زعماء، ففي السنة الماضية، استُخدم لاغتيال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي بواسطة إطلاق مسيّرات على منزله في بغداد.
- بحسب حزب الله، المسيّرة التي تسللت إلى إسرائيل، والتي تحمل اسم "حسان"، تيمناً باسم رئيس الوحدة التكنولوجية لحزب الله حسان اللقيس المقرب من حسن نصر الله، والذي اغتالته إسرائيل في سنة 2013، نجحت في التحليق في الأجواء الإسرائيلية مدة 40 دقيقة، واجتازت مسافة 70 كيلومتراً، وعادت إلى قاعدتها في لبنان سالمة، وهو ما يكشف وجود ثغرة مقلقة في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي يجب ردمها بأقرب وقت، كما نجحت في تجاوز عدد من منظومات الرادار، وتمكنت من التملص من عملية الاعتراض والعودة إلى الأراضي اللبنانية.
- والمقصود طائرة صغيرة لا يتجاوز طولها 3 أمتار، نجحت في "خرق" منظومة الدفاع الجوية الإسرائيلية، ويعتبر الجهاز الدعائي للحرب النفسية في الحزب هذا الحدث "انتصاراً كبيراً" على إسرائيل.
- هناك أهمية كبيرة في أن تعثر إسرائيل في أقرب وقت على حلول شاملة لمسألة المسيّرات، في ضوء حقيقة أن "حماس" والجهاد الإسلامي في قطاع غزة يعملان بكل قوتهما على تطوير مسيّرات يمكنها التحليق فوق العائق البري الضخم الذي بناه الجيش الإسرائيلي حول قطاع غزة، ومهاجمة أهداف في إسرائيل.
- في تقدير جهات أمنية إسرائيلية، يحاول حزب الله الآن خلق معادلة ردع جديدة في مواجهة إسرائيل، هي "معادلة المسيّرات"، لردع إسرائيل عن خرق الأجواء اللبنانية، وسيحاول الحزب في وقت قريب خلق معادلة "الصواريخ الدقيقة"، عندما تسمح له الظروف بذلك. إعلان نصر الله إنتاج حزبه للصواريخ الدقيقة والمسيّرات لم يكن صدفة، وهو أيضاً رسالة إلى إسرائيل وجزء من الحرب النفسية للحزب.
- ليس من المستبعد أن ترى إيران في استخدام المسيّرات من لبنان في اتجاه إسرائيل نوعاً من "تعويض معين" عن التفوق الجوي لسلاح الجو الإسرائيلي في سماء سورية، الذي يقصف أهدافاً إيرانية بكثافة، لمنع تمركُز إيران في سورية ونقل الصواريخ المتطورة إلى حزب الله في لبنان.
- بالنسبة إلى إسرائيل، خطر المسيّرات الانتحارية موازٍ لخطر الصواريخ الدقيقة. وإنتاج المسيّرات أسهل من الصواريخ الدقيقة، وهي قادرة على إصابة أهدافها بدقة على مسافة متر أو مترين، ومن الصعب معرفة وجهتها مسبقاً، كما من الصعب كشفها واعتراضها. وهي قادرة على إصابة تجمعات مدرعة وقوافل الجيش الإسرائيلي، وحتى منظومات القبة الحديدية.
- ردت إسرائيل على تسلُّل مسيّرة حزب الله إلى أراضيها بتحليق سلاح الجو الإسرائيلي على علو منخفض في سماء بيروت، كي تشير إلى أن مسيّرات حزب الله لا تردعها. لكن يبدو أننا في بداية معركة جديدة في مواجهة حزب الله الذي يمكن أن يستخدم المسيّرات على نطاق واسع ضد إسرائيل في التوقيت المناسب. لقد دخلت إسرائيل مرحلة قتال جديدة ضد التنظيمات "الإرهابية" على الحدود الشمالية والجنوبية، والتي تبنّت المسيّرات الإيرانية، ويجب أن نكون أكثر استعداداً لمواجهة هذه الحرب الجديدة.