العنوان هو غزة وليس بيروت
تاريخ المقال
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية
تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.
- بعد أعوام طويلة من الهدوء عادت السخونة إلى الحدود اللبنانية. إسرائيل أمام منحدر زلق يمكن أن يعقّد المواجهة مع طرف ليس هو بالضبط المسؤول مباشرة عن تسخين المنطقة.
- صحيح أن صلية الصواريخ في اتجاه الشمال نفّذها حزب الله، لكنها كانت رداً على الهجوم الواسع الذي شنه سلاح الجو في جنوب لبنان (5 آب/أغسطس) رداً على إطلاق الصواريخ 3 مرات في اتجاه إسرائيل.
- حتى لو كان الرد الإسرائيلي هو العمل الصحيح، لكنه ليس في المكان الصحيح، وهو في الأساس ليس موجهاً ضد الأطراف الصحيحة. مَن وقف وراء إطلاق الصواريخ، الذي جرى لأول مرة خلال عملية حارس الأسوار، هي جهات فلسطينية، وتحديداً خلايا تابعة لـ"حماس" في جنوب لبنان. يدل هذا الأمر على تغيير عميق يجري في العقيدة القتالية للحركة التي توسع عملياتها لأول مرة منذ قيامها خارج الساحة الجغرافية المحلية إلى حدود دولة عربية مجاورة، بما يشبه عمليات منظمة التحرير الفلسطينية في الستينيات والسبعينيات.
- هذا التوجه ناجم عن سببين، السبب الأول عملاني - فمنذ حرب غزة في أيار/مايو 2021 تلاقي "حماس" صعوبة في شن عمليات ضد إسرائيل من أراضي القطاع، مثل إطلاق بالونات حارقة، وبالتالي تعريض نفسها لرد إسرائيل وتخريب عملية إعادة إعمار غزة. نقل ساحة القتال إلى لبنان يمنح "حماس" نوعاً من "قبة حديدية" في مواجهة رد إسرائيلي.
- السبب الثاني هو سبب استراتيجي. فمنذ عملية حارس الأسوار تبنّت "حماس" عقيدة تسعى لتصدير النزاع من الإطار المحلي إلى الإطار الأوسع، أي نحو مواجهة إقليمية تكون فيها "حماس" حجر الأساس لمنظومة "المقاومة" في الشرق الأوسط وتخوض نضالها باسم رموز قومية، مثل الصراع على القدس.
- هذا تطور خطِر يدل على تغيير في فكرة المقاومة لدى "حماس" فكم بالأحرى في ضوء المعطيات الحالية لتفكُّك الدولة اللبنانية وضعف القوى المركزية هناك.
- هذا الواقع سيحول لبنان إلى ساحة فوضى شبيهة بما تحولت إليه سورية منذ نحو عشرة أعوام، ويخلق ظروفاً على الأرض تسمح لـ"حماس" بالمضي قدماً في تحقيق "منطق" توسيع عملياتها العملانية والاستراتيجية خارج ساحة غزة.
- صحيح أنه ليس واضحاً حتى الآن ما إذا كانت عناصر من القطاع هي التي توجه عمليات الخلايا التي تطلق الصواريخ من لبنان، لكن الانطباع هو أنه سيكون من الصعب على إسرائيل، وخصوصاً في ضوء تطور الأوضاع في هذا البلد، وقف عملية تسخين المنطقة بواسطة مراسلات عسكرية وسياسية مع حزب الله وحكومة لبنان.
- العنوان الحقيقي لمعالجة ما يجري هو تحديداً حركة "حماس" في قطاع غزة. بواسطتها يمكن شد خيوط الدمية وأذرعتها الموجودة في لبنان. من هذه الناحية إسرائيل بحاجة إلى وضع معادلة جديدة مفادها أن عدم الهدوء في الشمال سيُرَد عليه بعدم هدوء في القطاع. هنا يكمن المركز العصبي السياسي والاجتماعي والتنفيذي لـ"حماس".
- أي منطق آخر يعتمد على ردود غير ناجعة وغير محددة في الأراضي اللبنانية هدفها "التلميح" إلى طرف غير قادر على العمل في الظروف السائدة في هذا البلد سيكون وصفة أكيدة لتحويل شمال لبنان إلى ساحة للمواجهة الدموية المقبلة.