السبيل للضغط على طهران هو إعطاء ضوء أخضر لعملية عسكرية
تاريخ المقال
المصدر
- جولة المحادثات السابعة بشأن المسألة النووية بين إيران والدول الكبرى، والتي استؤنِفت قبل أيام في ڤيينا، واجهت منذ بدايتها نفقاً مسدوداً مع الموقف الإيراني المتصلب وغير المتساهل. الانطباع السائد أن ممثلي الغرب لم يدركوا خلال توقُّف الإيرانيين عن المفاوضات بسبب التغيُّر الحكومي في طهران أن ما يجري الآن لعبة جديدة ولاعبون جدد.
- لم يحاول أحد من أعضاء الوفد الإيراني، الذي وصل إلى ڤيينا والبالغ عدده 40 عضواً، توزيع الابتسامات المصطنعة، كما اعتاد أن يفعل وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، ولم يكلفوا أنفسهم إتقان لغات أجنبية. وتبدو عليهم كلّهم سِمات "روح القائد"، رئيس الوفد ونائب وزير الخارجية علي باقري كاني، الذي كان أحد أشد المعارضين للاتفاق النووي الأصلي، ويتقن اللغة الفارسية فقط.
- العنوان كان مكتوباً على الحائط منذ الجلسة الأولى. الأوروبيون قرأوا بياناً وضعه رئيس الوفد الأميركي روبرت مالي، صادراً عن الأميركيين الذين يقيمون بفندق مجاور، وإذا بالإيرانيين يقفزون من مكانهم كأن حية لسعتهم، قائلين: "الأميركيون ليسوا طرفاً في المحادثات"، وسارعوا إلى القول: "لا تتجرأوا على تهديدنا". المندوب الأوروبي اعتذر قائلاً: "أخطأنا، هذا لن يحدث مجدداً".
- السلوك الإيراني الهجومي فتح الطريق لتقديم 3 لاءات طهران: لا لاتفاق موقت (less for less)، ومعناه وقف جزء من الأنشطة النووية في مقابل رفع جزء من العقوبات؛ لا لاتفاق موسّع يشمل فرض قيود على إنتاج الصواريخ الباليستية، وعلى النشاطات التآمرية التي تقوم بها إيران في شتى أنحاء الشرق الأوسط؛ أيضاً لا لاتفاق لا يتعهد رفع العقوبات التي فُرضت عليها، بما فيها تلك التي لا علاقة لها بالاتفاق النووي.
- تجاهل الإيرانيون تجاهلاً مطلقاً الاتفاقات التي لا تناسبهم، والتي جرى التوصل إليها في الجولات السابقة مع ممثلي الدول الكبرى. وأصروا على أن علاقاتهم طبيعية مع كل دول المنطقة، وقدموا حجة لذلك الزيارة التي يقوم بها رئيس مجلس الأمن القومي الإماراتي إلى طهران اليوم (أنه لا حاجة إلى العقوبات). وحاولوا إثارة الخلافات بين الأوروبيين والأميركيين ("إذا تمسكتم بمواقفكم، فسيقتنع الأميركيون")، وحاولوا إثارة النزاع بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل (العمليات الإسرائيلية العلنية والسرية هدفها فقط إفشال المفاوضات").
- مع الأسف الشديد، بدأت هذه الحجج تتسرب إلى الأميركيين، فظهرت هنا وهناك تسريبات تقول إن السعي الإسرائيلي السري لعرقلة السباق الإيراني نحو القنبلة يزيد في إصرار طهران على تسريع العملية (كأن طهران تحتاج إلى "حوافز" سلبية للمضي قدماً).
- كل ذلك يجعل مهمة رئيس الموساد ديفيد برنياع ووزير الدفاع بني غانتس، اللذين سيزوران واشنطن هذا الأسبوع، أكثر صعوبة وتعقيداً. عليهما أن يوضحا للإدارة الأميركية أن إسرائيل لا تنوي وقف جهودها لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي بكل الوسائل. وعليهما أن يشرحا لإدارة بايدن - المشغولة حالياً بتهديدات روسيا بغزو أوكرانيا وتهديد الصين بغزو تايوان، وتريد التوصل بسرعة إلى حل للموضوع الإيراني - أن إيران تعي جيداً الوضع وتحاول استغلاله.
- بكلمات أُخرى، التهديدات الواهية لإدارة بايدن بأنها تنظر في استخدام الخيار العسكري لا تُقلق آية الله خامنئي الذي يعتقد أن الرئيس الأميركي لن يأمر بضربة عسكرية. من جهة أُخرى، رسالة أميركية واضحة مفادها إذا لم توقف إيران سباقها نحو القنبلة، فإن الولايات المتحدة ستعطي ضوءاً أخضر لإسرائيل للتحرك، وفي الوقت عينه نقل القاذفات الثقيلة، وإعطاء إسرائيل الذخائر القادرة على خرق التحصينات التي لم تكن لديها حتى الآن، كل ذلك يمكن أن يكون فعالاً ويشكل رادعاً أكبر بكثير.