استيقظوا، إسرائيل تخسر يهود العالم
تاريخ المقال
المصدر
- دُعيت صبية يهودية مؤخراً إلى تناول العشاء مع أصدقائها من بروكلين في نيويورك. خلال العشاء، ولدى جلوس الشباب حول الطاولة، ونصفهم من اليهود، عبّروا عن مواقف معادية لإسرائيل بصورة واضحة. ونظراً إلى عدم تعاطُف الصبية معهم سألوها هل هي صهيونية. وعندما ردت بالإيجاب ساد الغرفة صمت ثقيل انتهى بالطلب من الصبية المغادرة.
- هذه القصة الصغيرة هي قصة كبيرة وواحدة من آلاف الحوادث اليومية التي تدل على العدائية حيال إسرائيل في أميركا، والآخذة في الازدياد إلى درجة أنها أصبحت خطِرة. في استطلاع للرأي أُجريَ في الربيع الأخير في الولايات المتحدة قال 34% من الذين شاركوا فيه إن "علاقة إسرائيل بالفلسطينيين شبيهة بالعنصرية في الولايات المتحدة"، و25% قالوا إن "إسرائيل دولة أبرتهايد". معنى ذلك أن ربع إلى ثلث الأميركيين يرون في إسرائيل كياناً غير شرعي. هذه هي الحقيقة المرّة: العديد من الشباب الأميركي اليوم لا يعارض الاحتلال ولا المستوطنات، لكنه يعارض الدولة اليهودية.
- بيْد أن المشكلة أكثر اتساعاً. فيهود الشتات، في أغلبيتهم الساحقة، ليسوا من اليهود المتدينين. وبعضهم يعتقد أن إسرائيل ضد معتقداته وقيَمه ونمط حياته. وفي الوقت عينه يشعر كثيرون من الشباب اليهود في العالم بأنهم لا يستطيعون التماهي مع إسرائيل بعد الآن بسبب سياستها في الضفة الغربية والطابع الديني الذي تُظهره.
- إسرائيل من جهتها تهمل هذه الساحة. خلال أعوام حكم بنيامين نتنياهو الطويلة لم تكن وزارة الخارجية تعمل كما يجب، ولم يكن هناك دعاية إسرائيلية خلاقة وناجعة. كما أن خضوع حكومات اليمين الكامل للأحزاب الحريدية أدى إلى تخلي إسرائيل عن العالم الليبرالي وإدارة الظهر ليهود الشتات.
- رئيس الحكومة نفتالي بينت ووزير الخارجية يائير لبيد، يجب أن تستيقظا. أنتما زعيمان شابان واعدان ومواطنان يهوديان لا ترغبان في خسارة الشعب اليهودي. لذا، أدعوكما إلى أن تَعِيا أن ما يجري اليوم في الجامعات الأميركية، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وفي التجمعات اليهودية في شتى أنحاء الكرة الأرضية، يهدد مستقبل المشروع الصهيوني.
- الذي أوصلنا إلى الوضع الحالي هو تضافُر ثلاثة مسارات مدمِّرة مختلفة. في الولايات المتحدة ابتعد التيار التقدمي- الراديكالي الجديد كثيراً عن القيم التي تميز بها الحزب الديمقراطي التقليدي. وهو لم يعد يعتبر اليهود جزءاً من تحالف-الأقليات، بل مجموعة بيضاء ذات امتيازات. ولا يعتبر إسرائيل واحة للحريات، بل دولة عنيفة وعنصرية وكولونيالية.
- في المقابل، شهدت اليهودية في العالم تغيراً عميقاً. بالنسبة إلى جيل أهلي، كانت إسرائيل مقدسة، وكانوا مستعدين للقيام بأي شيء لضمان وجودها وازدهارها. لكن لدى جيل أبنائي وجيل أحفادي الوضع تغير تغيراً مطلقاً. ضعف التعليم اليهودي، وانكفاء ذكرى المحرقة، وخيبة الأمل بالطريقة التي تتعامل فيها إسرائيل مع اليهود غير المتدينين، كلها أمور أدت إلى شعور عميق بالنفور.
- من ناحية أُخرى، التيار المحافظ - اليميني في إسرائيل ابتعد كثيراً عن القيم الصهيونية المستنيرة وعن التزاماته حيال ملايين اليهود غير المتدينين في أنحاء العالم. لقد قامت إسرائيل بنفسها بسحق تحالفها الجوهري مع أميركا وتحالف الأخوّة مع يهود الشتات.الإصرار على استمرار السيطرة على الفلسطينيين، والبناء في المستوطنات، وإقصاء اليهود الإصلاحيين والمحافظين خدم أعداء إسرائيل. الحلف غير المقدس بين متطرفين من اليمين في إسرائيل وبين متطرفين من اليمين في أميركا وأوروبا يخلق حالياً حركة مقص ويشكل أخطر هجوم على إسرائيل رأيته في حياتي.
- حضرة رئيس الحكومة ورئيس الحكومة المناوب، عليكما المبادرة وإصلاح كل ما خُرِّب في مرحلة نتنياهو. وكما أثبتت سابقة شركة البوظة بن أند جيريز، الخطر قريب ومباشر. وكما أثبت عشاء الصبية اليهودية في بروكلين، الجو مسموم. الزيارة الحالية التي يقوم بها رئيس الحكومة إلى واشنطن وتعيين سفير جديد في الولايات المتحدة يجب استغلالهما للبدء فوراً بهجوم يهودي إسرائيلي صهيوني مضاد، ويجب أن يكون موضوع الدعاية الآن في رأس الأولويات الوطنية.
- قبل كل شيء، يجب على إسرائيل احتضان الشعب اليهودي في الشتات واستئناف عملية السلام. ويتعين عليها أيضاً تعبيد الطريق إلى قلوب أبناء الألفية الثالثة من الأميركيين ومن اليهود. وإذا لم تفعل ذلك، فإن وباء العداء لإسرائيل سيتصاعد وسيخرج عن السيطرة. وإذا واجهت الشراكة الأميركية –الإسرائيلية أزمة فإن إسرائيل أيضاً ستكون في أزمة. يتعين على بينت ولبيد بذل كل ما في وسعهما لمواجهة هذا التحدي الكبير وعليهما القيام بذلك الآن.