شمس واحدة، عالم واحد، شبكة واحدة: هكذا تتقدم إسرائيل مع شركائها في موضوع الطاقة
تاريخ المقال
المصدر
- زيارة رئيس الدولة إلى الإمارات هي سابقة في مجال التعاون بين إسرائيل ودول المنطقة في موضوعيْ الطاقة والكهرباء. في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، شارك وفد رسمي إسرائيلي في قمة المناخ العالمية في غلاسكو. أحد التصريحات الرائعة الذي لم يحظَ باهتمام وتغطية وسائل الإعلام في البلد تناول مبادرة مشتركة طرحها رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي ورئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون اللذان اقترحا: "شمس واحدة، عالم واحد، شبكة واحدة".
- كما يوحي الاسم، تطمح المبادرة إلى ربط دول العالم بشبكة كهرباء واحدة ذكية، بحيث يمكن توليد كهرباء من ألواح شمسية في وادي عربة وعُمان والمغرب، وتصديرها إلى فرنسا وألمانيا والهند، أو تايلند، والعكس صحيح. وفي الواقع، من خلال هذه الخطوة سيكون من الممكن إيجاد حل للتقلبات في الطلب والإنتاج الطبيعي للطاقة الشمسية الذي يختلف من منطقة إلى أُخرى على مدار اليوم. ووقّعت الإعلان 87 دولة، بينها دولة الإمارات العربية المتحدة. ولم تقرر إسرائيل بعد ما إذا كانت تنوي الانضمام إلى الإعلان، لكن العالم وزعماءه يتحركون بالفعل في اتجاه الاعتراف والعمل على مواجهة تحديات المناخ.
- مؤخراً، وقّعت وزيرة الطاقة كارين الهرار اتفاقاً بين إسرائيل والأردن، بموجبه، تزود إسرائيل الأردن بالمياه العذبة في مقابل كهرباء تُنتج من الطاقة الشمسية (طاقة متجددة). وها هو رئيس الدولة وعقيلته يقومان بزيارة علنية إلى الإمارات، هي أول زيارة لرئيس إسرائيلي إليها.
- تشكل اتفاقات أبراهام الموقّعة في أيلول/سبتمبر 2021 انعطافة تاريخية بالنسبة إلى إسرائيل، وبالنسبة إلى مكانتها الشرعية في العالم العربي. وبالإضافة إلى التعهدات وحجم التجارة والتعارف الجاري بناؤه بين الشعوب، فإن اتفاقات أبراهام هي أيضاً إشارة واضحة إلى أن دول الخليج تتطلع إلى مستقبل يتضمن أزمة المناخ ونهاية عصر النفط.
- مع تصاعد القلق بشأن أزمة المناخ ونضج التكنولوجيا واقتصاد الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، من المتوقع حدوث انخفاض دراماتيكي في الطلب على النفط، الذي يشكل اليوم قرابة 90% من مداخيل دول الخليج الغنية. ويفرض هذا التحليل للواقع "الدفع قدماً بعلاج للداء"، وتستطيع اتفاقات أبراهام أن تشكل أرضاً خصبة لتشجيع التعاون الإقليمي في مجال الطاقة المتجددة، من خلال التوظيف في شبكة تنقل الطاقة من الشرق الأوسط، وتنتج وتصدّر مئات آلاف الميغاوات من الطاقة الشمسية. مثل هذه الخطوة يمكن أن يشكل قاعدة لاقتصاد كهربائي مستقبلي مرتبط بأوروبا، وبالشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يعزز الحصانة الاقتصادية – الاجتماعية في الدول المرتبطة بالشبكة.
- والمقصود فرصة ذات تداعيات اقتصادية وجيوسياسية غير مسبوقة بالنسبة إلى إسرائيل. فارتباطها بحقول إنتاج الطاقة الشمسية في صحاري الخليج سيخفض تعرفة الكهرباء بنحو 50%. ومثل هذا التطور سيسمح بتطوير آلاف الميغاوات من الطاقة الشمسية في النقب كوسيلة لتحريك الاقتصاد بالنسبة إلى سكان النقب عموماً، والمجتمع البدوي خصوصاً. وسيخلق مثل هذه البنية التحتية تنوعاً وظيفياً في مدن الأطراف، ويعزز مداخيل سكان النقب اقتصادياً. كما سيجذب استثمارات من القطاع الخاص تقارب الـ5 مليارات دولار.
- إن الدفع قدماً بمثل هذا المشروع سيعطي مضموناً عملياً لاتفاقات أبراهام، وسيشكل قاعدة متينة لتعاون طويل الأجل، وسيكون بمثابة مرساة للأجيال المقبلة، وذلك بعد تبدُّل الحكم في مختلف الدول في المنطقة ومجيء جيل "لم يعرف اتفاقات أبراهام".
- أخيراً، بفضل التوقف عن استخدام الغاز والنفط والفحم، ستكون إسرائيل قادرة على الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها في قمة المناخ في العام الماضي، من أجل خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وسيحصل مواطنوها على هواء نظيف. ومن خلال خطة منظمة وتمويل واتفاق سياسي، يمكن إنجاز شبكة النقل من إسرائيل إلى دبي خلال ثلاثة أعوام فقط.
- في الساحة الدولية، يمكن أن نرى بشائر مشاريع شبيهة. فالصين أصبحت في مراحل متقدمة من بناء أطول خط بري في العالم، يبلغ طوله 3000 كيلومتر؛ ويوظف المغرب وبريطانيا في شبكة كهربائية تحت البحر، يبلغ طولها 3800 كيلومتر، تنقل الشمس من الصحاري المغربية إلى إنكلترا الملبدة بالغيوم. قد يبدو هذا حلماً، لكنه بالتأكيد يمكن أن يصبح واقعاً إقليمياً هنا.
- في الختام، اتفاق "المياه مقابل الطاقة" مع الأردن هو نقطة الانطلاق نحو عهد اقتصاد الطاقة المتجددة العابرة للحدود. مشروع كهذا، على خلفية زيارة رئيس الدولة إلى الإمارات، وإلى جانب اتفاقات أبراهام، يخلق فرصاً استثنائية تنتظرنا. يجب علينا ألّا نضيعها.