التقدير بأن الأسد لم يعد راضياً عن حضور إيران المكثف في سورية ورد في المواد الاستخباراتية التي بحيازة إسرائيل
تاريخ المقال
المصدر
- التغييرات التي تجري في سوريةفي الفترة الأخيرة تنطوي على قدر كبير من الدراماتيكية. فبعد أن كانت سورية على مدى نحو عقد غارقة في حرب أهلية قاسية مضرجة بالدماء، قُتل وجُرح فيها مئات آلاف الأشخاص وفرّ الملايين من الدولة، عاد الرئيس بشار الأسد إلى سدّة الحكم وهو الآن يحاول فرض سيادته على الدولة حتى على الجهات التي ساعدته على طول الطريق، مثل إيران.
- إن خطوة الأسد هذه مثيرة للاهتمام في ضوء أنه مدين بالكثير للإيرانيين ولحزب الله. في بداية الحرب الأهلية تكبّد الأسد هزائمغير قليلة، لكن هرعت إيران وحزب الله، ولاحقاً روسيا، لنجدته وقادته إلى الانتصار. وبدأت إيران وحزب الله بالتدخل فيما يجري في سورية منذ سنة 2012 من خلال المشورة العسكرية ونقل الوسائل القتالية والمساعدة الاقتصادية، ومن خلال قوات مقاتلين وصلت إلى أراضي الدولة. ثم لاحظت روسيا أن ثمة فرصة سانحة للتأثير في المنطقة، وبدأت تضخ العتاد ووسائل القتال والقوات. ومن ناحية عملية أنقذ تدخُّل القوات الخارجية، وأساساً الروسية، نظام الأسد وأعاد سيطرته على الدولة.
- منذ سنة 2018 يعمل النظام السوري على إعادة فرضسيادته على الدولة وبناء الجيش السوري. صحيح أنه حتى الآن لم تعد كل المناطق التي كانت تحت سيادة الأسد قبل الحرب الأهلية إلى سيادته، لكنه يقوم بكل ما في وسعه لتحقيق ذلك. واعتاد الإيرانيون من ناحيتهم التدخل في سورية كما لو أنها لهم، وبدأوا في الأعوام الأخيرة يتموضعون عسكرياً في المكان ويقيمون بنية تحتية يُفترض أن تخدمهم في وقت الضرورة، بما في ذلك حيال إسرائيل أيضاً. كما أن الإيرانيين يستخدمون الأراضي السورية لمصلحة نقل وسائل قتالية متطورة إلى لبنان.
- ومع أن الأسد مدين لإيران بالكثير بسببالمساعدة التي تلقاها في لحظاته الصعبة، إلاّ إنه في الفترة الأخيرة كما يبدو لم يعد راضياً عن حضورها المكثف في دولته. هذا التقدير، الذي ظهر أيضاً في المواد الاستخباراتية التي بحيازة إسرائيل، أخذ تعبيراً علنياً الأسبوع الماضي مع قرار الأسد تنحية قائد القوات الإيرانية في سورية مصطفى جواد غفاري، بسبب ما وُصف بأنه "نشاط زائد وتآمُر على السيادة السورية".
- إن هذه التطورات تدل على أن المصالح السورية والروسية تتداخل بقدر ما مع مصالح إسرائيل. ومعروف أن هذه الأخيرة صعّدت في الفترة القليلة الماضية من وتيرة هجماتها في سورية كي تبعد الإيرانيين عن الدولة وكي تشوّش على عمليات نقل وسائل قتالية متطورة إلى الميليشيات الشيعية في سورية وإلى حزب الله في لبنان.
- مع ذلك، فحقيقة أن الأسد يبدو غيرراض عن الوجود الإيراني في سورية لا تحول دون أن يأمر جيشه بفتح النيران المضادة للطائرات ضد الطائرات الإسرائيلية التي تشن هجمات في سورية، وتُطلق خلال تلك الهجمات العشرات من صواريخ أرض – جو في اتجاه الطائرات الإسرائيلية. إن هذه النيران لا تمسّ حرية العمل الجوي لإسرائيل، ولكن تقارير سلاح الجو تشير إلى أنه مقارنة بما كانت عليه الحال في الماضي، فإن الردود السورية باتت أسرع، كما أن زمن رد السوريين على الهجمات أصبح أقصر بنحو 20%. كما تؤكد هذه التقارير أنه على الرغم من الصواريخ السورية المضادة للطائرات، فإن إسرائيل تنجح عملياً في إصابة الأهداف التي وضعتها بنفسها. إن الافتراض السائد هو أن الهجمات الإسرائيلية في الأراضي السورية سوف تستمر، وذلك بسبب الحاجة العملانية وبسبب تداخُل المصالح مع السوريين والروس وكذا في سبيل بعض التنفيس حيال الإيرانيين الذين يواصلون برنامجهم النووي ويقومون بتسويف محادثات العودة إلى المفاوضات بشأن الاتفاق النووي.
الكلمات المفتاحية